الثلاثاء، 19 فبراير 2013

أولا: عمل المرأة بين الحق والباطل:(7) بقاء المرأة في المنزل:رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:الباب الثالث:الإسلام والمرأة





الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(7) بقاء المرأة في المنزل:

توطئة:
يحاول البعض من أعداء الإسلام إلصاق التهم والريب به، استمرارا منهم لمسلسل الافتراء الذي لم لون ينتهي، نظرا لأنه لم يُبنى على حقائق راسخة، وإنما بنُي على حقد دفين قد استقر في القلوب، فباتت تكسو الحق ثياب الباطل، وتجعل المكرمة ذنب، وسيئة لا تُغتفر، والتهمة التي يحاول هؤلاء الحاقدون إلصاقها بالإسلام اليوم تقول: إن الإسلام قد حرم المرأة من العمل، وفرض عليها الحجاب، لكي يفرض عليها عدم الخروج من المنزل، والبقاء فيه طيلة حياتها، لا تخرج منه، ولا تُغادره.



هذا هو الاتهام الذي عمل هؤلاء الحاقدون على إلصاقه بالإسلام، وهو اتهام لا يخلو عما سبقه من اتهامات، التي بُنيت على مزاعم باطلة وخاطئة، ولا تقوم ولا على سند يدعمها ويقويها من الواقع، ولكن ما تقوم عليه هو: الحقد والكيد والغل.
والآن تعالين بنا نرى حقيقة تلك الاتهامات:
أما ما يخص القول بحرمان المرأة من حقها في العمل: فهذا محض افتراء، وادعاء ثبت كذبه، عند حديثنا عن حق المرأة في العمل ضمن حقوقها التي تسويها اقتصاديا بالرجل، والتي كفلها لها الإسلام، ولم يكفلها لها غيره من الشرائع البالية، فقد وجد في عصر النبوة وبعده العديد من النساء العاملات، واللائي لم يُحرمن من العمل أمثال: أم المؤمنين السيدة/ زينب بن جحش، كما أن المرأة قد اشتركت في ميدان القتال جنبا إلى جنب مع الرجال مثل: السيدة/ أسماء بنت يزيد، والسيدة/ نُسيبة بنت كعب، والسيدة/ هند بنت عُتبة، وغيرهن كثيرات، كما كان منهن الشاعرات أمثال الخنساء، كما كان منهن الناقدات الأديبات أمثال: السيدة/ سكينة بنت الإمام الحسين – رضي الله عنهما – كما كان منهن الطبيبات والممرضات مثل السيدة/ فاطمة الزهراء بنت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – و رفيدة الأسلمية.


مما تقدم ينتفي الزعم بأن الإسلام قد حارب عمل المرأة، أو أنه حارب خروجها من منزلها لقضاء حوائجها، فمن المعلوم أن الله – سبحانه وتعالى - خلق الكائنات الحية ، وقسم كل مخلوقاته إلى جنسين : ذكر وأنثى ، وجعل لكل جنس وظائفه المناسبة لقدراته وإمكاناته وطبيعة خلقته .
والتوزيع الطبيعي في الوجود يقتضي أن يكون عمل الرجل الطبيعي خارج البيت ، وعمل المرأة الطبيعي في الداخل ، وكل منْ قال غير هذا فقد خالف الفطرة وطبيعة الوجود الإنساني ؛ لأن البيت هو المكان الطبيعي الذي تتحقق فيه وظائف الأنوثة ، وثمارها ، وأن بقاءها فيه بمثابة الحصانة التي تحفظ خصائص تلك الوظائف وقوانينها ، وتجنبها أسباب البلبلة والفتنة ، وتوفر لها تناسقها وجمالها ، وتحيطها بكثير من أسباب الدفء والاستقرار النفسي والذهني وسائر ما يهيئ لها الظروف الضرورية لعملها (1)
فلم يخلق الحق – تبارك وتعالى – هذه المخلوقات هباءا، ولكنه جعل لكل مخلوق وظيفته المناط به تحقيقها ، والتي لا يمكن لغيره أن يقوم بها مثله ، وهذا أمر معروف وثابت لدى علماء الأحياء فيما يسمى بالتوازن البيئي ، ومن هذه المخلوقات : الإنسان ، والذي خلقه لأسمى الوظائف وأعلاها حيث أمره بعبادته كما قال تعالى :"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "(2)



والآن تعالوا بنا نرد في نقاط محدده على ما زعمه أعداء الإسلام من أنه قد حرم المرأة من العمل، وفرض عليها الحجاب، لكي يفرض عليها عدم الخروج من المنزل، والبقاء فيه طيلة حياتها، لا تخرج منه، ولا تُغادره. وذلك باستعراض النقاط التالية:



أولا: عمل المرأة بين الحق والباطل:
إن الإسلام لم  يحارب عمل المرأة، ولم  يحارب خروجها من منزلها لقضاء حوائجها، ولكن الذي يحرص الإسلام على توضيحه بالنسبة للمرأة، ويُعطيها الفرصة للاختيار بين ما تراه خيرا لها، وفي صالحها، إنه يُخيرها بين البقاء في بيتها لتنهض بالوظيفة التي خُلقت من أجلها، والتي تتمثل في رعاية الزوج، وتربية الأولاد على اعتبار أن الإسلام لم يُكلفها بشيء من الإنفاق، يُخيرها بين هذا كله، وبين خروجها للعمل خارج منزلها ، ولكن على شرط ألا يكون ذلك الخروج بثياب التبرج والابتذال، الذي تضيع معهما كرامتها وعزتها, وتجعلها عُرضه للشباب المستهتر فيتعرض لها بالهمس من خلال السيئ من الألفاظ أو باللمس من خلال أحداث التحرش التي ملأت الفضاء اليوم هذه هي القاعدة بل إن هناك حالات يجب فيها عمل المرأة، وجوبا يصل إلى درجة الفرض منها:



الحالة الأولى:
أن تكون المرأة ذات نبوغ خاص في مجال ما، و يندُر  ذلك النبوغ فى الرجال والنساء معا ً وهنا نجد أن المصلحة الاجتماعية توجب فى هذه الحالة على تلك المرأة ذات النبوغ أن تعمل ليعود ذلك النبوغ على المجتمع بنفع عام ولا تخمده بركودها فتضيع قوة عاملة من القوى النادرة التي يمكن أن تكون سببا في رفعة المجتمع.



الحالة الثانية:
أن تتولى المرأة عملا ً هو أليق وأنسب بالنساء كتربية الأطفال وتعليمهم وتطبيب النساء والأطفال " قرر الفقهاء أن بعض هذه الأعمال فرض كفاية " وان الزوج ليس له منع امرأته من الخروج إذا كانت تحترف عملا هو من فروض الكفاية الخاصة بالمرأة ولكنه نصح هذه المحترفة بالا تخرج متبرجة مبتذلة فى تصرفاتها.



الحالة الثالثة :
أن تُعين زوجها فى ذات عمله مثل المرأة الريفية وهى الصورة المثالية للمرأة العاملة الكادحة
الحالة الرابعة:
أن تكون فى حاجة إلى العمل لقوتها وقوت أولادها ..."
ويمكن إجمال القول في هذا كله: أن المرأة يُباح لها العمل إذا احتاجت إلى العمل أو احتاج لها العمل، فالعمل خارج البيت للمرأة ليس ترفا ولا مهنة وإنما حاجة وضرورة.



مشروعية عمل المرأة
إن التشريع الإسلامي يقوم على  أصول ثابتة  لا تقبل التغيير  وأهم هذه الأصول وحي السماء –الكتاب والسنة -، لذا فإننا إذا أردنا أن نقرر مشروعية عمل من عدمه نرجع إليهما، ومن ذلك مشروعية عمل المرأة، فعمل المرأة في حدود ما أباح الله لنا من الأعمال مشروعة بشكل عام وخاصة إذا وجدت الحاجة للعمل.
فالأصل والقاعدة أن يكون عمل المرأة في بيتها قياماً بالحقوق الزوجية وواجبات الأمومة وتربية الأبناء وأن هذه أمور ليست بالسهلة فإنها ولا شك تأخذ وقتاً وجهداً كبيرين إلا أنه  يجوز للمرأة العمل خارج المنزل بقدر الحاجة وفي مجال أو عمل لا يترتب عليه محاذير ولا فتنة لنفسها أو غيرها، فلو احتاجت المرأة إلى الاشتغال خارج بيتها لكسب رزقها لعدم وجود منْ يعولها أو أن يكون عائلها مريضاً أو عاجزاً أو فقيراً لا يكفيه
عمله، أو ليس بصاحب حرفة، أو صنعة، فعندئذ تضطر للعمل لكسب العيش أو للمساعدة فهذا جائز بالشرط السابق  
ومن الأدلة على جواز هذا الأمر :
أولا : من الكتاب الكريم :
١- قوله تعالى مخبراً عن موسى - عليه السلام -
{ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } (3)
وهو اعتذار عما دعاهما إلي الخروج وسقي أغنامهما، دون وليهما الذي يتولى ذلك عادة إذ كان : عاجزاً عن ذلك، ثم في الآيتين بُعد المرأتين عن مخالطة الرجال والتزامها الحياء والوقار بقولهما { قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ} وهو أيضاً دليل ضعف المرأة وعدم قدرتها على مزاحمة الرجال ومساجلتهم في الأعمال التي تختص بهم عادة، وفيها أيضاً أنه ينبغي للمسلمين أن يعينوا الضعفاء من النساء وأن تأخذهن الغيرة لحمايتهن وصون أعراضهم عن التبذل والانكشاف، وفي القصة أيضاً طلب المرأتين من أبيهما استئجاره ليكفيهما العمل خارج المنزل وقد فعل، فإذا انتهت حالة الاضطرار للخروج والعمل عادت المرأة إلي مسكنها ومنزلها ومكانها الأول  ٢-  قوله تعالى {وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }(4)
ففي الآية أنه يجوز استئجار المرأة للرضاعة ويجب على ولى الطفل أن يقدم لها أجرها وقد تكون هذه الرضاعة في بيتها، كما قد تكون فى منزل الطفل، ولا شك أن هذا العمل هو من وظائف المرأة الأصلية ومما يتوافق مع فطرتها، ولا محظور فيه في الغالب من اختلاط أو خلوة بأجنبي ونحو ذلك  
ثانيا : من السنة المطهرة :
1- عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " تزوجني الزبير وماله في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح ( 5 ) وفرسه، فكنت أعلف فرسه وأستقي الماء وأخرز غربه (6) وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز وكان يخبز جارات لي من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير - التي أقطعه رسول الله - على رأسي وهي منى على ثلثي فرسخ(7) فجئت يوما والنوى علي فلقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه نفر من الأنصار فدعاني ثم قال : إخ إخ ( (8) ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني قد استحيت فمضي
فجئت الزبير فقلت : لقيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لأركبه، فأستحيت منه وعرفت غيرتك فقال : والله لحملك النوى أشد على من ركوبك معه،قالت : حتى
أرسل إلى أبو بكر بعد ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني)(9)  
2- عن جابر بن عبد القال : طُلقت خالتي فأرادت أن تجذ نخلها ( (10) فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي -صلي الله علية وسلم - فقال " بلى فجذي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلى معروفاً(  (11)
فهذان الحديثان يدلان على جواز خروج المرأة للعمل الذي لا بد لها منه تخدم فيه زوجها أو تعينه أو تكسب قوتها، فأسماء رضي الله عنها كانت تنقل النوى على رأسها من أرض الزبير رضي الله عنه، وهي بعيدة عنها وكانت تستقي الماء، وأجاز النبي - صلى الله علية وسلم - لخالة جابر رضي الله عنهما أن تخرج إلى نخلها فتجني ثمارها فتنفع نفسها وتنفع غيرها بالصدقة
ولكن مع هذا كله لا يؤخذ من الحديثين جواز تولي المرأة للوظائف في جميع المجالات لأن أسماء وخالة جابر لم تخرجا لتعملا في مصنع أو متجر أو مؤسسة أو نحوها وإنما خرجتا للعمل في مزارعهما حيث لم يكن دوام رسمي، ولم يكن الخروج إجبارياً ولا محظور من الاختلاط أو خلوة من الأجانب، بل استحيت أسماء من المشي مع رسول الله - صلي الله علية وسلم - وأصحابه وكان عملها لراحة زوجها حتى يتفرغ للأعمال الأخرى الشاقة التي لا يمكن أن تعملها كما كانت خالة جابر بحاجة إلي العمل حتى توفر لها قوتها لأنها كانت في عدة الطلاق ولم يكن لها عائل، والإسلام لا يمنع من الخروج للضرورة مع مراعاة الآداب والأحكام الشرعية .
3- عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده - وكانت امرأة صناع اليد قال : فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها - قالت : فقلت لعبد الله بن مسعود : لقد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق معكم بشيء فقال لها عبد الله : والله ما أحب - إن لم يكن في ذلك أجر - أن تفعلي . فأتت رسول الله صلى الله علية وسلم - فقالت : يا رسول الله، إني امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لي ولا لزوجي نفقة غيرها، ولقد شغلوني عن الصدقة فما أستطيع أن أتصدق بشيء فهل لي من أجر فيما أنفقت ؟ قال : فقال لها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - : " أنفقي عليهم، فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم " (12)
فامرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنها كانت تعمل وتعيل زوجها وتنفق من عمل يدها وصنعتها عليه وعلى أولادها فأخبرها الرسول - صلي الله عليه وسلم - أن لها في ذلك أجر الصدقة وأقرها على عملها لمساعدة زوجها الفقير  

من أقوال الإمام المرحوم الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر الشريف:
إن على كل أسرة أن تراجع موقفها وان تعرف أن صناعة الإنسان " الأولاد " أعلى وأغلى صناعة وان الأم الزم واقدر وانه إذا لم يكن بالأسرة ضرورة أو حاجة لكسبها من عملها فأولى بها ثم أولى أن ترعى زرعها لتنعم وتقر عينها بثماره، ليست هذه دعوة للتخلي ــ بوجه عام ــ عن العمل ، وإنما هي دعوة للمراجعة والمفاضلة بين المكسب والخسارة ككل .(13)
وينبغي علينا ألا نغفل أن البعض من المسلمين يرفض قطعيا ً خروج المرأة ــ وبالأحرى ــ عملها خارج البيت ولهم أسبابهم  أو شبهاتهم حول ذلك الأمر، و علينا أن نأخذ في اعتبارنا عدة نقاط ونحن نُناقش تلك الأسباب أو الشبهات منها:
- أننا يجب ألا نلزم أنفسنا ألا بالنصوص الثابتة الصريحة الملزمة
- أن هناك أحكاما وفتاوى لا نستطيع أن نفصلها عن عصرها وبيئتها ومثلها قابل للتغيير بتغير موجباتها ولهذا قرر المحققون أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والعُرف.
- أن العلمانيين اليوم يتاجرون بقضية المرأة ويحاولون أن يلصقوا بالإسلام ما هو براء منه وهو أنه جار على المرأة وعطل مواهبها وقدراتها ..
- أن الأصل فى الأشياء أوالتصرفات الدنيوية الإباحة ما لم يأتي نص ودليل من القرآن أو السنة بتحريمه.
تلك هي النقاط التي ينبغي علينا أن نأخذها في الاعتبار ونحن نستعرض تلك الشبهات:
الشبهة الأولى :
يتخذ بعضهم من قول – الحق تبارك وتعالى – {وقرن فى بيوتكن} سندا لحجته فيردد" أنه لا يجوز للمرأة أن تدع بيتها أو تغادره"
 الرد على الشبهة الأولى :هذا الدليل في غير موضعه:
- فالآية الكريمة تخاطب نساء النبي "صلى الله عليه وسلم " ونساء النبي لهن من الحرمة وعليهن من التغليظ ما ليس على غيرهن " ولهذا كان أجر الواحدة منهن ا ذا عملت صالحا مضاعفا كما جعل عذابها إذا أساءت مضاعفا أيضا
- أن أم المؤمنين عائشة رغم هذه الآية خرجت من بيتها وشهدت " معركة الجمل " استجابة لما تراه واجبا دينيا عليها وهو القصاص من قتلة عثمان وان أخطأت التقدير فيما صنعت.
- أن المرأة قد خرجت من بيتها بالفعل وذهبت إلى المدرسة والجامعة وعملت فى مجالات الحياة المختلفة طبيبة ومعلمة .. دون نكير من أحد .. مما يعتبره الكثيرون إجماعا على مشروعية العمل خارج البيت للمرأة بشروطه ( الحجاب الشرعي ــ عدم الاختلاط المستهتر ــ مراعاة حرمتها وأنوثتها ــ عدم إفشاء أسرار بيتها(
- أن الحاجة تقضى من المسلمات الملتزمات أن يدخلن مجالات العمل المختلفة ويتفوقن فيها فى مواجهة المتحللات والعلمانيات اللاتي يزعمن قيادتهن للعمل النسائي ، والحاجة الاجتماعية والسياسية قد تكون أهم واكبر من الحاجة الفردية.
- أن حبس المرأة فى البيت لم يعرف في الإسلام إلا كعقوبة لمنْ ارتكبت الفاحشة قال تعالى: { وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}ً  (14)
 فقد كان الحكم في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة، حبست في بيت، فلا تمكن من الخروج منه إلى أن تموت، ولهذا قال سبحانه : { وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ } يعني: الزنا { مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } فالسبيل الذي جعله الله هو الناسخ لذلك، قال ابن عباس رضي الله عنه: كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور، فنسخها بالجلد أو الرجم، قال تعالى: { ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ }



الشبهة الثانية :سد الذرائع
"فالمرأة عندما تخرج للعمل ستتعرض لاختلاط بالرجال وربما الخلوة بهم وهذا حرام وما أدي إلى الحرام فهو حرام"
الرد على الشبهة الثانية
لا شك أن سد الذرائع مطلوب ولكن العلماء قرروا أن المبالغة فى سد الذرائع كالمبالغة فى فتحها وقد يترتب عليها ضياع مصالح كثيرة اكبر بكثير من المفاسد المخوفة.
مثال : " وقف بعض العلماء يوما فى وجه تعليم المرأة ودخولها المدارس والجامعات من باب سد الذرائع حتى قال بعضهم " نعلمها القراءة لا الكتابة حتى لا تستخدم القلم فى كتابة الرسائل الغرامية ونحوها "
ومن هنا نقول :" أن المسلمة الملتزمة يجب أن تتحفظ فى ملاقاتها للرجل من كل ما يخالف أحكام الإسلام من الخضوع بالقول أو التبرج فى الملبس أو الخلوة بغير محرم أو الاختلاط بغير قيود


الشبهة الثانية :سد الذرائع
"فالمرأة عندما تخرج للعمل ستتعرض لاختلاط بالرجال وربما الخلوة بهم وهذا حرام وما أدي إلى الحرام فهو حرام"
الرد على الشبهة الثانية
لا شك أن سد الذرائع مطلوب ولكن العلماء قرروا أن المبالغة فى سد الذرائع كالمبالغة فى فتحها وقد يترتب عليها ضياع مصالح كثيرة اكبر بكثير من المفاسد المخوفة.
مثال : " وقف بعض العلماء يوما فى وجه تعليم المرأة ودخولها المدارس والجامعات من باب سد الذرائع حتى قال بعضهم " نعلمها القراءة لا الكتابة حتى لا تستخدم القلم فى كتابة الرسائل الغرامية ونحوها "
ومن هنا نقول :" أن المسلمة الملتزمة يجب أن تتحفظ فى ملاقاتها للرجل من كل ما يخالف أحكام الإسلام من الخضوع بالقول أو التبرج فى الملبس أو الخلوة بغير محرم أو الاختلاط بغير قيود



الشبهة الثالثة: القوامة
خلال عمل المرأة من الممكن أن تكون فى منصب قيادة وان الولاية والقيادة على الرجال وهى ممنوعة منها فالأصل الذي أثبته القرآن الكريم أن :" الرجال قوامون على النساء ، فكيف نقلب الوضع وتصبح النساء قوامات على الرجال "



الرد على الشبهة الثالثة: القوامة
الآية الكريمة التي ذكرت قوامية الرجال على النساء إنما قررت ذلك فى الحياة الزوجية فالرجل هو رب الأسرة فقوله عز وجل :" بما أنفقوا من أموالهم " يدلنا على أن المراد القوامة على الأسرة وهى الدرجة التي منحت للرجال فى قوله تعالى :" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة "والقوامة ليست منحة للرجل، فهي مرتبطة بإنفاقه على الأسرة.
- ومع قوامة الرجل على الأسرة ينبغي أن يكون للمرأة دورها وأن يؤخذ رأيها فيما يهم الأسرة " فإذا أرادا فصالا ً عن تراض ٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما " البقرة /233 كما جاء فى الحديث الشريف الذي رواه أحمد :" أمروا النساء فى بناتهن " أي استشيروهن فى أمر زواجهن ".
- أما ولاية بعض النساء على بعض الرجال ــ خارج نطاق الأسرة ــ فلم يرد ما يمنعه ، بل الممنوع هو الولاية للمرأة على الرجال،والحديث الذي رواه البخاري عن أبى بكر رضي الله عنه مرفوع :" لن يفلح قوم ولـُّوا أمرهم امرأة " إنما يعنى الولاية العامة على الأمة كلها أي رئاسة الدولة أما بعض الأمر فلا مانع أن يكون للمرأة ولاية فيه مثل : ولاية الفتوى أو الاجتهاد أو التعليم أو الرواية أو الحديث أو الإدارة حتى القضاء أجازه ابن حنيفة فيما تشهد فيه أي فى غير الحدود والقصاص مع أن من الفقهاء من أجاز شهادتها فى الحدود والقصاص كما ذكر ابن القيم فى ( الطرق الحكمية ) أجازه الطبري بصفة عامة أجازه ابن حزم مع ظاهريته ، وهذا يدل على عدم وجود دليل شرعي صريح يمنع من توليها القضاء
وسبب ورد فى الحديث المذكور يؤيد تخصيصه بالولاية العامة فقد بلغ النبي " صلى الله عليه وسلم" أن الفرس بعد وفاة إمبراطور هم وَلـُّو عليهم ابنته " بوران بنت كسرى " فقال : " لن يفلح قوم ولو عليهم امرأة "(15)




هذا هو موقف الإسلام من خروج المرأة المسلمة من منزلها بقصد العمل، ولكن إذا ما كان الخروج يتعارض مع واجباتها المنزلية، وواجباتها الزوجية، وواجباتها الأسرية نحو أبناءها – غالبا ما يحدث ذلك – عندئذ يُمنع ذلك الخروج، بل يُحرم ذلك الخروج، كما أن ذلك الخروج إذا ما تم بثياب تدعو إلى تعلق الأنظار بها، وتجذب الانتباه إليها، بما يُهدد بفساد المجتمع، وضياع الأخلاق، كما يحدث الآن، كان ذلك الخروج ممنوع ومرفوض أيضا.




وإذا كان خروجها لمجرد ما تردده بعض النسوة أو فتيات اليوم من أنها ترغب في إثبات ذاتها، وتحقيق استقلالها عن زوجها، مع عدم حاجتها لذلك المال، نظرا لالتزام زوجها بالإنفاق عليها، فذلك الخروج ممنوع أيضا، وإذا كان الخروج قائما على أساس من الاختلاط بالرجال، اختلاطا ينال من شرف وعرض المرأة، كما يحدث في كثير من الأعمال، فذلك الخروج يُحرم ويمنع أيضا، وإذا كان ذلك الخروج يجعلها تأخذ مكان الرجال فيما تقوم به من أعمال لا تتفق مع طبيعتها وخلقتها، التي جُبلت عليها فذلك الخروج ممنوع أيضا.هذا ما يخص خروج المرأة للعمل في الإسلام، فهو حريص كل الحرص على صيانة كرامة، وعرض وحياء المرأة، عما يُهينه أو يخدشه.


المراجع:
(1) علي الأنصاري.المرأة تعليمها وعملها في الشريعة الإسلامية .صفحة 65 .
(2) سورة الذاريات.آية 56 .
(3) سورة القصص : 33ـ 24
(4) سورة البقرة : ٢٣٣
(5) هو الجمل الذي يسقي عليه
(6) الدلو الكبير
(7) يعادل ٣٦٩٦ متر
(8) كلمة تقال لإناخة البعير
(9) رواه البخاري – (5/ 2002) حديث رقم ٢١٨٢– حديث رقم ٤٩٢٦ ، ومسلم – ٤ / ١٧١٦ – حديث رقم 2182
(10)  أن تجد نخلها : الجداد بالفتح والكسر صرام النخل، وهو قطع ثمرتها
(11)  رواه مسلم – ٢/ ١١٢١ – حديث رقم ١٤
 (12) الأزهر هدية صفر 1416هـ ــ يوليو 1990م :حول اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة من المنظور الإسلامي " للإمام الأكبر المرحوم الشيخ جاد الحق على جاد الحق " شيخ الأزهر السابق، رئيس التحرير : د/ على احمد الخطيب
(14) سورة النساء 15
(15) كتاب " حكم ترشيح المرأة فى المجالس النيابية " د/ يوسف القرضاوي إعداد : جيهان عبد اللطيف الحلفاوي " المرشحة لانتخابات مجلس الشعب 2001 عن دائرة المنتزة بالإسكندرية