السبت، 3 سبتمبر 2011

(6) صفة خلق حواء: هداية الحيارى الباب الأول

(6) صفة خلق حواء: هداية الحيارى الباب الأول
صفة خلق حواء
قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1}
يقول الله تعالى آمراً خلقه بتقواه، وهي عبادته وحده لا شريك له، ومنبها لهم على قدرته التي خلقهم بها من نفس واحدة، وهي آدم عليه السلام ( وخلق منها زوجها ) وهي حواء عليها السلام خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه، وهو نائم، فاستيقظ فرآها فأعجبته، فأنس إليها، وأنست إليه.
قال ابن عباس:
( خلقت المرأة من الرجل، فجًعلت نهمتها فيه، وخلق الرجل من الأرض فجًعل نهمته في الأرض، فاحبسوا نسائكم) تفسير ابن كثير ج 1 ص 424
وفي الحديث الصحيح: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
{ إن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن استمتعت بها، استمتعت بها وفيها عوج ) تفسير ابن كثير ج1 ص 424ح
ومما بلغنا عن أهل الكتاب:
إن الله ألقى السنّة على آدم فنام، فأخذ ضلعا من شقه الأيسر، ولأم مكانه لحما، وآدم نائم، لم يهب من نومه، حتى خلق الله من ضلعه تلك زوجته حواء، فسواها امرأة ليسكن إليها، فلما كُشف عن آدم السنّة، وهب من نومه، رآها إلى جنبه، فقال فيما يزعمون والله أعلم لحمي ودمي وزوجتي، فسكن إليها ) تفسير ابن كثير ج1 ص 76
ومما حكاه السدي عن ابن عباس:
أُخرج إبليس من الجنة، وأُسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وحشيا، ليس له زوج يسكن إليه، فنام نومه، فاستيقظ، وعند رأسه امرأة قاعدة، خلقها الله من ضلعه، فسألها منْ أنت ؟ قالت: امرأة. قالت الملائكة _ ينظرون ما بلغ من علمه ما اسمها يا آدم ؟! قال: حواء، قالوا: ولما حواء؟! قال: إنها خلقت من شئ حي. تفسير ابن كثير ج 1 ص 76.
وفي الصحيحين من حديث زائدة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
{ استوصوا بالنساء خير، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا } البداية والنهاية: ابن كثير ج1 ص 25.
ومن هنا يتضح لنا أن حواء عبارة عن جزء، خلق من الكل ألا وهو آدم عليه السلام- وأن آدم خلق من التراب، أما حواء فخلقت من شئ حي نابض بالحياة، ألا وهو آدم، فحواء خلقت من احد أضلع آدم عليه السلام وصورها الله تعالى في جسم أنثى، كما اقتضت مشيئته تعالى أن يخلق آدم من تراب، ويصوره رجلا.
هذا ويرى د/ محمد وصفي رأيا آخر في مسألة خلق حواء:
فهو يرى أن حواء خلقت من نفس العناصر التي خلق منها آدم، وأن نفسها نفس إنسانية، فهي من الجنس البشري وليست من جنس الملائكة أو الجن أو الحيوانات، فالله خلق زوج آدم من نفس آدم، كما خلق لنا من أنفسنا أزواجا قال تعالى: [وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ] {الرُّوم:21}
أما ما يتعلق بالأحاديث النبوية الشريفة: التي ترى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، فيرد على ذلك بقوله: إنها ذات معنى مجازي، وهو أن المرأة قد خلقت أنثى لها الخليقة والعقلية والنفسية الخاصة بأنوثتها، والتي يعتبرها البعض شذوذا أو انحرافا، إذا حاول مقارنتها بالصفات المميزة للرجولة. الموسوعة الذهبية للعلوم الإسلامية: مرجع سابق ج1 ص 434
وجاء في العهد القديم فيما يخص خلق حواء ما نصه:
[ فأوقع الرب الإله سُباتا على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلعه، وملأ مكانها لحما، وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم. ] سفر التكوين: - 20 21 22
وفي عقيدة الهندوس يُقال:
[ إن الإله براهما خلق جسما عملاقا وعملاقة متعانقين ثم نفخ في الجسم العملاق، فإذا به ينشق نصفين: نصفا لرجل، ونصفا لامرأة، واجتمع الزوجان، وكان من نسلهما البشر] كتاب الهندوس المقدس: هنوسمرتي النص 32 ص 20
هذا ما ورد في خلق حواء عليها السلام وبعض أوجه الخلاف حول خلقها، ولكن مهما يكن من أمر، فهي أول امرأة خلقها الله سبحانه وتعالى وثاني المخلوقات بعد آدم عليه السلام وهي لذلك تُعتبر أم البشر جميعا، مثلما آدم أبو البشر جميعا، ولقد خلقها الله جل وعلا لكي تؤنس آدم في الجنة، ومن نسلمها تكون البشرية، وتعمر الأرض بهم.
كما أن الخلاف حول خلق حواء لا مسوغ له، وذلك لأنه لا اجتهاد مع وجود نص، ولدينا أكثر من حديث صحيح يؤكد أن حواء خلقت من أحد أضلع آدم عليه السلام وبالتالي فلا مبرر لذلك الخلاف، كما لا يجوز حمل الأحاديث على غير معناها بالقول أنها ذات معنى مجازي فحواء جزء من آدم، ومن الطبيعي أن يحمل الجزء صفات الكل، ومن هنا تكن العناصر التي خلقت منها حواء هي ذات العناصر التي خلق منها آدم، وكذلك الروح التي في جسد آدم هي ذات الروح التي في جسد حواء، وعلى ذلك فالخلاف لا أصل له، فغصن الشجرة يحمل نفس الصفات التي تشتمل عليها الشجرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق