السبت، 3 سبتمبر 2011

(3) عمارة الكون والسبب في خلق آدم وحواء: الباب الأول

(3)  عمارة الكون والسبب في خلق آدم وحواء: الباب الأول
عمارة الكون والسبب في خلق آدم وحواء
شاء الحق - تبارك وتعالى أن يخلق الكون وفق إرادته وحكمته، لُيظهر كمال علمه وقدرته، بظهور أفعاله المتقنة المحكمة، ولُيثبت أنها لا تأتي إلا من قادر حكيم، ولُيعبد في هذا الكون، فإنه ُيحب عبادة العابدين، وُيثيبهم عليها على قدر فضله، لا على قدر عبادتهم وأفعالهم، وإن كان غنياً عن عبادة خلقه، لا ُتزيد في ملكه طاعة المطيعين، ولا ُتنقص من ملكه معصية العاصين.       قال الله تعالى -: [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ(57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ(58) ]. {الذاريات}.
ففي هذه الآية الكريمة يوضح - الحق تبارك وتعالى-: تمام الغاية التي إليها قصد من وراء خلق الخلق، فقد أشار إلى أن الغاية من خلق الثقلين ( الإنس والجن ) تنحصر في عبادته وتوحيده جل شأنه لا لطلب الدنيا والانشغال بالسعي فيها عن عبادته وتوحيده، فهو سبحانه لا يطلب منهم رزقا له، ولا إلي أنفسهم، وذلك لأنه الرازق المعطي، فشأن الله سبحانه مع عباده، يختلف عن شأن السادة مع عبيدهم، - ولله المثل الأعلى فالسادة إنما يحتاجون لعبيدهم من أجل أن ينهض العبيد بما يُوكل إليهم من أعمال، تساعد على استمرار معايش السادة، أي أن العبيد سببا لاستمرار السادة، وفي مقابل ذلك يقع على عاتق السادة عبء كفالة عبيدهم من حيث المطعم والمشرب والملبس، أما حال الحق تبارك وتعالى مع عباده أفضل من ذلك، فهو سبحانه ى يكلفهم بأي عمل سوى العبادة، والالتزام بما إليه أمر، والبعد عما عنه نهى، وفي مقابل ذلك فهو سبحانه وتعالى المتكفل بأرزاقهم وحاجاتهم فالله سبحانه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه سبحانه في جميع أحوالهم، فهو جل شأنه خالقهم ورازقهم.
قال- الله عز وجل -: ( [اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] {الرُّوم:40}
قال المفسرون: خلقكم لإظهار القدرة، ثم رزقكم لإظهار الكرم، ثم يميتكم لإظهار القهر والجبروت، ثم يحييكم لإظهار العدل والفضل، والثواب والعقاب.(1) دراسات في التفسير
الموضوعي للقرآن الكريم د/ احمد جمال العمري ص 109
قال تعالي: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي
كِتَابٍ مُبِينٍ] {هود:6}
وفي الحديث القدسي: قال تعالى: [ ابن آدم، تفرغ لعبادتي؟، أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، و إلا تفعل، ملأت صدرك شغلا، ولم أسد فقرك ] (2) من الأحاديث القدسية ياسين رشدي ص 10
وقوله جل شأنه { عبدي: خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وقسمت لك رزقك فلا تتعب، إن قل فلا تحزن، وإن كثر فلا تفرح، إن أنت رضيت بما قسمته لك، أرحت بدنك وعقلك، وكنت عندي محمودا، وإن لم ترض بما قسمته لك، أتعبت بدنك وعقلك، وكنت عندي مذموما، وعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في الفلاة، ولا تُصيب منها إلا ما كتبته لك}(3) من الأحاديث القدسية مرجع سابق ص 10
وقال سبحانه وتعالى { يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا منْ هديته فأستهدوني أهدكم، يا عبادي: كلكم جائع إلا منْ أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي: كلكم عار إلا من ْ كسوته، فإستكسوني أكسكم، يا عبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي: لو أن أولكم وأخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي: لو أن أولكم وأخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يُنقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمنْ وجد خيرا، فليحمد الله، ومنْ وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه }(4) الأحاديث القدسية: ج1 ص 264
ومن هنا يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك، أن الغاية من خلق بني آدم، تنحصر في النهوض بعبادة الله عز وجل من خلال مسايرة أمور الحياة المختلفة حيث أن العبادة كما وصفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى -: اسم جامـــع لكل ما يحبه الله ويرضاه من
الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة، فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء، والذكر، والقراءة وأمثال ذلك يعني العبادة الظاهرة.
وكذلك حب الله، ورسوله (صلى الله عليه وسلم) وخشيته والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف لعذابه، وأمثال ذلك يعني العبادة الباطنة.(5) معارج القبول الشيخ/ حافظ ابن أحمد حكمي ج1 ص 33، 34
وهذا وإذا كان الحق تبارك وتعالى قد قصد عبادة الخلق له، - سبحانه كسبب لوجودهم، فهو جل شأنه يسوق رزقه للجميع: مطيعهم وعاصيهم، مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، مسلمهم ومنافقهم، فهو جلت قدرته لا يختص فريق بالرزق دون فريق، وإنما رزقه سبحانه للجميع، ثم تأتي بعد ذلك إثابة المطيع والمؤمن والبر والمسلم، وعقاب العاصي والكافر، والفاجر، والمنافق فحاله تبارك وتعالى وحال عباده معه يدعو للعجب، ومما يؤكد قوله تعالى - في الحديث القدسي: [ إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر غيري] (6) من الأحاديث القدسية: ياسين رشدي ص 12 كما رواه البيهقي والحاكم.
فهذا الحديث يوضح حال العجب في تعامل الخالق - جل شأنه مع عباده، ورد عباده على هذا التعامل منه تقدس اسمه فالله تبارك وتعالى هو خالق العباد، ورغم ذلك يعبدوا غيره، وهو أيضا رازقهم، ورغم ذلك يشكروا سواه، وما كان ذلك منه - سبحانه إلا لعظم الحلم والصبر والرحمة والعفو والفضل الذي يعامل به الله سبحانه عباده
وفي حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم) ما يؤكد ويدعم ذلك المعنى حيث قال ( صلى الله عليه وسلم) { ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم}
(7) فتح الباري: ج13 حديث رقم 7378
فإذا كان الحق تبارك وتعالى قد فرض علين فريضة العبادة والطاعة، وفرض على ذاته رزقنا، فإن نحن خالفناه في فريضته، لم يخالفنا في رزقه، الذي يسوقه لنا رغم معصيتنا له، وعلى ذلك فيكون شرنا إليه جل وعلا صاعد، وخيره رغم ذلك إلينا نازل.
كما إن تعجيل العقوبة ليس من شأنه، ولا من صفاته جلت قدرته فهو سبحانه القائل عن ذاته في الحديث القدسي الشريف: { ما غضبت على أحد غضبي على عبد أتى معصية، فتعاظمها في جنب عفوي، فلو كنت معجلا بالعقوبة، أو كانت العجلة من شأني، لعجلتها للقانطين من رحمتي، و لو لم أرحم عبادي إلا من خوفهم من الوقوف بين يدي، لشكرت ذلك لهم، وجعلت ثوابهم منه الأمن لما خافوا }(8) من الأحاديث القدسية: ياسين رشدي ص106 رواه الرافعي.
فالإنسان إذا أطاع الله، أطاعه كل شئ، وإذا عصاه، عصاه كل شئ، وفي الحديث
القدسي( أوحى الله إلى داود عليه السلام ( وعزتي وجلالي ما منْ عبد يعتصم بي دون خلقي أعرف ذلك من نيته فتكيده السموات والأرض بمنْ فيها، إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا، وما منْ عبد يعتصم بمخلوق دوني أعرف ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماء بين يديه، أرسخت الهوى من تحت قدميه، وما منْ عبد يطيعني، إلا وأنا معطيه قبل أن يسألني، ومستجيب له قبل أن يدعوني، وغافر له قبل أن يستغفرني ) ( 9) من الأحاديث القدسية ياسين رشدي رواه ابن عساكر، والديلمي.
من كل ما تقدم يتضح لنا أن عبادة الله وطاعته سبحانه وتعالى من خلال إتباع أوامره، واجتناب نواهيه، هي السبب الرئيسي الذي من أجله خلقنا، وهي العلة المقصودة، والغاية المرجوة من وجود أدم وذريته في هذا الكون بعد فساد المخلوقات التي سبقت وجود بني آدم في عمارة الأرض، ومن ثمة تكون الدنيا بكل ما يجري فيها، وسيلتنا للوصول إلى العيش الطيب في الآخرة، وأن كل ما نرغب في تحقيقه، والوصول إليه في الدنيا، لابد وأن يرتبط ارتباطا وثيقا بمدى طاعتنا لله وبمدى التزامنا بما إليه أمر وبعدنا عما عنه نهى وزجر.
ولذلك نجد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يخاطب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو لا يزال غلاما قائلا: { يا غلام إني معلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف }
هذا وقد أعطى الحق تبارك وتعالى الإنسان القدرة على تنفيذ ما يوكل إليه فعله، فقد خلق سبحانه كل شئ في الكون لأجل الإنسان، وخلق الإنسان لأجله جل شأنه وأعطاه القوة والقدرة على النهوض بما يلقى على عاتقه من مهام، ومما يؤيد ذلك، ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه حيث قال: { لما خلق الله الأرض، جعلت تميد، فخلق الجبال، وألقاها عليها فاستقامت، فتعجبت الملائكة من شدة الجبال، فقالت: يارب هل من خلقك شئ أشد من الجبال ؟! قال: نعم الحديد، فقالت: يارب هل من خلقك شئ أشد من الحديد ؟! قال: نعم النار، فقالت: يارب هل من خلقك شئ أشد من النار ؟! قال: نعم الماء، فقالت: يارب هل من خلقك شئ أشد من الماء ؟! قال: نعم: الريح، فقالت: يارب هل من خلقك شئ أشد من الريح ؟! قال: نعم الإنسان } (10) دراسات في التفسير الموضوعي للقصص القرآني د/ أحمد العمري ص 116 
ومن لطيف من نختم به هذه المقالة، الحديث القدسي الذي أورده ابن كثير في تفسيره، قال الحق تبارك وتعالى { ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت برزقك فلا تتعب، فاطلبني، تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شئ، وإن فتك فاتك كل شئ، وأنا أحب إليك من كل شئ } (11) تفسير ابن كثير ج4 ص 203
                             

هناك تعليق واحد:

  1. شاء الحق - تبارك وتعالى – أن يخلق الكون وفق إرادته وحكمته، لُيظهر كمال علمه وقدرته، بظهور أفعاله المتقنة المحكمة، ولُيثبت أنها لا تأتي إلا من قادر حكيم، ولُيعبد في هذا الكون، فإنه ُيحب عبادة العابدين، وُيثيبهم عليها على قدر فضله، لا على قدر عبادتهم وأفعالهم، وإن كان غنياً عن عبادة خلقه، لا ُتزيد في ملكه طاعة المطيعين، ولا ُتنقص من ملكه معصية العاصين. قال – الله تعالى -: [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ(57) إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ(58) ]. {الذاريات}.
    ففي هذه الآية الكريمة يوضح - الحق تبارك وتعالى-: تمام الغاية التي إليها قصد من وراء خلق الخلق، فقد أشار إلى أن الغاية من خلق الثقلين ( الإنس والجن ) تنحصر في عبادته وتوحيده – جل شأنه – لا لطلب الدنيا والانشغال بالسعي فيها عن عبادته وتوحيده، فهو – سبحانه – لا يطلب منهم رزقا له، ولا إلي أنفسهم، وذلك لأنه الرازق المعطي، فشأن الله – سبحانه – مع عباده، يختلف عن شأن السادة مع عبيدهم، - ولله المثل الأعلى – فالسادة إنما يحتاجون لعبيدهم من أجل أن ينهض العبيد بما يُوكل إليهم من أعمال، تساعد على استمرار معايش السادة، أي أن العبيد سببا لاستمرار السادة، وفي مقابل ذلك يقع على عاتق السادة عبء كفالة عبيدهم من حيث المطعم والمشرب والملبس، أما حال – الحق تبارك وتعالى – مع عباده أفضل من ذلك، فهو – سبحانه – ى يكلفهم بأي عمل سوى العبادة، والالتزام بما إليه أمر، والبعد عما عنه نهى، وفي مقابل ذلك فهو – سبحانه وتعالى – المتكفل بأرزاقهم وحاجاتهم – فالله سبحانه – غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه – سبحانه – في جميع أحوالهم، فهو – جل شأنه – خالقهم ورازقهم.
    قال- الله عز وجل -: ( [اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ] {الرُّوم:40}
    قال المفسرون: خلقكم لإظهار القدرة، ثم رزقكم لإظهار الكرم، ثم يميتكم لإظهار القهر والجبروت، ثم يحييكم لإظهار العدل والفضل، والثواب والعقاب.(1) دراسات في التفسير
    الموضوعي للقرآن الكريم د/ احمد جمال العمري ص 109
    قال تعالي: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي
    كِتَابٍ مُبِينٍ] {هود:6}
    وفي الحديث القدسي: قال تعالى: [ ابن آدم، تفرغ لعبادتي؟، أملأ صدرك غنى، وأسد فقرك، و إلا تفعل، ملأت صدرك شغلا، ولم أسد فقرك ] (2) من الأحاديث القدسية ياسين رشدي ص 10
    وقوله – جل شأنه – { عبدي: خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وقسمت لك رزقك فلا تتعب، إن قل فلا تحزن، وإن كثر فلا تفرح، إن أنت رضيت بما قسمته لك، أرحت بدنك وعقلك، وكنت عندي محمودا، وإن لم ترض بما قسمته لك، أتعبت بدنك وعقلك، وكنت عندي مذموما، وعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحش في الفلاة، ولا تُصيب منها إلا ما كتبته لك}(3) من الأحاديث القدسية مرجع سابق ص 10
    وقال – سبحانه وتعالى – { يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا منْ هديته فأستهدوني أهدكم، يا عبادي: كلكم جائع إلا منْ أطعمته، فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي: كلكم عار إلا من ْ كسوته، فإستكسوني أكسكم، يا عبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي: لو أن أولكم وأخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئا، يا عبادي: لو أن أولكم وأخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يُنقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمنْ وجد خيرا، فليحمد الله، ومنْ وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه }(4) الأحاديث القدسية: ج1 ص 264
    ومن هنا يتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك، أن الغاية من خلق بني آدم، تنحصر في النهوض بعبادة الله – عز وجل – من خلال مسايرة أمور الحياة المختلفة حيث أن العبادة كما وصفها شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: اسم جامـــع لكل ما يحبه الله ويرضاه من

    ردحذف