السبت، 27 أكتوبر 2012

ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:الباب الثالث: الإسلام والمرأة


الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -
وفي عرضنا هذا نقرر أننا لن نقدم ترجمة لأمهات المؤمنين – رضي الله تعالى عنهن – ولكننا سنتناول الظروف، التي أحاطت بزواجهن من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – حتى نقف على الأسباب الحقيقة من زواجه – صلى الله عليه وسلم – منهن، لنرى أكانت تلك الزيجات مبنية على أساس من شهوة الجسد؟! أو تسلط الغريزة ؟! أم لا؟! وبذلك تستبين الصورة أمام أولئك الحاقدون، الذين لا يتركون فرصة للطعن في شرف الرسالة والرسول – صلى الله عليه وسلم – ولكن قبل ذلك العرض تعالوا بنا نتذكر بعض الحقائق التي لا مجال للطعن فيها.
تعالوا بنا  نتأمل مراحل حياة الرسول - صل الله عليه وسلم –الزوجية، معتمدين على سلاح العقل لا التعصب الأعمى أو الحقد الدفين، فإننا سنجد أنفسنا أمام حقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وهي، اختفاء ما يُسمى بشهوة الجسد من حياته – صلى الله عليه وسلم – حيث لن نجد لها أثر يُذكر في حياته الزوجية،لنتأمل النقاط التالية :
·   الرسول - صل الله عليه وسلم - منذ نشأته و حتى سن الخامسة والعشرين من عمره كان أعزبا.
·    الرسول - صل الله عليه وسلم من سن الخامسة والعشرين  إلى سن الخمسين (فترة النضج والفحولة الجنسية)  كان متزوجا من  سيدة أكبر منه بخمسة عشر عاما ومتزوجة من قبله برجلين ولها أولاد منهما.
·   الرسول - صل الله عليه وسلم -  عاش من سن الخمسين إلى سن الاثنين والخمسين من غير زواج حزنا وفاء لزوجته الأولى السيدة/ خديجة – رضي الله عنها -
·   الرسول - صل الله عليه وسلم - من سن الاثنين والخمسين إلى سن الستين تزوج عدة زوجات لأسباب سياسية ودينية واجتماعية سيأتي تفصيلها فيما بعد
·   الرسول - صل الله عليه وسلم –  بعد وفاة زوجته الأولى بعامين يتزوج بأخرى تبلغ من العمر ثمانون سنة، بينما هو عنده اثنين وخمسين سنة، وهي أم المؤمنين/ سودة بنت زمعة – رضي الله تعالى عنها –
بالعقل إذان :
- أيُعقل أن شهوة الجسد  ظهرت عليه فجأة بعد سن 52 سنة؟!
- أيُعقل أن رجلا محب للزواج والنساء أن يتزوج في فورة شبابه من ثيب تزوجت مرتين قبله؟! ويمكث معها 25 سنة من غير أن يتزوج بغيرها؟! ثم يمكث سنتين من غير زواج وفاء وتكريما لها؟!
- أيُعقل أنه رجلا قد غلبت عليه شهوة الجسد أن يتزوج بعد وفاة زوجته الأولى من امرأة قد بلغت من العمر ثمانين سنة؟! كما فعل – صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة السيدة خديجة تزوج من السيدة سودة وكان عمرها (80) سنة حيث كانت أول أرملة في الإسلام؟! - وأراد عليه الصلاة والسلام أن يكرمها ويكرم النساء اللواتي مثلها حيث ابتدأ بنفسه ولم يأمر صحابته بزواجها , بل هو عليه الصلاة والسلام قام بتكريمها بنفسه ليكون هذا العمل الإنساني قدوة من بعده؟!
من ذلك العرض ندرك أن زواج  الرسول - صل الله عليه وسلم – قد مر بمرحلتين هما:
- محمد الرجل (تزوج بالسيدة خديجة)
- محمد الرسول (تزوج باقي نسوته)
(1) أم المؤمنين/ خديجة بنت خويلد – رضي الله تعالى عنها - :
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب . وكانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة . وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمرو وذكر الطبراني : أنها ولدت لعتيق هند بن عتيق ، ثم خلف عليها أبو هالة مالك بن بناش فولدت له هندا " وهالة . فهند بن عتيق بن عابد ، وهند وهالة ابنا أبي هالة مالك بن بناش . أخو ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خديجة بنت خويلد . من أمهم ( 1 ) رواه الطبراني  :مجمع الزوائد 219/9  الاستيعاب / ابن عبد البر 280 / 4
وروي عن ابن عباس أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب ، فلم يتركن شيئا " من إكبار ذلك العيد إلا أتينه . فبينما هن في عيدهن تمثل لهن رجل ، فلما صار منهن قريبا " نادى بأعلى صوته : يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد . يبعث برسالة الله . فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا " فلتفعل . فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له ، وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء ( 2 ) الطبقات الكبرى ابن سعد 15 / 7 ، الإصابة ابن حجر 60 / 8

وروى عن نفيسة بنت مُنْيَة أنها قالت : كانت خديجة ذات شرف ومال كثير ، وتجارة تبعث إلى الشام فيكون غيرها كعامة غير الشام ، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وعشرين سنة . وليس له اسم بمكة إلا الأمين ، أرسلت إليه خديجة بنت خويلد تسأله الخروج إلى الشام في تجارتها مع غلامها ميسرة وقالت : أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك . ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله . وخرج إلى سوق بصرى فباع سلعته التي أخرج . واشترى غيرها . وقدم بقا فربحت ضعف ما كانت تربح . فأضعفت لرسول الله صلى الله عليه وآله ضعف ما سمت له ، فم أرسلتني إليه أعرض عليه نكاحها ففعل ( 3 ) الطبقات الكبرى: لأبن سعد 7/16
وروى صاحب الإصابة : إن سبب رغبتها فيه صلى الله عليه وآله وسلم . ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهد من علامات النبوة ومما سمعه من بحيرا الراهب في حقه ( 4 ) الإصابة: 8/60
وقال صاحب الاستيعاب : وكانت خديجة إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة ( 5 ) الاستيعاب: 4/280
وقال أبو عمر : وأجمع أهل العلم أن خديجة ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات هن : زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم ، وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم . وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم . وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم ، وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا " يسمى الطاهر . وقال بعضهم : ما نعلمها ولدت له إلا القاسم وولدت له بناته الأربع ، وقيل : ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم . القاسم وبه يكنى وعبد الله وهو الطيب والطاهر وولدت له بناته الأربع .
قال ابن حجر : " إن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ كانت ذات شرف وجمال في قريش، وإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج في تجارة  لها ـ رضي الله عنها ـ إلى سوق بصرى، فربح ضعف ما كان غيره يربح . قالت نفيسة أخت يعلى بن أمية : فأرسلتني خديجة إليه دسيساً (خفية)، أعرض عليه نكاحها، فقبل وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، والذي زوجها عمها عمرو لأن أباها كان مات في الجاهلية، وحين تزوجها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت أيماً بنت أربعين سنة، وكان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها، فآثرت أن تتزوج برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصابت بذلك خير الدنيا والآخرة " ..
قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة
فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان،
فاطلع الراهب إلى ميسرة
فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة؟
فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي.
ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته - يعني تجارته - التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح.
وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعرض عليه الزواج منها , وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهن شرفاً، وأكثرهن مالاً، كل قومها كان حريصاً على ذلك منها لو يقدر عليه.
ولنتركْ نَفِيسَة بنت مُنْيَة تروي لنا قصة زواج النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- من السيدة خديجة -رضي الله عنها-.
قالت نَفِيسَة: كانت خديجة بنت خُوَيْلِد امرأة حازمة، جَلْدَة، شريفة، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وكل قومها كان حريصاً على نكاحها لو قَدِر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دَسيساً إلى محمّد -صلّى الله عليه وسلَّم- بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: محمّد! ما يمنعك أن تتزوَّج؟
فقال: (مَا بِيَدي ما أَتزوَّجُ بِهِ).
قلت: فإن كُفِيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تُجيب؟
قال: (فَمَن هي ؟).
قلت: خديجة.
قال: (وَكَيفَ لي بِذَلك ؟).
قلت: عليَّ.
قال: (فأنا أَفْعلُ).
قالت نفيسة: فذهبتُ فأخبرت خديجة، فأرسلت إليه: أنِ ائتِ لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمَّها عمرو بن أسد لِيزوِّجها فحضر - لأن أباها مات قبل حرب الفِجار -.‏
 فلما قالت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-  ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام.
قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت، وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة.
أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة
وهنا نتساءل: منْ الذي سعى إلى الزواج من الآخر؟! الصادق الأمين :الذي بلغ الخامسة والعشرين من عمره، وقد انصرف عن عذارى مكة، وزهرات بني هاشم النضرات؟! أم السيدة/ خديجة بنت خويلد – رضي الله تعالى عنها – أوسط نساء قريش نسبا، وأجلهن شرفا، وأكثرهن مالا، التي تبلغ من العمر أربعين عاما، وتكبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بخمسة عشر عاما؟!
السيدة/ نفيسة : ما يمنعك من أن تتزوج ؟!
 فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم كان شاباً في الـ25 : ما بيدي لأتزوج به .
 قالت : فإن كفيت كذلك ، ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ، فقالت له : ألا تجيب ؟!
 قال- صلى الله عليه وسلم - : فمن هي ؟!
 قالت : خديجة ؟!
 قال – صلى الله عليه وسلم - : ومن لي بذلك ؟! يعني كيف يمكن ؟! فقالت : علي ذلك.
فهذه المرأة النفيسة ساهمت في تقريب وجهات النظر بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبين السيدة/ خديجة ، حيث قامت – رضي الله عنها – بعرض نفسها على النبي – صلى الله عليه وسلم - فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: "يا ابن العم ، إني قد رغبت فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك ، وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها"
فالسيدة/ خديجة – رضي الله تعالى عنها – هي التي سعت إلى ذلك الزواج،بعد تمرسها لصدقه وأمانته – صلى الله عليه وسلم – فقد سمعت من غلامها ميسره ما يؤكد أنه فوق كل ريبة، ومن أنه – صلى الله عليه وسلم – يجلُب الخير بين يديه، فهو لم يصادف في معاملاته صادق كهذا الصادق، ولا أمينا كهذا الأمين، ولا شريف كهذا الشريف.
ومن هنا تحركت الرغبة في نفسها، فشكت ما ألم بها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه،  التي أسرعت من فورها إلى الصادق الأمين، تطلب منه أن يُبادر بخطبة خديجة بنت خويلد قائلة له: فإن دُعيت إلى الجمال والمال وكفاءة ألا تُجيب؟! فيوافق – صلى الله عليه وسلم – وتتم الخطبة، ثم الزواج ويعيشان سويا خمسة عشر عاما لم يُفكر خلالها بالزواج من غيرها رغم أنها كانت تكبره بخمسة عشر عاما، وهو لا يزال في فورة النضج والشباب، ورغم أن تعدد الزوجات كان معترفا به دون تحديد عدد لهن، أمثله – صلى الله عليه وسلم – بعد كل ذلك يُتهم بذلك الاتهام من أعداء الإسلام؟!

الجمعة، 19 أكتوبر 2012

أولا: الرد على تمكن شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – (4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: الباب الثالث: الإسلام والمرأة


الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
أولا: الرد على تمكن شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
يحاول الحاقدون من أعداء الإسلام الطعن في تعدد زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – استمرارا منهم لمسلسل العداء، الذي لم ولن ينتهي، نظرا لأن ذلك العداء قد بني على أساس من حقد دفين قد غُرس في القلب، وتمكن منه، فأصبح لا يبُصر الحق إلا مكسو في ثياب الباطل، ولذا جاءت الكلمات الباطلة مستمدة من ذلك الحق والكيد والغل، فهم لا ينظرون إلى الأمور نظرة مجردة عن الأهواء، تعتمد على إجلاء الحقيقة، ولكن ينظرون إليها من خلال ما نمى وسيطر على قلوبهم من أحقاد وكيد وغل، فكلما رأوا مكرمة تميز بها الإسلام، عمدوا إلى تشويهها، وتلفيق التهم حولها، إرضاء لما تمكن بقلوبهم من ميراث العداء إلى الإسلام المفترى عليه، والذي سيظل صرحا شامخا، لا ينال منه حاقد، بفضل الحقائق، التي يعتمد عليها، وبفضل حماية ورعاية وعناية وحفظ الحق – تبارك وتعالى – له: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (1) الحجر: 9
فماذا يقول أعداء الإسلام، وماذا يلفقوا من تهم، حول تعدد زوجات الرسول – صلى الله عليه وسلم - ؟!!!!!!!!!
يرى هؤلاء الحاقدون أن شخصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد غلبت عليها شهوة الجسد، لذا فقد بنى بتسع نساء، أي أنه قد زاد في عدد زوجاته عن أربع – هذا هو الاتهام الموجه الآن إلى شخص حامل الرسالة الإسلامية، فإذا أتت ثماره بالتشكيك في شخصه، سهل التشكيك فيما جاء به.
 فتعالين بنا نرى ذلك الاتهام، وذلك الافتراء، الذي يجعل من الرسول – صلى الله عليه وسلم – المنزه عن شائبة، يجعل منه رجلا قد غلبته شهوته الجنسية فاستحل لنفسه ما حرم على غيره، وبالتالي يكون قد فقد مصداقيته، فلا يجوز إتباعه، هذا ما ذهب هؤلاء الأفاقون، و إليه زعموا، وإلى ذلك هدفوا.
ولسوف نرد على هؤلاء الأفاقون من خلال النقاط التالية:
أولا: الرد على تغلب شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -
أولا: الرد على تمكن شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
وبداية نُقرر أننا لسنا بأهل لندافع عن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – فالدفاع لا يجوز إلا عن متهم أو مشبوه وهو – صلى الله عليه وسلم – فوق كل اتهام أو ريبة، ويكفيه نعت الحق – تبارك وتعالى – له بأنه على خُلق عظيم، ونعت السيدة/ عائشة – رضي الله عنها – له بأن خُلقه كان القرآن الكريم، ونعت أعداءه من المشركين له، بأنه: الصادق الأمين، فهو الذي لا ينطق عن الهوى، وهو الذي كان قرآنا يمشي على الأرض.
 وإننا لسنا للدفاع عنه – صلى الله عليه وسلم – بأهل، لقصر خطواتنا عن السير في دربه وهداه، ولكن حبنا له، ولإسلامنا جبر ذلك النقص عندنا.
(أ) حياة ومعيشة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -
فلنبدأ بزعمهم أن شهوة الجسد قد غلبت عليه – صلى الله عليه وسلم -
لنرى من خلال تتبعنا لزيجاته – صلى الله عليه وسلم – أنه لم يتزوج إلا بكر واحدة ألا وهي السيدة/ عائشة – رضي الله عنها – بينما باقي الزوجات كن ثيبات.
بل إن أكثرهن ليس فيه ما يطمع إليه الباحث عن الشهوة أو اللذة فأغلبهن قد تقدمت بهن السن، لدرجة جعلت البعض منهن يتملكه العجب عندما سمع بخبر خطبته – صلى الله عليه وسلم – للبعض من نسائه، وهذا ما سيتضح عند تناولنا لزواجه – صلى الله عليه وسلم – من كل واحدة منهن، ولكن قبل ذلك تعالين بنا نرى كيف كان يعيش الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – لندرك أمثلِه يمكن أن تغلب عليه شهوة الجسد أم لا؟!
- فلنسمع لقول السيدة/ عائشة - رضي الله عنها – حين تقول:
" ما شبع محمد من خبز الشعير ثلاث ليال تباعا حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى "
- وقولها:
" كان الهلال يمر والهلال يمر والهلال يمر ولا يوقد في بيت محمد نار "
قالوا:
" فما كان طعامكم أهل البيت؟! قالت: هذين الأسودين: التمر والماء؟! "
- أضف إلى ذلك ما رواه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حيث قال:
" لقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يظل اليوم يتلوى لا يجد من الدقل ما يملأ بطنه "
- وما ذكره أبو موسى حيث قال:
" أخرجت لنا السيدة/ عائشة – رضي الله عنها – كساء ملبد، وإزارا غليظا، فقالت: قُبض رسول الله في هذين"
- كما ذكرت:
" إنما كان فراش الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي ينام عليه آدم حشوه ليفا "
فبالله عليكم ذلك النبي الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – الذي تلك حياته، وذاك طعامه وشرابه، وذلك فراشه، ذلك الرسول الذي كان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، يمكن أن يُقال عنه أن شهوة الجسد قد غلبته، أو تلاعبت به ؟!
ذلك الرجل يمكن أن يكون موضع شك؟! أو اتهام ؟! ذلك الرجل يمكن أن يكون خاضعا لهواه ؟!
أقول بملأ فمي أن ذلك الأمر، وذلك الكلام ليس له غير رد واحد يتمثل في الرفض، والنفي القاطع الذي لا ريب فيه.
فبيت الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يرفُل في الزهد، والحاجة، وحياته لم تكن تعرف ما يسمى بالترف، أو الزينة، فقد بيته حجرات متراصة شُيدت بجوار المسجد من اللًبن وسعف النخيل، وضع فيها فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أُسدل ستار من الشعر، بل أكثر من ذلك ما روته العروس البكر الوحيدة التي تزوج بها – صلى الله عليه وسلم – وهي تصف ليلة عرسها، فتقول السيدة/ عائشة – رضي الله عنها -:
" ثم أدخلتني ورسول الله جالس على سرير في بيتنا، فأجلستني في حجره، وقالت: هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهن، وبارك لهن فيك، ووثب القوم والنساء فخرجوا وبنى بي رسول الله في بيتي، ما نُحرتْ عليً جزور، ولا ذُبحت شاة،وأنا يومئذ ابنة تسع سنين، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرُسل بها إلى رسول الله، حُمل إلينا قدح من لبن فشرب منه – صلى الله عليه وسلم- منه، ثم تناولته فشربت منه "
أمِثل ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – يمكن أن تغلب عليه شهوات كما يزعم الجهلة.؟!
(ب) عزوف الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عن الزواج:
نقطة أخرى تثبت نزاهة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عن كل شائبة أو شائعة، كما تُثبت كذب وافتراء أصحاب الحقد من أنه كان ذا شهوة متحكمة فيه أو مسيطرة عليه.!
إذا كان الصادق الأمين مثل ما يزعم الأفاقون؟! فكيف به يرضى بزواج السيدة/ خديجة – رضي الله عنها – وهي تكبره في العمر بخمس عشرة سنة؟! وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا لم يتزوج بالعذارى والأبكار من بنات قريش، وقد كان موضع حب وتقدير الجميع منهن؟! وإذا كان كذلك فكيف به لا يتزوج على السيدة/ خديجة – رضي الله عنها – وقد بقي معها خمس عشرة سنة حتى بلغ سن الأربعين وهي الفترة التي تبلغ فيها الشهوة أوجها وتوقدها؟! وإذا كان كذلك  فلماذا لم يفكر في الزواج بعد وفاتها – رضي الله عنها – وقد مضت الأيام دون أدنى إشارة منه لذلك الموضوع، ولم يفكر فيه حتى فاتحته السيدة/ خولة بنت حكيم في أمر الزواج؟! أفبعد ذلك يمكن القول بأن الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – كان ذا شهوة جسدية متسلطة؟!
 (ج) العرب وتقدير روابط النسب والمصاهرة:
 أما ما يخص الزعم بأن الصادق الأمين قد تزوج بتسع نساء، أي أنه قد زاد في عدد زوجاته عن أربع ،وأن ذلك له علاقة بشهوة الجسد، فذلك أيضا محض افتراء، وادعاء لا أساس له من الصحة، نظرا لأنه لا يعتمد على دليل، وإنما على حقد دفين فكيف ذلك؟!
لقد جاء الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – إلى مجتمع جاهلي، يُقدر أكثر ما يُقدر روابط الأنساب والمصاهرة والولاء بين الأُسر والبيوت، مجتمع يُقدس العصبية القبيلة، فروابط الدم فيه هي الأساس، وهي المقياس ومن منطلق ذلك المبدأ نجد العديد من زيجات الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – تندرج تحت ذلك المبدأ. كيف ؟!
كان زواج الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – من السيدة/ حفصة، والسيدة/ أم سلمة، والسيدة/ جويرية، والسيدة/ رملة والسيدة/ ميمونة، كان زواجه منهن جميعا يندرج تحت ذلك المبدأ، وهذا ما سنراه واضحا وجليا عند الحديث عن زواجه – صلى الله عليه وسلم – من كل منهن، ولسوف نُشير إلى ذلك في عجالة سريعة فخير الكلام ما قل ودل.
(1) السيدة/ حفصة:
فلا يُخفى على أحد بنت منْ هي؟! فهي بنت الفاروق بن الخطاب، ولا يخفى على أحد منْ هو؟! وأية مكانة في قومه مكانته؟! وكيف كانت قوته وشجاعته؟! لدرجة جعلت الرسول – صلى الله عليه وسلم – يتمنى دخوله في الإسلام، فقد كان يرى في دخوله عزا للإسلام، فكان يقول في دعائه:" اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين: العمر بن هشام ( أبو جهل ) أو عمر بن الخطاب "
أليس في زواجه – صلى الله عليه وسلم – من حفصة بنت عمر بن الخطاب ما يقوي الروابط بينهما، ويجلب العزة للإسلام، ويدعم الصلة بينهما، تلك الصلة التي جعلت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يحسو التراب على رأسه، عندما سمع بخبر طلاق ابنته من الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقد كان يردد: "ما يعبأ الله بعمر وابنه بعدها؟!"
لدرجة جعلت الأمين جبريل – عليه السلام – ينزل إليه – صلى الله عليه وسلم – قائلا: " إن الله يأمرك أن تُراجع حفصة بنت عمر رحمة بأبيها "
(2) السيدة/ أم سلمة:
أما السيدة/ أم سلمةبنت أبي أمية بن المغيرة المشهور بزاد الراكب، ولا يخفى على أحد منْ هو أميه بنت المغيرة؟! فقد كان أجود رجال قريش المشهورين بالكرم، فقد كان لا يترك أحد يرافقه في سفره، ومعه زاد ، حيث تكفيه رفقته لأميه، ولا يخفى على أحد منْ هي أم أم سلمة؟! فهي بني فراس الأمجاد، وكان جدها علقمة يُلقب بجذل الطعان، فهي بذلك عريقة المنبت؟!
(3) السيدة/ جويرية بنت الحارث:
أما السيدة/ جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، فلا يخفى على أحد منْ هو أبوها؟! فقد كان سيد قومه، وقائد جيشهم، ألا وهم بني المصطلق، ولقد ترتب على زواج الصادق الأمين منها، أن دخل أبوها وقومها في الإسلام، بعد أن أطلق المسلمون سراحهم لأنهم أصهار رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
(4) السيدة/ رملة بنت أبي سفيان:
أما السيدة/ رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب سيد قريش، وأوسعها نسبا وغنى حتى أنه وهو لا يزال على الشرك، عندما ذهب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليجدد العهد بعد نقض قريش لصلح الحديبية، أول ما نزل نزل عليها، وقد كانت مؤمنة، وهو مشرك، ولكن كان العرب يقدرون الأنساب، وروابط المصاهرة.
(5) السيدة/ ميمونة بنت الحارث:
أما  السيدة/ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، فلا يخفى على أحد مدى شرف ورفعت نسب أمها: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، التي لعظم نسبها بين نساء العرب، كان يُقال فيها: " أكرم عجوز في الأرض أصهارا هند بنت عوف أصهارها: رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر الصديق، وحمزة والعباس ابنا عبد المطلب، وجعفر وعلي ابنا أبي طالب"
أفبعد هذا يمكن أن يُقال أن الصادق الأمين ذا شهوة؟! أيمكن أن يُقال أن كان يسير تبعا لهواه؟! أيمكن أن يُقال أنه اختص نفسه عن باقي المسلمين بما يزيد عن أربع زوجات لتمكن شهوة الجسد منه؟!
أقول بملء فمي بالطبع لا ، بل بالقطع لا، ولكي تظهر أمامنا الصورة جلية تعبر عن نفسها تعالوا بنا نرى كيف كان زواجه عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات من زوجاته رضوان الله عليهن؟!

الأحد، 7 أكتوبر 2012

ثانيا: تعدد الزوجات في ظل الديانات السماوية التي سبقت ظهور الإسلام: (3) تعدد الزوجات: رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: الباب الثالث: الإسلام والمرأة



الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(3) تعدد الزوجات:
ثانيا: تعدد الزوجات في ظل الديانات السماوية التي سبقت ظهور الإسلام:
فلقد كان التعدد سمة معمولا بها في الديانات، التي سبقت ظهور الإسلام الحنيف، مما يدل على أن تعدد الزوجات لم يكن محرما في تلك الشرائع:
- الديانة الحنفية: ففي الديانة الحنفية التي تتصل بروابط الدين الإسلامي، والتي دعا إليها خليل الرحمن سيدنا إبراهيم – عليه السلام – كان التعدد جائز ومباح، بدليل أنه – عليه السلام – جمع بين زوجتين هما السيدة/ سارة، والسيدة/ هاجر عليهم جميعا أفضل السلام.
تعدد الزوجات في اليهودية.
- الديانة اليهودية:لقد جمع سيدنا يعقوب – عليه السلام – بين أربع زوجات هن: بلهة وليئة وزلفة وراحيل، ولا يفوتنا أن نذكر أنه – عليه السلام – أبو اليهود، وإليه ينتسبوا – عليه السلام.
 سالومي، وهي بغيّ يهودية أخرى، اشترطت على الملك الروماني هيرودس أن يأتيها برأس يوحنّا المعمدان أو يحيى بن زكريّا .
فالتلمود  يبيح تعدد الزوجات ويشجع عليه ما دام الوضع المادي مناسباً والزوج قادراً على النفقة، كما لم يرد بتوارة اليهود ما يفيد النهي عن تعدد الزوجات، ولا عن تحديد عددهن، بل ورد في التوراة ما يفيد تعدد زوجات الأنبياء، وغير الأنبياء، فقد جمع داود – عليه السلام – بين تسع وتسعين زوجة، وكذلك ابنه سليمان – عليه السلام – وصل عدد زوجاته إلى المئات، ما بين الزوجات الشرعيات والإماء، هذا وقد حاكت جماعة الربانيون الإسلام في التعدد، فقصرت عدد الزوجات على أربع، بينما أطلقته طائفة القرائين دون تحديد لعددهن.
 اليهوديات ممنوعات من إرتداء الطاقية اليهودية أو شال الصلاة.
ونظراً للعنوسة المرتفعة في أوساط اليهوديات فقد نادت بعضهن إلى تعدد الزوجات كحل، رغم أن القانون الصهيوني يعتبر التعدد جريمة فيما التوراة لا تحرم التعدد بل ويعتبر بعض خامات اليهود في العالم أن التعدد واجب ديني وذلك لزيادة المواليد لأن الشعب اليهودي شعب صغير فهو يحتاج لزيادة المواليد في حين يرى آخرون منهم أن الدين اليهودي يحترم المرأة ولهذا يجب على الرجل ألا يتزوج أكثر من واحدة لأن ذلك يؤدي إلى توتر وكراهية بين الزوج وزوجته الأولى 
الإمبراطور قسطنطين.
- الديانة المسيحية: كان تعدد الزوجات منتشرا كنظام معمولا به في الديانة المسيحية، ولم يرد في الأناجيل الأربعة: انجيل متى – أو مرقص – أو لوقا – أو يوحنا – لم يرد في أي منها تحريم صريح، وقاطع لتعدد الزوجات، وكل ما اعتمدت عليه الكنيسة للحد من ظاهرة تعدد الزوجات هو استحسان بولس الرسول للاكتفاء بزوجة واحدة، بل إن ما قاله يُجيز التعدد، حيث ذكر أنه جاء مكملا لشريعة موسى، وما قبله من الأنبياء.
ولقد ظل التعدد في المسيحية معمولا به حتى عام 1750 م حيث حرمته قوانين الكنيسة، ومن الذين اشتهروا بتعدد الزوجات في ظل المسيحية:
الإمبراطور فالنتيان الثاني فقد أطلق يد الرعية في تعدد الزوجات، والإمبراطور ليو السادس فقد جمع بين ثلاث زوجات وتسرى بالرابعة، التي أنجبت له الإمبراطور قسطنطين.
ولا تخفى علينا دعوة المصلح الديني ومؤسس المذهب البروتستانتي/ مارتن لوثر الذي دعا إلى تعدد الزوجات، على اعتبار أن السيد/ المسيح -عليه السلام – لم يحرمه.
 مارتن لوثر.
فالتعدد شريعة كان معمولا بها في الديانة المسيحية، إلا أن قوانين الكنيسة آثرت تحريم التعدد: والاكتفاء بزوجة واحدة، حيث دعت الكنيسة إلى التبتل والرهبنة، فتعالين بنا نرى النتائج التي ترتبت على تحريم الكنيسة لتعدد الزوجات:
فلقد ترتب على ذلك التحريم، الذي لم يعلم السيد/ المسيح – عليه السلام – عنه شيئا أن انتشر الفسق والفجور والدعارة في المجتمعات التي سارت خلف الكنيسة في تحريم تعدد الزوجات سواء في الماضي أو الحاضر.
 القديسان بطرس و بولس.
إن ما نراه من مضار عدم تعدد الزوجات ما نراه واضحا في تاريخ أوربا في عصر النهضة والعصور الوسطى، فكانت هناك مغامرات كثيرة بين الفتيات، والفتيان قبل الزواج، وكُثر الأبناء غير الشرعيين في كل بلد من بلاد ايطاليا في عصر النهضة، وكان الابن غير الشرعي بوسعه أن يُعد ابنا شرعيا بهبة يدفعها لرجال الكنيسة، وكان في وسعه أن يرث أملاك أبيه (1) قصة الحضارة: ول ديورانت ج 4 من المجلد 5 ص 89/90.
كما كان اللواط والشذوذ الجنسي شائعا في روما، حتى أن أحد رجال الدين، أدين عام 1942 م بممارسة اللواط، هذا فضلا عن العاهرات، اللاتي بلغ عددهن في روما 6800 عاهرة مسجلة، هذا بخلاف غير المسجلات. (2) قصة الحضارة: ص 91
كما كانت بعض النسوة المسيحيات الذاهبات للحج، يكسبن نفقة الطريق كما يشهد بذلك الأسقف بنيناس ببيع أجسادهن في المدن القائمة في طريقهن (3) قصة الحضارة: ص 180.
العاهرات يتحكمن في كرسي البابا.
ويعترف الأسقف دوران الثاني المندى بوجود مواخير بالقرب من الفاتيكان في روما، قد أجاز البابا إقامتها نظير ما يتقاضين من الأجور، وكانت الكنيسة تظهر العطف على العاهرات(4) قصة الحضارة: ص 181.
وكان الزنا واسع الانتشار إذ كانت معظم الزيجات، التي كانت تُعقد بين أبناء الطبقة العليا زيجات دبلوماسية، يُبتغى بها المصالح الاقتصادية والسياسية، وكان كثير من الأزواج يرى أن من حقه أن يكون له أكثر من عشيقه. (5) قصة الحضارة: ص 94/ 96
 تعدد الزوجات لدى مله المورمن النصرانية التي تُقيم في الغرب الأمريكي.
وتعالين بنا نرى ما تنص عليه المادة 339 من قانون العقوبات الفرنسي حيث ترى المادة: أن الزوج المحصن لا يُعاقب على جريمة الزنا، بل يُعاقب على امتهانه لحرمة بيت الزوجية، ويُشترط أن يتكرر ذلك منه، وله أن يزني كما يشاء خارج منزله، ويشترط القانون أيضا لمعاقبة الزوج على جريمة الزنا، أن يعد امرأة معينة كعشيقة أو خليلة، يزني بها أكثر من مرة في منزل الزوجية.
والأدهى من ذلك والأمر هو قيمة العقوبة، حيث تنص المادة على: أن منْ زنا يدفع غرامة مالية تتراوح بين 100 : 1000 فرنك أي ما بين 10 : 200 قرش.
ومما يدعو للعجب المادة التي تلي المادة السابقة حيث تنص  على : معاقبة الزوج الذي يعقد قرانه بأخرى قبل فك أغلال رابطة الزوجة الأولى بالأشغال الشاقة (6) المرأة في جميع الأديان والعصور: ص 130
تلك هي بعض المضار والنتائج التي ترتبت على الحد من تعدد الزوجات في المجتمعات، التي سارت خلف الكنيسة، دون أي سند شرعي يُحرم ذلك التعدد، فلقد انتشر البغاء والفجور والدعارة، وبرزت ظاهرة الأبناء غير الشرعيين في كل من: السويد والنرويج والعديد من دول أوربا وأمريكا، ولقد دفعت تلك النتائج والمضار العديد من دول أوربا المسيحية إلى إعادة النظر في مسألة تعدد الزوجات حتى ظهرت العديد من المطالبات بتعدد الزوجات.