الأحد، 4 سبتمبر 2011

(4) المرأة في بلاد الهند: هداية الحيارى الباب الثاني


(4) المرأة في بلاد الهند:
·       لم تعرف المرأة الهندية حقا مستقلا عن أبيها أو زوجها أو أولادها، وذلك في ظل شريعة
مانو، التي كانت تحكم الأمور في بلاد الهند، فإذا انقطع هؤلاء جميعا ( الأب، والزوج و الأبناء) وجب على المرأة أن تنتمي لرجل من أقارب زوجها في النسب، فلا تستقل بأمر نفسها في أية حالة من الأحوال ( بنت أو زوجه أو أم أو أرملة) كما أن حقها في الحياة يُسلب بمجرد موت زوجها، فيجب عليها أن تُحرق مع جسد زوجها الميت على موقد واحد، ولقد ظلت تلك العادة البغيضة منذ وجود الحضارة البرهمية حتى القرن السابع عشر، ثم أُلغيت بعد ذلك على مضض من أصحاب الشعائر الدينية، ولكن كان عليها أن تحرق شعر رأسها، وتقيم في غرفة خلف المنزل، لا تخالط أحداً، ولا تتزين، أو تعتني بنفسها، فالمرأة في ظل تلك الشريعة قد تبوأت منزلة تعسة، بل إن مانو كان يعتبرها جسداً يوشك ألا يكون لها روح.
فقد كانت المرأة متاعا فحسب، جسداً لا اعتراف بحقوقه، ولا اعتداد بروحه ونفسه ووجدانه، وكانت لا تستطيع أن تهجر زوجها في أية حالة حتى ولو أُصيب بالجنون، أو الشلل، ومن الغريب أن تعاليم مانو كانت تعتبر المرأة نجساً يجب التحرز منه (1) الدين وقوانين الأحوال الشخصية: المستشار على منصور ص 47
·       ولم يكن وضع المرأة في شريعة بوذا بأفضل بكثير من وضعها في شريعة مانو، حيث يؤخذ
على بوذا رفضه قبول أو دخول النساء في دينه أو شريعته، ثم قبوله لهن بعد ذلك في كثير من التردد والخوف، فضلا عن انه كان يرى في المرأة خطر كبير على نظامه أو دينه، ومن ثمة إمكان إخراجهن منه، وذلك تفريق قاس ما بين المرأة والرجل، وحيلولة بين المرأة وهي الأم والزوجة والأخت والبنت وبين النور إن كانت البوذية نوراً.
ويمكننا أن نستخلص رأي بوذا في المرأة، من خلال ذلك الحوار، الذي دار بين بوذا وبين ابن عمه وصفيه آنندا حيث نجده يسأل بوذا عن بعض الأمور الخاصة بالنساء:
آنندا: كيف نعامل النساء أيها السيد ؟!
بوذا: لا تنظر إليهن .!
آنندا: ولكن إذا اضطررنا للنظر إليهن.!
بوذا: لا تخاطبهن.!
آنندا: ولكن إذا خاطبننا ؟!
بوذا: إذن كن على حذر تام منهن.!
ومن أقواله لآنندا الذي كان من أنصار المرأة: لو لم نضم المرأة لدام النظام طويلاً، أما الآن بعد دخول المرأة بيننا، فلا أراه يدوم طويلاً (2) مقارنة الأديان د/أحمد شلبي ج 4 ص 180
ومن أقوال بوذا أيضا:
خير للإنسان العاقل أن يقع بين فكي نمر مفترس أو تحت سيف الجلاد من أن يُساكن امرأة ويحرك من نفسه الشهوة.
·       كما كانت التقاليد الهندية تحرم المرأة من الميراث، فعندما كان يموت أبوها قبل زواجها، أو
يموت زوجها، كانت تعيش عالة على ذويها - - - ويقول مانو في ذلك الشأن: ثلاثة لا يجوز أن يملكوا شيئاً: الزوجة والابن والعبد - - - فكل ما يكسبه هؤلاء يكن ملكاً لسيد الأسرة (3) قصة الحضارة: ول ديورانت ج1 الجزء 3 ص 180
فلقد كانت المرأة في الشريعة الهندية منحطة، لا تُعد شيئاً مذكوراً، فهي عبدة الرجل، ولا يجوز لها أن تكلمه إلا باحترام زائد، ولا أن تؤاكله على مائدة، بل لا يجوز أن تتلفظ باسمه، وبلغ من الإفراط في امتهانها أنهم صاروا يحتقرون الرجل الذي يحادث زوجته محادثة عائلية، وظلت المرأة الهندية مستسلمة لتلك العادة، ومطيعة لذلك التشريع حتى أنها كانت تحترق بالنار مع زوجها، الذي يُحرق بعد موته، ومنذ قرابة المائتين عام: مات أميران هنديان لأحد هما سبعة عشرة زوجة، وللآخر ثلاث عشرة فقدمن أنفسهن جميعاً للنار إلا واحدة كانت حاملا، ولما وضعت جنينها
التحقت بصواحبها في النار في الدنيا والآخرة (4) أستاذ المرأة: محمد سالم البيجاتي ص 16
·       ويقول مانو: إن الزوجة الوفية ينبغي أن تخدم سيدها ( زوجها ) كما لو كان إلهاً، ولا تأتي
بشئ يؤلمه مهما كانت حالته، حتى وإن خلا من الفضائل.
·       وفي الشريعة الهندية يحق للرجل أن يطلق زوجته لخانتها الزوجية، ولكن الزوجة لا تستطيع
أن تحصل على الطلاق برغبتها، مهما كانت أسبابها في ذلك، كما أن في مقدور الزوج أن يتزوج على زوجته، إذا ما شربت الخمر أو مرضت، أو شقت عليه عصا الطاعة، أو كانت مسرفة أو مشاكسة.
·       وتشبه البروفيسورة انديرا في كتابها وضع المرأة في مها بهارتا -: تشبه المرأة بالسيف
الحاد، إنها تُولد النيران، ومن أجل هذه الخصائص على الر جل ألا يحبها، ولا يعشقها أبداً، كما يجب على المرأة الهندية أن تخاطب زوجها في خشوع وخضوع وهي تردد: يا مولاي ويا سيدي و يا إلهي. (5) المرأة في التصور الإسلامي: عبد المتعال الجبري ص 142
·       ومن أقوال الزعيم: نهرو فيما يتعلق بالمرأة: منْ يصادق الثعبان فليملأ داره بالترياق.
·       وخير دليل على المكانة الهابطة التي وصلت إليها المرأة في الهند، تلك الكلمات التي جاءت
على لسان إحدى الهنديات حيث تقول: إذا جئت لزيارتنا مع زوجتك، فإنني لا أستطيع أن أقابلك، بل سيقابلك زوجي وحده، ولا يمكن لزوجي أن يقابل زوجتك، وسنبقى أنا وزوجتك في غرفة خاصة خلفية مغلقة، أما حال الأرامل عندنا، فتعيس للغاية، فهي لا يجوز لها أن تأكل من الطبق الذي نأكل فيه نحن، وينبغي أن تطبخ طعامها بنفسها، ومن المحرم عليها أكل اللحوم، أو الجبنة، أو ما إلى ذلك من الأطعمة الشهية الدسمة التي لا تحتاج إليها الأرامل.
·       وفي بعض قبائل الهنود تتلخص مراسم الزواج في أن يذهب العريس، ويأتي بالعروسة إلى
الغابة قبل غروب الشمس، وهناك يتقدم في صحبة شاهدين، ثم يشد الفتاة إلى جزع شجرة، ثم يشرع في إجراء ما عُرف عند أهل القبيلة بعملية التطهير، فيتناول صوتاً ويلهب به بدن الفتاة، فتصرخ وتئن، وإذ ذاك يُقبل جمع من السحرة، ويرقصون قصاً وحشياً، يتخلله هتاف مزعج يصم الآذان وخلال ذلك يُسرع أحد الشهود ويشعل النار عند قدمي الفتاة في كومة من الحشائش والحطب، فتتلوى المسكينة وتصيح، وتضرب الهواء بقبضتها، ولا يُحل رباطها إلا بعد أن تكون قد فقدت رشدها، وأُصيبت بإغماء، حينئذ يهلل السحرة، معتقدين أن الأرواح الشريرة قد خرجت منها، وأن الضرب والرقص والنار قد تغلبت على هذه الأرواح (6) الحب والزواج: القس بولس باسيلي ص 322.
·       ومن العادات المقيتة في الهندوسية التبكير في الزواج، فقد كان الأطفال يُعقد لهم بالزواج
وهم يحُبْون، وإذا مات الولد وكثيراً ما كان يموت الصبيان ترملت زوجته وأمضت حياتها أرملة حزينة عليه، وكثيراً ما كانت الزوجة تُلقي بنفسها في النار لتحرق نفسها بنفس النار التي أُشعلت ليحرق بها جسد زوجها الميت.
·       وخير ما نختتم به حديثنا عن وضع ومكانة ومنزلة المرأة في بلاد الهند نماذج من الفقه
الهندوسي نستمدها من كتاب ( منو دهرما ساسترا) ( manu dbrama sastra ) وهو كتاب يحتوي على الشرائع التي يحرص الهندوس على تطبيقها ومن ذلك فيما يخص المرأة:
§       تعيش المرأة وليس لها خيار سواء كانت بنتاً صغيرة أو شابة أو عجوزة، فالبنت في
خيار أبيها، والمتزوجة في خيار بعلها، والأرملة في خيار أبنائها، وليس لها أن تستقل أبداً.
§       على المرأة أن ترضى بمنْ ارتضاه لها والدها بعلا، فتخدمه طوال حياته، ولا تفكر في
رجل آخر بعد وفاته، بل عليها حينئذ أن تهجر ما تشتهيه من الأكل اللذيذ، واللبس الحسن، بل والزينة كلها، وتعيش أرملة إلى آخر عمرها.
§       وإن وجدت زوجها لا يعتني بها ويحب امرأة خيرها، فلا تحقد عليه، ولا تُقصر في
خدمته، ونيل مرضاته، فقد نيطت جنة المرأة برضاء بعلها، فلا تفعل شئ لا يرضاه بعلها.
§       الأوفق أن تشهد النساء للنساء والرجال للرجال وشهادة النساء وإن كنَّ نزيهات لا
يُقام لها كبير وزن، لأن عقولهن لا توازن فيها.
§       لتعلم المرأة أن عظمتها منوطة بعظمة زوجها، وإذا ابتلي أحد بزوجة شريرة خداعة
قاسية القلب فله أن يطلقها ويطردها من بيته.
ذلك هو وضع ومكانة المرأة في بلاد الهند تلك المكانة الشأنة والتي وصلت إليها في ظل عقائدهم الدينية وتقاليدهم الموروثة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق