السبت، 8 أكتوبر 2011

(7) مكانة المرأة في المجتمع الروسي:


(7) مكانة المرأة في المجتمع الروسي:
لم تكن للمرأة أي مكانة تُذكر في المجتمع الروسي في العصور الوسطي،فقد كانت تُعد شيئاً من متاع الرجل فقط، فلا كيان لها ولا مكانة، حتى حياتها كانت تفقدها بمجرد وفاة زوجها أو سيدها، فتُحرق يوم وفاته، وكان للرجل جاريتان: إحداهما تخدمه، وتغسل رأسه، وتصنع له طعامه، والأخرى ليطأها، وكانت الدعارة منتشرة في روسيا في ذلك الوقت، وكان الرجال يُعاشرن النساء جماعات أمام بعضهم البعض.
هذا ومن عادات الزواج العجيبة عند الروس، أنه في الاحتفال بالخطبة: يقوم أبو العروس بضربها بالسوط، ثم يُعطي السوط للعريس.
ومن العادات المنتشرة في جنوب روسيا: فلقد اعتاد شعب الموجيك ليلة
الزفاف، أن تُخلع العروس إحدى فردتًي حذاء العريس، الذي يكون قد
خبأ في إحداها – قبل ذهابه إلى حفل الزفاف – قطعة من النقود، فإذا كانت فردة الحذاء التي خلعتها العروس هي المحتوية على قطعة النقود، صار من واجب العريس بعد ذلك أن يخلع حذاءه بنفسه، أما إذا حدث العكس، فمعنى ذلك أن يُحكم على العروس أن تخلع حذاء زوجها بيديها طوال حياتهما.(1) الحب والزواج بولس باسيلي ص 325   

الجمعة، 30 سبتمبر 2011

(6) المرأة اليابانية:


(6) المرأة اليابانية:

لم تكن المرأة اليابانية بأسعد حالاً من ذويها من بني جلدتها في ظل الديانات الوضعية القديمة، فهي دائماً مغلوبة على أمرها، مستسلمة لمصيرها المحتوم، دون تبرم أو ضجر، فالمرأة اليابانية كيان فاقد للشخصية، في اتخاذ القرار الملائم لحياتها، فالطاعة هي أظهر وأبرز سمات المرأة اليابانية، حتى عصرنا الحاضر، وكان تعليمها منذ القدم، يسير وفقاً لمبدأ الطاعات الثلاث: طاعتها لأبيها قبل الزواج، ولزوجها عندما تتزوج، ولابنها بعد موت زوجها، وهي لذلك تشب على أنها أقل شأناً من الرجل.(1) المرأة عبر التاريخ: حسن جوهر ص 79

فاليابانيون كغيرهم من الأمم السابقة: يعتبرون المرأة متاعاً من أمتعة الدنيا، يتصرف بها الرجل كيف يشاء، حتى أن شريعتهم سمحت للرجل أن يبيع الزوجة أو البنت، وقد لبثت هذه الشريعة معمولا بها إلى صدور نظام سنة 1875، الذي أُكمل في سنة 1896 فقضى على هذه العادة.

وكان من الحقوق التي هي دون البيع، أن الرجل والمرأة التي لا زوج لها، يؤجران البنت في المحلات العمومية، أو من أفراد مخصوصين لمدة معينة، فالبنت اليابانية مملوكة قبل الزواج لأبيها، وبعده لبعلها، وإذا مات الزوج تُصبح تحت الوصاية كالمرأة الهندية (2) أستاذ المرأة: محمد بن سالم البيجاتي ص 17

فلقد كانت سلطة الرجل مطلقة في التعامل مع أسرته، حيث كان من حقه أن يبيع بناته في سوق الرقيق، أو يجبرهن على الدعارة، من خلال بيعها لمنْ تخصصوا في مثل تلك التجارة، كما حُرمتْ المرأة المرأة اليابانية من الميراث، كما كانت سلطة الزوج مطلقة في التعامل مع زوجته، لدرجة تمكنه من تطليقها وهو بمأمن من كل عقاب، حتى ولو كان ذلك الطلاق لأسباب تافهة لا قيمة لها، كأن تكون الزوجة أسرفت في حديثها، أو لمجرد أنها رفعت صوتها، هذا كله وليس أمام الزوجة سوى الصبر والطاعة، حتى ولو كان زوجها وحشياً فاسد الطباع والأخلاق، فعليها الالتزام ليس بطاعته فقط، بل وتدليله أيضاً، ومن أسباب الطلاق المنتشرة في المجتمع الياباني، تطليق الزوجة لعقمها، أو عدم قدرتها على الإنجاب.

هذا ولم تحظى الفتاة اليابانية بأي نوع من الحماية لآدميتها أو إنسانيتها، منذ خروجها إلى الحياة، حيث يقوم الأب بإساءة التعامل معها في جميع أحوالها، علاوة على أنها لم تنل أي شيء من الاحترام على يد زوجها، حتى مجرد الحديث عنها، وإذا تحدث عنها، تكلم بعبارة تدل على مدى الامتهان الذي تعيش فيه، فقد كان الزوج إذا تحدث عن زوجته يردد: إنها الشيء الذي يسكن المكان الخلفي من المنزل.

ومن العادات التي توارثتها الأجيال في اليابان فيما يتعلق بالمرأة: أنهم كانوا يلبسون ملابس الحداد البيضاء عندما تتزوج الفتاة، نظراً لكونها ستُصبح خادمة في منزل حماتها، حيث يعيش الزوجان في بدء حياتهما في منزل أهل الزوج، وقديماً كانت الزوجة تُطرد من المنزل فور مخالفتها لأمر حماتها، ومن العادات القديمة التي كان معمولاً بها في اليابان، أن الزوجة إذا ما ترملتْ، فعليها لزاماً أن تظهر بمظهر البؤس، فتحلق شعر رأسها، وتلبس الملابس الكئيبة، ولذلك قيل: اليابان جنة الرجال (3) المرأة عبر التاريخ: حسن جوهر ص 80/81

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

(5) مكانة المرأة في بلاد الصين: الباب الثاني: همس الجواري

(5) مكانة المرأة في بلاد الصين:
 لقد كانت المرأة الصينية تحتل المنزلة الدُنيا في المجتمع الصيني، مجرد وجود بنت في الأسرة، يُعد بمثابة نذير ُشئوم لتلك الأسرة، لدرجة جعلت تلك الأُسر تتخلص من بناتها من خلال تركهن في الحقول ليقضي عليهن الصقيع، أو الحيوانات الضالة أو المفترسة، فالبنت الصينية كانت تمثل عبئا ثقيلا على أبيها، نظراً لكونه يقوم بتربيتها، ثم يُرسلها إلى بيت زوجها، لتعمل فيه دون أن يناله منها شئ، فلقد كانت النظرة إلى الفتاة أو البنت الصينية، يشُوبها الكثير من الذل والاحتقار، لدرجة جعلت الصينيون يهمون بتقديم قطع من الطين المجفف إلى الأب الذي تُولد له بنت، وذلك في إشارة إلى أن الطين المجفف كالنساء، لا يثبُت على مر الأزمان، وسرعان ما يُستهدف لعبث الرياح (1) الحب والزواج: بولس باسيلي ص 324
وعن مكانة المرأة في بلاد الصين كتبت السيدة: بان هو تقول: نشغل نحن النساء آخر مكان في الجنس البشري، ونحن أضعف قسم من بني الإنسان، ويجب أن يكون من نصيبنا أحقر الأعمال (2) المرأة في جميع العصور والأديان: محمد عبد المقصود ص 53.
فلقد كانت الصينيون كالعرب في الجاهلية يكرهون البنات، وكان الأب إذا بُشر بمولدها، حملها فوراً إلى السوق بحثاً عمنْ يشتريها بأبخس الأثمان، فإذا لم يجد الشاري وهبها لأول عابر سبيل، أو أخذها إلى أي مكان مهجور وخنقها أو أغرقها أو وأدها وهي حية (3) المرأة والإسلام: غادة الخرساني: ص 22
هذا ولقد انتشرت عادة تكسيح البنات في بلاد الصين، وذلك للرغبة في جعلهن عديمات الحيلة، كما كانت المرأة تُسمى في كتب الصين القديمة بالمياه المؤلمة، التي تغسل المجتمع، أو تكنسه من السعادة والمال، فهي يشر يستبقيه الرجل بمحض إرادته، ويتخلص منه بالطريقة التي يرتضيها، ولو بيعا كالرقيق، حتى كان بالصين حوالي ثلاثة ملايين جارية عام 937 (4) المرأة في التصور الإسلامي: عبد المتعال الجبري ص 142
ومن الأمور المألوفة في بعض شرائع الصين: أنه يجوز للرجل أن يجمع ما بين ثلاثين أو مائة زوجة في وقت واحد، وأفرط بعض الملوك حتى جمع في قصره نحو ثلاثين ألف جارية.
ومن أقوال مشرع الصين الأكبر كنفوشيوس: أن الرجل رئيس فعليه أن يأمر، والمرأة تابعة فعليها الطاعة، ومن المقتضى أن تكون أعمالهما مثل أعمال السماء والأرض متممة لبعضها، تعاونا على حفظ نظام الكون، والمرأة في المجتمع مديونة لزوجها بكل ما هي عليه. (5) أستاذ المرأة: محمد سالم البيجاتي ص 17
فلقد كان سلطان الأب مطلقاً في عهد كنفوشيوس، فكان في وسعه أن يبيع زوجته وأولاده، ليكونوا عبيداً، وكان الرجل يتناول طعامه بمفرده، لا يدعو إليه زوجته ولا أبناءه، وكان من حق الزوج أن يطلب من زوجته ألا تتزوج بعده، وكان يطلب منها أن تحرق نفسها عند موته تكريما له، وظلت حوادث حرق الزوجات تقع في الصين حتى القرن التاسع عشر.(6)قصة الحضارة: ول ديورانت ترجمة محمد بدران ج1 الجزء الرابع ص 266.
وفي الصين يُسمح بتعدد الزوجات، ولكن تظل الزوجة الثانية تحت سلطة الزوجة الأولى التي تكون وحدها الزوجة الشرعية، بل إن أبناء الزوجة الثانية، يكونون ملكاً للزوجة الثانية، ويسبق الاحتفال بليلة الزفاف ثلاثة أيام من الحزن والحداد، لأنهم ينظرون إلى زواج الأبناء كنذير بموت الآباء. ومن أصدق الأمثلة على مكانة ووضع المرأة في بلاد الصين ما يتغنى به فوشوان حيث يقول: آلا ما أتعس حظ المرأة، ليس في العالم كله شئ أقل قيمة منها، البنت لا يُسر أحد بمولدها، ولا تدخر الأسرة من ورائها شئ، ولا يبكيها أحد، إذا اختفت من منزلها، وتنحني وتركع مراراً بخطئها. (7) الحب والزواج: بولس باسيلي ص 324.
فالصينية متزوجة أو عذراء لا سيما الطبقة الممتازة تعيش في عزلة أبدية، فالابنة منذ صباها تُعزل من شقائقها، والنساء عامة لا يخرجن من بيوتهن، ولا يستقبلن رجلا، ولذلك كانت المنازل تُقسم إلى: حرم للنساء، ودار للرجال منعاً للاختلاط، كما أن الصينيين حرموا المرأة من ميراث أبها وزجها، إلا ما يقدمونه لها في حياة أبيها قُبيل زواجها، وحتى في العقوبات فلقد ميزت شيعتهم الرجل عن المرأة، فقد جعلت له السيادة عليها، تلك كانت المنزلة والمكانة التي تبوأتها المرأة في بلاد الصين، وما أدناها من منزلة، وما أحقرها من مكانة.

الأحد، 4 سبتمبر 2011

(4) المرأة في بلاد الهند: هداية الحيارى الباب الثاني


(4) المرأة في بلاد الهند:
·       لم تعرف المرأة الهندية حقا مستقلا عن أبيها أو زوجها أو أولادها، وذلك في ظل شريعة
مانو، التي كانت تحكم الأمور في بلاد الهند، فإذا انقطع هؤلاء جميعا ( الأب، والزوج و الأبناء) وجب على المرأة أن تنتمي لرجل من أقارب زوجها في النسب، فلا تستقل بأمر نفسها في أية حالة من الأحوال ( بنت أو زوجه أو أم أو أرملة) كما أن حقها في الحياة يُسلب بمجرد موت زوجها، فيجب عليها أن تُحرق مع جسد زوجها الميت على موقد واحد، ولقد ظلت تلك العادة البغيضة منذ وجود الحضارة البرهمية حتى القرن السابع عشر، ثم أُلغيت بعد ذلك على مضض من أصحاب الشعائر الدينية، ولكن كان عليها أن تحرق شعر رأسها، وتقيم في غرفة خلف المنزل، لا تخالط أحداً، ولا تتزين، أو تعتني بنفسها، فالمرأة في ظل تلك الشريعة قد تبوأت منزلة تعسة، بل إن مانو كان يعتبرها جسداً يوشك ألا يكون لها روح.
فقد كانت المرأة متاعا فحسب، جسداً لا اعتراف بحقوقه، ولا اعتداد بروحه ونفسه ووجدانه، وكانت لا تستطيع أن تهجر زوجها في أية حالة حتى ولو أُصيب بالجنون، أو الشلل، ومن الغريب أن تعاليم مانو كانت تعتبر المرأة نجساً يجب التحرز منه (1) الدين وقوانين الأحوال الشخصية: المستشار على منصور ص 47
·       ولم يكن وضع المرأة في شريعة بوذا بأفضل بكثير من وضعها في شريعة مانو، حيث يؤخذ
على بوذا رفضه قبول أو دخول النساء في دينه أو شريعته، ثم قبوله لهن بعد ذلك في كثير من التردد والخوف، فضلا عن انه كان يرى في المرأة خطر كبير على نظامه أو دينه، ومن ثمة إمكان إخراجهن منه، وذلك تفريق قاس ما بين المرأة والرجل، وحيلولة بين المرأة وهي الأم والزوجة والأخت والبنت وبين النور إن كانت البوذية نوراً.
ويمكننا أن نستخلص رأي بوذا في المرأة، من خلال ذلك الحوار، الذي دار بين بوذا وبين ابن عمه وصفيه آنندا حيث نجده يسأل بوذا عن بعض الأمور الخاصة بالنساء:
آنندا: كيف نعامل النساء أيها السيد ؟!
بوذا: لا تنظر إليهن .!
آنندا: ولكن إذا اضطررنا للنظر إليهن.!
بوذا: لا تخاطبهن.!
آنندا: ولكن إذا خاطبننا ؟!
بوذا: إذن كن على حذر تام منهن.!
ومن أقواله لآنندا الذي كان من أنصار المرأة: لو لم نضم المرأة لدام النظام طويلاً، أما الآن بعد دخول المرأة بيننا، فلا أراه يدوم طويلاً (2) مقارنة الأديان د/أحمد شلبي ج 4 ص 180
ومن أقوال بوذا أيضا:
خير للإنسان العاقل أن يقع بين فكي نمر مفترس أو تحت سيف الجلاد من أن يُساكن امرأة ويحرك من نفسه الشهوة.
·       كما كانت التقاليد الهندية تحرم المرأة من الميراث، فعندما كان يموت أبوها قبل زواجها، أو
يموت زوجها، كانت تعيش عالة على ذويها - - - ويقول مانو في ذلك الشأن: ثلاثة لا يجوز أن يملكوا شيئاً: الزوجة والابن والعبد - - - فكل ما يكسبه هؤلاء يكن ملكاً لسيد الأسرة (3) قصة الحضارة: ول ديورانت ج1 الجزء 3 ص 180
فلقد كانت المرأة في الشريعة الهندية منحطة، لا تُعد شيئاً مذكوراً، فهي عبدة الرجل، ولا يجوز لها أن تكلمه إلا باحترام زائد، ولا أن تؤاكله على مائدة، بل لا يجوز أن تتلفظ باسمه، وبلغ من الإفراط في امتهانها أنهم صاروا يحتقرون الرجل الذي يحادث زوجته محادثة عائلية، وظلت المرأة الهندية مستسلمة لتلك العادة، ومطيعة لذلك التشريع حتى أنها كانت تحترق بالنار مع زوجها، الذي يُحرق بعد موته، ومنذ قرابة المائتين عام: مات أميران هنديان لأحد هما سبعة عشرة زوجة، وللآخر ثلاث عشرة فقدمن أنفسهن جميعاً للنار إلا واحدة كانت حاملا، ولما وضعت جنينها
التحقت بصواحبها في النار في الدنيا والآخرة (4) أستاذ المرأة: محمد سالم البيجاتي ص 16
·       ويقول مانو: إن الزوجة الوفية ينبغي أن تخدم سيدها ( زوجها ) كما لو كان إلهاً، ولا تأتي
بشئ يؤلمه مهما كانت حالته، حتى وإن خلا من الفضائل.
·       وفي الشريعة الهندية يحق للرجل أن يطلق زوجته لخانتها الزوجية، ولكن الزوجة لا تستطيع
أن تحصل على الطلاق برغبتها، مهما كانت أسبابها في ذلك، كما أن في مقدور الزوج أن يتزوج على زوجته، إذا ما شربت الخمر أو مرضت، أو شقت عليه عصا الطاعة، أو كانت مسرفة أو مشاكسة.
·       وتشبه البروفيسورة انديرا في كتابها وضع المرأة في مها بهارتا -: تشبه المرأة بالسيف
الحاد، إنها تُولد النيران، ومن أجل هذه الخصائص على الر جل ألا يحبها، ولا يعشقها أبداً، كما يجب على المرأة الهندية أن تخاطب زوجها في خشوع وخضوع وهي تردد: يا مولاي ويا سيدي و يا إلهي. (5) المرأة في التصور الإسلامي: عبد المتعال الجبري ص 142
·       ومن أقوال الزعيم: نهرو فيما يتعلق بالمرأة: منْ يصادق الثعبان فليملأ داره بالترياق.
·       وخير دليل على المكانة الهابطة التي وصلت إليها المرأة في الهند، تلك الكلمات التي جاءت
على لسان إحدى الهنديات حيث تقول: إذا جئت لزيارتنا مع زوجتك، فإنني لا أستطيع أن أقابلك، بل سيقابلك زوجي وحده، ولا يمكن لزوجي أن يقابل زوجتك، وسنبقى أنا وزوجتك في غرفة خاصة خلفية مغلقة، أما حال الأرامل عندنا، فتعيس للغاية، فهي لا يجوز لها أن تأكل من الطبق الذي نأكل فيه نحن، وينبغي أن تطبخ طعامها بنفسها، ومن المحرم عليها أكل اللحوم، أو الجبنة، أو ما إلى ذلك من الأطعمة الشهية الدسمة التي لا تحتاج إليها الأرامل.
·       وفي بعض قبائل الهنود تتلخص مراسم الزواج في أن يذهب العريس، ويأتي بالعروسة إلى
الغابة قبل غروب الشمس، وهناك يتقدم في صحبة شاهدين، ثم يشد الفتاة إلى جزع شجرة، ثم يشرع في إجراء ما عُرف عند أهل القبيلة بعملية التطهير، فيتناول صوتاً ويلهب به بدن الفتاة، فتصرخ وتئن، وإذ ذاك يُقبل جمع من السحرة، ويرقصون قصاً وحشياً، يتخلله هتاف مزعج يصم الآذان وخلال ذلك يُسرع أحد الشهود ويشعل النار عند قدمي الفتاة في كومة من الحشائش والحطب، فتتلوى المسكينة وتصيح، وتضرب الهواء بقبضتها، ولا يُحل رباطها إلا بعد أن تكون قد فقدت رشدها، وأُصيبت بإغماء، حينئذ يهلل السحرة، معتقدين أن الأرواح الشريرة قد خرجت منها، وأن الضرب والرقص والنار قد تغلبت على هذه الأرواح (6) الحب والزواج: القس بولس باسيلي ص 322.
·       ومن العادات المقيتة في الهندوسية التبكير في الزواج، فقد كان الأطفال يُعقد لهم بالزواج
وهم يحُبْون، وإذا مات الولد وكثيراً ما كان يموت الصبيان ترملت زوجته وأمضت حياتها أرملة حزينة عليه، وكثيراً ما كانت الزوجة تُلقي بنفسها في النار لتحرق نفسها بنفس النار التي أُشعلت ليحرق بها جسد زوجها الميت.
·       وخير ما نختتم به حديثنا عن وضع ومكانة ومنزلة المرأة في بلاد الهند نماذج من الفقه
الهندوسي نستمدها من كتاب ( منو دهرما ساسترا) ( manu dbrama sastra ) وهو كتاب يحتوي على الشرائع التي يحرص الهندوس على تطبيقها ومن ذلك فيما يخص المرأة:
§       تعيش المرأة وليس لها خيار سواء كانت بنتاً صغيرة أو شابة أو عجوزة، فالبنت في
خيار أبيها، والمتزوجة في خيار بعلها، والأرملة في خيار أبنائها، وليس لها أن تستقل أبداً.
§       على المرأة أن ترضى بمنْ ارتضاه لها والدها بعلا، فتخدمه طوال حياته، ولا تفكر في
رجل آخر بعد وفاته، بل عليها حينئذ أن تهجر ما تشتهيه من الأكل اللذيذ، واللبس الحسن، بل والزينة كلها، وتعيش أرملة إلى آخر عمرها.
§       وإن وجدت زوجها لا يعتني بها ويحب امرأة خيرها، فلا تحقد عليه، ولا تُقصر في
خدمته، ونيل مرضاته، فقد نيطت جنة المرأة برضاء بعلها، فلا تفعل شئ لا يرضاه بعلها.
§       الأوفق أن تشهد النساء للنساء والرجال للرجال وشهادة النساء وإن كنَّ نزيهات لا
يُقام لها كبير وزن، لأن عقولهن لا توازن فيها.
§       لتعلم المرأة أن عظمتها منوطة بعظمة زوجها، وإذا ابتلي أحد بزوجة شريرة خداعة
قاسية القلب فله أن يطلقها ويطردها من بيته.
ذلك هو وضع ومكانة المرأة في بلاد الهند تلك المكانة الشأنة والتي وصلت إليها في ظل عقائدهم الدينية وتقاليدهم الموروثة.

(2) المرأة في بابل وأشور بالعراق: هداية الحيارى الباب الثاني


(2) المرأة في بابل وأشور بالعراق:

لقد كان وضع المرأة في بابل وأشور يدعو إلى الرثاء لحالها، وما يجري لها، فقد ضاعت من أغلب حقوقها، حيث كانت في عداد الماشية المملوكة، كما فقدت الكثير من آدميتها وكرامتها، فقد كانت ذات وضع مُهين ومُشين، فقد كان من حق الزوج:
·       أن يُرهن زوجته لدى دائنة مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات وفاءاً لدينه.
·        كما كان من حقه أن يبيع زوجته أو يردها لبيت أهلها دون أي تعويض إذا ثبتت خيانتها لزوجها، أو أن يستبقيها كجارية عنده (1) فلسفة وتاريخ النظم الاجتماعية والقانونية د/ محمود السقا ص 392
وفي شريعة حمورابي التي اشتهرت بها بلاد بابل: كانت المرأة تُحسب في عداد الماشية المملوكة ، وكانت هذه الشريعة تفرض على من} قتل بنتا لرجل آخر، أن يُسلمه ابنته ليقتلها، أو يملكها إذا شاء أن يعفو عنها (2) المرآة في القرآن: عباس العقاد ص 48
ومن الأشياء التي كانت منتشرة لدى البابليين والآشوريين، أن الوالدين ليس لهما الحق في تزويج بناتهم، كما ليس من حق البنت أن تنكح منْ تشاء، ولكن الأمر في ذلك كان للكُهان، اللذين يجتمع عندهم العذارى البالغات سنوياً، وهم يبيعونهن في الأسواق بالمزاد العلني، وعلى ولي الأمر أن يرد الثمن إذا وقع الخلاف بينها وبين سيدها المشتري، أو زوجها الراغب عنها.
وكان على المرأة أن تذهب مرة في العمر إلى هيكل ميليتا ربة الجمال، لتهب نفسها لأجنبي يقع عليها، وتقعد النساء صفوف في ذلك المكان حتى يدخل الرجل، ويختار من هن منْ يشاء، فتسير وراءه، حتى لو كان دميما قبيح الخلقة، ليس لها الخروج من الهيكل حتى تقوم بتلك الفريضة المُحتمة عليها، ولها الويل إن كانت قبيحة، فإنها تمكث زمناً طويلاً قبل أن يرغب فيها أحد (3) أستاذ المرأة: محمد سالم البيجاتي ص 15
ومن ضمن ما جاء في شريعة حمورابي:
·       أن المرأة ليس لها حق ميراث زوجها بعد موته.
·       وكان الطلاق سهلا على الرجل لأتفه الأسباب.
·       أما إذا كانت المرأة ناشزا مهملة لشئون بيتها، وتربية أولادها، فإنها تستحق أن تُلقى في الماء.
·       وكانت الإناث في تلك الشريعة لا يرثن آبائهن، ولم يكن لهن نصيب معلوم في تركتهم، وذلك لأن التركة كانت للذكور وحدهم، على اعتبار أنهم امتداد لشخصية آبائهم، وعلل الشُراح لك بأن الدوطة التي كانت تُعطى للبنت عند زواجها، كانت تعوضها عن حرمانها من حق الإرث في أموال أبيها.

((1) المرأة في العصر الفرعوني:لباب الثاني

(1) المرأة في العصر الفرعوني:

من أقوال قدماء المصريين:
·       إذا كنت عاقلا مدبرا منزلك، حب زوجتك التي هي شريكتك في حياتك، وقم لها بالمئونة، لتُحسن لك المعونة، واحضر لها الطبيب، وادخل عليها السرور، ولا تكن شديدا معها، إذ باللين تمتلك قلبها، وأد مطالبها الحقة، يدُم معها صفاؤك، ويستمر هناؤك.
·       إذا كانت زوجتك كاملة مدبرة، فلا تعاملها بالخشونة والغلظة، وراقب أطوارها، لتكشف أحوالها، ولا تُسرع معها في الغضب، لئلا تزرع شجرة الشقاق، والنزاع في بيتك، فتكون ثمرتها التنغيص، فإن كثيرا من الناس يضعون أساس الخراب في بيوتهم لجهلهم حقوق المرأة.
·       المرأة العاقلة تُسعد زوجها، والمرأة الشريرة تجعله دائماً فقيراً.
رعمسيس الثالث مع حورس وست
ومن أقوال رعمسيس الثالث ملك مصر:
جعلت المرأة في عهدي تذهب حيث شاءت دون أن يعترض لها أحد في الطريق.
وقالت إحدى فتيات مصر القديمة مخاطبة حبيبها:
أتمنى يا حبيبي أن أكون زوجتك، وربة بيتك، وأمينة أموالك، ويلتف ساعدي بساعدك، ونتنزه معا فرحين سعيدين، ويخالج قلبي وهو يخفق في صدري كلمات الحب.(0) الحب والزواج: القمص بولس ص 201: 204

من تلك الأقوال يستبين لنا حجم الحقوق التي حظيت بها المرأة، والتي أعطتها لها الحضارة المصرية القديمة، حيث كانت حقوقها قريبة من حقوق الرجل، فكان لها:
·       حق الميراث.
·       حق الخروج إلى الأسواق.
·       حق مزاولة كافة أنواع التجارة.
·       حق الملكية الخاصة.
·       حق تولي أمور أسرتها في غياب زوجها.
·       وكانت المصرية القديمة قادرة على إجراء كافة التصرفات القانونية دون إذن وليها سواء كان والدها أو زوجها، إذا كانت متزوجة.
·       وكانت كاملة الأهلية: لها الحق في اختيار منْ تشاء زوجا لها، فلا تُكره على الزواج دون رغبتها.(1) الزواج والطلاق في جميع الأديان والعصور: الشيخ/ المراغي ص 
500

·       كما كانت محبوبة من زوجها، وتلقب بنت بر أي ربة المنزل، وكان حكماء المصريون يوجهون النصائح للرجل ليعامل زوجته معاملة كريمة، ويُحسن عشرتها،ومن هذه النصائح:
§       كن لين العريكة مع زوجتك، وعملها بالعدل والإحسان والرحمة.
§       ولا تدع نشوة القوة تستبد بك في معاملتك إياها، فاللين أفعل في قلوب النساء من السحر.
§       واغمر زوجتك بالحنان والعطف، وأسبغ على حياتها شمس حمايتك القوية.

وقال حكيم آخر:  لا تكن فظا غليظ القلب في معاملة زوجتك.
 بتاح حتب الحكيم المصري المشهور
ومن أقوال بتاح حتب الحكيم المصري المشهور: أحب زوجتك، وأشبع بطنها، واكس ظهرها، واشرح صدرها طوال حياتها معك.(2) المرأة في جميع العصور: محمد عبد المقصود ص 16
 
وكانت تؤول للمرأة المصرية أموال زوجها بمقتضى عقد الزواج وشروطه، فكان الزوج يدفع مهراً لزوجته، ويُشترط في عقد الزواج أنه إذا تزوج بغيرها في حياتها، أو أبغضها أعطاها مبلغا من المال زيادة على المهر، وصارت جميع أمواله الحاضرة والمستقبلية تأميناً لها، كما كانت المرأة تتعهد لزوجها، إذا أبغضته أو أحبت غيره، أن ترد له مهره وان تتنازل عن جميع حقوقها.
وكانت أموال الزوج تؤول لزوجته بمقدار الثلثين، وهو نصيب المرأة في الأموال المشتركة بينهما،

وكانت الأم ترث في أموال ابنها حال حياة الزوج، وكانت تتمتع بالسماواة الكاملة مثل الرجل في الإرث، وذلك في العهود المستقرة.(3) محمد عبد المقصود: مرجع سابق ص 17.
 وكان المصريون حريصون على تعليم الفتيات الصغيرات العقائد الدينية، وآداب السلوك، ولم يكن من الغريب أن تتولى المرأة في مصر الفرعونية أرفع المناصب مثل: القاضيات، والكاهنات، والملكات، ومن النساء الآتي تولين منصب الملكة في مصر الفرعونية:
 مرتين بنت:
حكمت مصر في أواخر الأسرة الأولى بعد اضطرا بات سادة البلاد، وأعادت الأمن والنظام لمصر.
 الملكة خنت كاوس
خنت كاوس:
لقبت بملكة مصر العليا والسفلى وهي من الأسرة الرابعة.
 الملكة سبك نفرو
سبك نفرو:
حكمت ثلاث سنوات وعشرة أشهر وهي من الأسرة الثانية عشرة.
حتشبسوت
حتشبسوت:
أشهر ملكات مصر وهي من الأسرة الثامنة عشر، وحكمت مصر 21 سنة.
 تـــــي
تـــــي:
زوجة الملك أمنحتب الثالث حاولت التوفيق بين ابنها اخناتون وكهنة معبد آمون.(4) محمد عبد المقصود مرجع سابق ص 18
من ذلك العرض ندرك كم الحقوق الشرعية، التي كانت تحظى بها المرأة في كنف مصر الفرعونية، فقد نالت جميع حقوقها، ولا نبالغ أنها قد حازت من الحقوق والحفاوة، ما لم تحصل عليه المرأة في العديد من دول العالم المتحضر الآن.

وإذا كانت المرأة في مصر الفرعونية قد حصلت على هذه الحقوق، إلا أن هذه الحقوق كانت مرهونة بمدى استقرار أو اضطراب الدولة،  فكان يصيبها القلق والاضطراب مع اضطراب
الدولة، وتعود إليها حقوقها مع عودة الاستقرار إلى الدولة.
فعندما غزت الجيوش الأجنبية مصر أخذ مركز الرجل يقوى تدريجيا على حساب مركز المرأة، وأخذت المرأة تفقد بعض حقوقها مثل استئذانها لزوجها في التصرف فيما تملك، كما أصبح لأبنها الأكبر شبة ولاية عليها بعد موت أبيه وهو ما عُرف بامتياز الابن الأكبر، كما حُرمت المرأة من حق الإرث.(5) المرأة عبر التاريخ: حسن محمد جوهر ص 22

الباب الثاني: مكانة ومنزلة المرأة في العصور التاريخية المختلفة



          الباب الثاني
    مكانة المرأة في العصور التاريخية المختلفة
·       المرأة في العصر الفرعوني.
·       المرأة في بابل وآشور في العراق.
·       المرأة في بلاد الهند.
·       المرأة في بلاد الصين.
·       المرأة في اليابان.
·       المرأة في روسيا في العصور الوسطى.
·       المرأة في بلاد فارس.
·       المراة في الدولة الرومانية.
·       المرأة في بلاد اليونان.
·       المرأة عند اليهود.
·       المرأة في المسيحية.
·       المرأة في العصور الوسطى.
·       المرأة في شبة الجزيرة العربية.

ولنبدأ الآن في العرض في شئ من التفصيل:


السبت، 3 سبتمبر 2011

(8) أول جريمة قتل وأثر المرأة فيها: هداية الحيارى الباب الأول


 (8) أول جريمة قتل وأثر المرأة فيها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لولا بني إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها )(0) فتح الباري: ج 5 ص307 حديث رقم 3330
وقال صلى الله عليه وسلم -:
( استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج، وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا ) (1) فتح الباري: حديث رقم 2220
قال تعالى: [وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آَدَمَ بِالحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآَخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ(27) لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ(29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِينَ(30) فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31) ]. {المائدة}.
ففي تلك الآيات يوضح لنا الحق تبارك وتعالى قصة الصراع الذي نشب بين أخوين بسب إمرأة، وما ترتب على ذلك الصراع من نتائج وعواقب، أدت إلى تغير العديد من معالم الأرض الخيرة، والطبيعة الخيرة، تلك الطبيعة البكر، التي لم تقترف أي ذنب أو اية معصية، وخلاصة تلك القصة كما جاء في كتب السير والتاريخ:
أن حواء عليها السلام كانت تلد في كل بطن اثنين ذكر وأنثى، وكان الحق جل وعلا قد آمر آدم عليه السلام بان يزوج أبناءه بطريقة عكسي، أي يزوج ابن البطن الأول لبنت البطن الثانية، وبنت البطن الأول لابن البطن الثانية.
ولما كانت حواء قد وضعت في البطن الأول كل من: قابيل مع أخته اقليمياء، وفي البطن الثانية وضعت كل من: هابيل مع اخته ليوذا، وبناء على الامر الإلهي: وجب على قابيل الزواج من ليوذا، كما وجب على هابيل الزواج من اقليمياء، وهنا برزت المشكلة، وتجلت الفتنة.
فقد كانت اقليمياء على درجة من الجمال أشد من ليوذا، ولذا برزت رغبة قابيل في الزواج من إقليمياء التي تحل له شرعا، وترك ليوذا التي تحل له شرعا.
وهنا تدخل الأب: آدم عليه السلام- في الصراع الذي بدأ يطل برأسه بين الآخوين، وطلب منهما الإحتكام إلى الله جل في علاه- والامتثال لأمره سبحانه وتعالى بأن يقدم كل منهما قرباناً إلى الله تعالى ومنْ يُقبل قربانه يكن أحق بالزواج  من اقليمياء، وبالفعل نفذ الطرفان.
فقدم هابيل كبشا عظيما من أجود أنواع غنمه حيث كان يعمل راعيا للغنم، بينما قدم قابيل صبرة ( حزمة ) قمح من أردا ما عنده، حتى أنه وجد فيها سنبلة طيبة فأكلها حيث كان يعمل زارعا، فجاء قضاء الله جل في علاه بتقبل القربان من هابيل، حيث قيل أنه نزلت نارا فأحرقت الكبش، وقيل صعد إلى السماء، حتى جاءت لحظة فداء إسماعيل عليه السلام من الذبح، فقُدم الكبش للسكين ليفتدي إسماعيل عليه السلام -.
وهنا برزت رغبة قابيل في عدم الامتثال لأمر الله تعالى فقرر قتل أخيه هابيل، الذي أخبره أنه لن يقاومه إذا حاول قتله، وأنه قد أسلم نفسه لله سبحانه وتعالى فإذا ما حاول قابيل قتله، فلن يلقى أي مقاومة أو اعتراض من هابيل.
وبالفعل استغل قابيل غياب أبيه آدم، الذي كان في زيارة لمكه، وقام بقتل أخيه، وقد اخُتلف في كيفية قتل قابيل لهابيل، فقيل بأن ضربه بحجر وهونائم، فشج رأسه، وقيل انه خنقه، وقيل أنه شرع في عضه كما تفعل السباع، فلما قتله ظل يحمله في جراب على ظهره، قيل أربعين يوما وقيل أربعين سنة، لا يدري كيف يتصرف فيه، حتى بعث الله له غرابا، يحمل غراب آخر ميت، وشرع يواري عليه التراب حتى دفنه.
وهنا بدا قابيل يندم في وقت لا يجدي فيه الندم، ثم أخذ أخته اقليمياء وهرب بها، وهو يحمل وزر أخيه هابيل، الذي قتله بيديه، وفي ذات الوقت يحمل جزء من وزر قل قاتل يأتي بعده، لأنه أول منْ سن القتل في الأرض، ذلك إجمال مقتضب لتلك القصة. والتي دار فيها الصراع من أجل تعلق أحدهما بإمرأة، لا تحل له شرعا، وفي ذلك يقول القائل:
من فتنة النسوان كم يعصى الفتي          أمر الإله بطاعة الشيطان.
واللص لولاهم لم يك بائعا                   للروح منه بأبخس الأثمان
قابيل لولاهن لم يقتل أخا                     ولا رض بالذل والعصيان
وبهن صار لآدم مع يوسف                  فيما حكاه الله في القرآن
وكذلك هاروت ببابل منكاسا           ومعلق بالرجل في الجذعان
مجنون ليلى جُن في حب النسا              كل الذى يأتي من النسوان
فترى البلا يأتي منهن والوفا                لا يأتي منهن مدى الأزمان
كن ما استطعت من النساء بمعزلٍ   إن النساء حبائل الشيطان