الأربعاء، 31 أغسطس 2016

أولا: أن الحجاب نظام وبدعة من وضع الإسلام:(6) الحجاب:رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:الباب الثالث: الإسلام والمرأة

الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(6) الحجاب:
أولا: أن الحجاب نظام وبدعة من وضع الإسلام
على طريقة مسلسل العداء، الذي لم ولن ينتهي للإسلام، يحاول إخواننا الحاقدون تلفيق التهم، بل كيلها كيلا للإسلام، فهم يزعمون أن حجاب النساء بدعة جاء بها الإسلام، وأن الحجاب لم يُعرف قبل الإسلام، وأنه فرض لحبس المرأة، وإلحاق الذلة والمهانة بها، حيث أنه ينتقص من حريتها، هذا هو الزعم، وتلك هي التهمة، التي يجتهدون في إلصاقها بالإسلام، فتعالين بنا لنرى حقيقة ذلك الزعم، ونتعرف على كذبه وافترائه؟!
ولسوف يكون ردنا من خلال النقاط التالية:
·      أن الحجاب نظام وبدعة من وضع الإسلام.
·      أن الإسلام شُرع لحبس المرأة:
·      كلمة حق.

أولا: أن الحجاب نظام من وضع الإسلام، وأنه لم تعرفه أيَّ من الديانات، ولا الأمم السابقة – والحقيقة التي لا ريب فيها، أن هذا الكلام كمن سبقه مجرد هراء، ولا يخلو من الافتراء والادعاء والكذب، فيكفي أن نتصفح بعض أوراق التاريخ، لندرك أن الحجاب كان نظاما معروفا قبل الإسلام.
فالحجاب فضيلة أوجبتها كافة الشرائع السماوية قبل الإسلام.. فالشرائع السماوية جميعها اتفقت على الدعوة إلى مكارم الأخلاق وتأتي العفة على رأس مكارم الأخلاق، لذا وجدناها تأمر بالحجاب، فمن الموافق للعقل والحكمة أمر النساء بالستر والحجاب والحشمة، كما أمر الرجال بغض النظر.والآن تعالين بنا نتعرف على الحجاب عند الأمم السابقة للإسلام:

(1) الحجاب عند الآشوريين:يعتبر الآشوريون من أقدم الشعوب التي أخضعت النساء للحجاب ، وذلك ما أكدته الحفريات في أشور القديمة ، حيث عُثر على لوحات طينية ترجع إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد ، تحتوي على قواعد قانونية أقدم من ذلك عهدًا . وفي إحدى  فقرات اللوحة الأولى  منها  بيانٌ مفصلٌ عن نظام الحجاب الذي كان مطبقًا على الحرائر ، دون الإماء والداعرات والعواهر . بل كانت توقع على الأمة أو العاهر التي تتحجب عقوبات شديدة . فالأَمَةُ كانت تُصْلَمُ(أي تُقطع) أذنها على سبيل المثال ، والعاهر كانت تجلد خمسين جَلدة ويصب القطران على رأسها . وكان من الواجب على كل من يشاهد أمةً ، أو عاهرًا ، أو داعرة متحجبة أن يقبض عليها ، ويأتي بها إلى محكمة القصر وكان يكافأ على عمله بمنحه ثيابها . وعلى العكس من ذلك إذا شاهد إنسان أَمَةً ، أو عاهرًا ، أو داعرة متحجبة ولم يقبض عليها تعرض لعقاب شديد ، فكان يُجلد خمسين جلدة ، وتُثقب أذناه ، وتُربطان بخيط يُعقد عند ظهره . ويأخذ من أقام عليه الدعوى  ثيابه ، ويُسخَّر في خدمة الملك شهرًا .
ونلاحظ أن الأَمة إذا خرجت مع سيدتها وجب عليها أن تتحجب ، وكذلك تفعل العاهر أو الداعر إذا تزوجت .
حجاب المرأة اليونانية 
(2)  الحجاب عند اليونان : كان الحجاب معروف عند اليونان في بادئ الأمر ، ثم منه انتقلت إلى المجتمعات الأخرى ، و لذا دامت حضارتهم زمناً طويلاً بسبب حجاب المرأة ، ثم انحطت ، و تدهورت تلك الحضارة العريقة بسبب إباحة الحرية المطلقة للمرأة ، فألقت حجابها ، و سترها ، و أطلقت يدها للتدخل في شؤون الرجال و الدولة إلى أن أسقطت تلك الدولة العظيمة ، فقد جاء في( دائرة المعارف الكبرى) أن عمران المملكة اليونانية ، كان سببها عدم اختلاط المرأة مع الرجل في ميادين العمل ، و كن يشتغلن في بيوتهن ، و يغالين في الحجاب لدرجة أن الداية - القابلة لا تخرج من دارها ألا محفورة ، و وجهها ملثم باعتناء ، و عليها رداء طويل يلامس الكعبين ، و فوق كل ذلك عباءة ، لاتسمح برؤية شكل قوامها.
من جهة أخرى كانت الفتاة فى عهد الإغريق لا تغادر منزلها حتى يتم زفافها .. ولم تكن الزوجة ترى وجه زوجها إلا ليلة الزفاف .... وكانت الزوجة تختفي من المنزل إذا استضاف الزوج صديقا له ....
وعندما قدم « كورنيلوس تيبوس » ، المؤرخ الروماني ، لزيارة اليونان في القرن الأول قبل الميلاد ، أدهشته حياة العزلة والانفصال التي تعيشها المرأة اليونانية ، وهو الذي تعوَّدَ في بلده على اختلاط الجنسين ، فكتب يقول :
« كثير من الأشياء التي نظمها الرومان بلباقة ، يرى  فيها اليونانيون منافاة لحسن الآداب . فأي روماني يستشعر العار من اصطحابه زوجته إلى مأدبة ؟ والرومانيات يشغلن عَادةً الحجرات الأولى  من المنزل ، والأكثر تعرضًا للرؤية ، حيث يستقبلنَ كثيرًا معارفهن . وأما عند اليونانيين فالأمر على النقيض . فنساؤهم لا يشتركن في مأدبة إلا إذا كانت لدى  أقاربهن ، وهنَّ يَشغلنَ دائمًا الجزء الأكثر انزواءً من المنزل ، والذي دخوله محرم على كل رجل غير قريب » .
 نساء أوربا قديما
و أكد " كلوريتلوس " أن الزوجة اليونانية لم تكن تخرج من المنزل إلا بعد إذن زوجها وكان حجاب المرأة اليونانية حجاب كامل لا يظهر فيه سوى العين .
فلم يكن يسمح للمرأة أن تخرج من دارها إلا بـإذن زوجها ، ولم يكن ذلك عادة إلا لسبب وجيه ، كزيارة قريبة ، أو عيادة مريض ، أو أداء واجب العزاء . وفي الحالات التي كان يسمح فيها للمرأة بالخروج كانت التقاليد تلزمها بوضع حجاب يخفي معالم وجهها .
ويصف « ديكايرش » حجاب نساء « طيبة » ــ إحدى  المدن اليونانية ــ  فيقول :
« إنهن كن يلبسنَ ثوبهن حول وجههن بطريقة يبدو معها هذا الأخير وكأنه غطي بقناع ، فلم يكن يرى  منهن سوى العينين » .
وفضلًا عن ذلك كان من اللازم أن يرافقها أحد أقاربها من الذكور ، أو أحد الأرقاء . وكان بعض الأزواج لا يكتفي بما كانت تفرضه التقاليد على حرية المرأة ، فكانوا يضعون أختامهم على أبواب دورهم عندما يتغيبون ، رغبة في زيادة الاطمئنان. تطور المرأة عبر التاريخ ص /35 ــــ 36 
صورة لملك وملكة أوربية من القرن الـ 15 ويبدو الاحتشام واضح في زي الملكة
(3) الحجاب عند الرومان : أما الرومان أول دولتهم فقد كانت فيهم بقية من آثار النبوة لصلة فلاسفتهم المتقدمين بأرض العراق والشام مهد النبوات، "فأساطين الفلسفة كفيثاغورث وسقراط وأفلاطون قدموا الشام وتعلموا الحكمة من لقمان وأصحاب داود وسليمان"  وأما آخر دولتهم فقد تأثرت بالديانة النصرانية، ولهذا تُظهر بعض التماثيل والمجسمات في بعض عصور الدولة الرومانية المرأة فيما يشبه الحجاب.(1) درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ابن تيمية 7/80.
 صورة للحياة المحلية فى روما القديمة حيث تبدو النساء محجبات
لقد عُرف الحجاب عند الدولة الرومانية ، حيث دامت زمناً طويلاً بسبب حجاب المرأة وفقا لقول العلامة: لا روس في مسالة الحجاب حيث قال: كان النساء يستعملن الخمار ، إذا خرجن ، و يخفين وجوههن ، و كانت النساء تستعمله في القرون الوسطي ، و استمر إلى القرن الثالث عشر ، حيث صار النساء يخففن منه إلى أن صار كما هو الآن نسيجا خفيفاً ، يستعمل لحماية الوجه من التراب و البرد ، وقد كان لترك الحجاب و عدم استقرار المرأة في بيتها ، أقبح نتائج سوء في الدولة الرومانية ، إذ أدى إلى سقوط تلك الدولة العظيمة و تأخرها. (1)  انظر : تطور المرأة عبر التاريخ ص /35 ــــ 36  
فالحجاب كان نظاما معمولا به عند اليونان والرومان القدماء، بل تجاوز الأمر بالرومان أن فرضوا ما سمي – بقانون أوبيا – والذي يمنع المرأة، ويحرم عليها المغالاة في زينتها حتى في البيوت . المرأة في القرآن: العقاد ص 57
. (4) الحجاب عند الهندوس:
ومما يؤكد وجود الحجاب في الهند ، ما ورد في أحد النصوص الأدبية ، أن الملك  « راما » خرج يومًا من قصره مع زوجته « سيتا » ، فوجد أن رعاياه ينتظرونهما أمام باب القصر بفارغ الصبر ، لإلقاء نظرة عليهما . ولما شاهد الملك هذا الجمهور الذي يرنو إليه بلهفة ، التفت إلى زوجته ، وقال لها : « ارفعي يا سيدة حجابك » !!! ثم توجه إلى  الحشود ، وقال لهم : « تطلعوا ، ومتعوا أنظاركم بهذا الوجه الجميل ، فلا غضاضة من النظر إلى وجوه النساء عند التضحية ، وأثناء حفلات الزفاف ، وأثناء المصيبة ، وعندما يكنَّ في الغابات » 
(5) الحجاب في اليهودية:
التوراة الذي جاء به نبي الله موسى بن عمران(عليه السلام) قد تضمنت عقائد وعبادات وأخلاقًا وأحكامًا ؛ آمن بها فريق من بني إسرائيل ، وكفر بها معظمهم ، فقتلوا أنبياءهم ، وحرفوا كتبهم ، وصاغوها حسب أهوائهم ، فغضب الله تعالى  عليهم .
قال الله جل وعلا : ﴿ ضُرِبَت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ الله وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ الله وَضُرِبَت عَلَيْهِمُ الْـمَسْكَنَةُ ذَلِكِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكِ بِـمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ [ آل عمران : 112 ] .
فهم كما وصفهم ابن القيّم « أهل الكذب ، والبَهْت ، والغدر ، والمكر ، والحيل ، قتلة الأنبياء ، وأكلة السُّحْت ــ وهو الربا والرِّشا ــ  أخبث الأمم طويَّة ، وأرداهم سجية ، وأبعدهم من الرحمة ، وأقربهم من النقمة . عادتهم البغضاء ، وديدنهم العداوة والشحناء ، بيت السحر والكذب والحِيَل ؛ لا يرون لمن خالفهم في كفرهم وتكذيبهم الأنبياء حرمة ، ولا يرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة ، ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة ، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نَصَفة ، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أَمَنة ، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة ؛ بل أخبثهم أعقلهم ، وأحذقهم أغَشُّهم ؛ وسليم الناصية ــ وحاشاه أن يوجد بينهم ــ ليس بيهودي على الحقيقة ، أضيق الخلق صدورًا ، وأظلمهم بيوتًا ، وأنتنهم أفنية ، وأوحشهم سجية . تحيتهم لعنة ، ولقاؤهم طَِيَرة ، شعارهم الغضب ، ودِثارهم المقت » هداية الحيارى ص / 8 .
 ورغم ما أحدثوا في « التوراة » من تحريف ، وما ضمَّنوها من تحريف ، فما زال فيها بقية من حق دلَّ عليها القرآن الكريم ، والعقل القويم . ومثال ذلك الأمر بالحجاب ، فقد كان معروفًا ومطبقًا عندهم في أيام أنبيائهم ، وأشارت إليه كتبهم ، بدليل ذكر البرقع في غير موضع من العهد القديم منها:
- جاء في « سفر التكوين » قصة طويلة عن امرأة اسمها « رِفقة » وفيها : « ... وخرج إسحاق ليتأمل في الحقل عند إقبال المساء ، فرفع عينيه ونظر ، وإذا جِمالٌ مقبلة . ورفعت رِفقة عينيها ، فرأت إسحاق ، فنزلت عن الجمل ، وقالت للعبد : مَن هذا الرجل الماشي في الحقل لقائي، فقال العبد : هو سيدي ، فأخذت البرقع وتغطَّت » سفر التكوين ، الإصحاح الرابع والعشرون / 63 ــــ 66
 - وفي الإصحاح الثامن والثلاثين من « سفر التكوين » : « قال يهوذا لثامار كنَّتِهِ : اقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شِيلةُ ابني ، لأنه قال لعله يموت هو أيضًا كأخويه ، فمضت ثامار ، وقعدت في بيت أبيها . ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا . ثم تعزَّى  يهوذا فصعد إلى جُزَّاز غنمه إلى تِمَْنةَ هو وَحِيرةُ صاحبُه العَدُلَّاميّ ، فأخبرت ثامار ، وقيل لها : هو ذا حموك صاعد إلى تِمنةَ ليجُزَّ غنمه . فخلعت عنها ثياب تَرَمُّلها ، وتغطت ببرقع وتلفَّفت ، وجلست في مدخل عَينايم التي على طريق تمنة ، لأنها رأت أن شِيلة قد كبر وهي لم تُعطَ له زوجة »([1]) . سفر التكوين ، الإصحاح الثامن والثلاثون / 11 ــــ 14 .
- جاء في الإصحاح الثالث من « سفر أشعياء » ما يلي :
« قد انتصب الرب للمخاصمة ، وهو قائم لدينونة الشعوب ... وقال الرب : من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ، ويمشين ممدودات الأعناق وغامزات بعيونهن ، وخاطرات في مشيهن ، ويخشخشنَ بأرجلهن ، يصلع السيد هامة بنات صهيون ، ويعري الرب عورتهن ــ أي في يوم القيامة ــ . ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة ، والحلق والأساور والبراقع ، والعصائب والسلاسل والمناطق ، وحناجر الشمَّامات والأحراز ، والخواتم وخزائم الأَنف ، والثياب المزخرفة ، والعُطف والأردية والأكياس ، والمرائي والقمصان والعمائم والأُزر ، فيكون عِوضَ الطيب عفونة ، وعِوضَ الِمنطَقة حبل ، وعوضَ الجدائل قَرعَة ، وعَِوضَ الديباج زُنَّارُ مِسح ، وعوضَ الجمال كيّ » سفر إشعياء ، الإصحاح الثالث / 14 و 16 ــــ 24 .
 - جاء في النشيد الخامس من أناشيد سليمان قول امرأة مخاطبة حبيبها:
أخبرني يا منْ تُحبه نفسي أين ترعى عند الظهيرة؟! ولماذا أكون مقنعة عند قطعان أصحابك؟!
فهكذا نرى  أن كتب « العهد القديم » التي عند اليهود ،قد نصّت على حجاب المرأة ، وذكرت البراقع والعصائب ، وحَرَّمت على النساء كل ما يتنافى  مع الحشمة والعفاف ، أو يدعو إلى الإثارة والفتنة ، كالتبختر في المشي ، والغمز بالعيون ، وخشخشة الخلاخيل ، والبروز من غير حجاب أمام غير المحارم .
كما نَصَّت تلك الكتب على أنَّ فاعلات تلك المحرمات يُعاقبنَ يوم القيامة ، حيث تُنزع عنهن الزينة والملابس الجميلة ، ويظهرن قُرْعًا جزاء ما كشَفْنهُ من شعورهن ، وتكوى  أجسادهن بالنار لما أبدَيْنهُ من جمالهن  ..
 ولا شك أن تلك التوجيهات والأوامر ، تحمل في ثناياها تربية على الفضائل ، فضلًا عما فيها من زواجر عن ارتكاب أسباب الغواية ومقدمات الفساد . ولن تجدَ في التشريعات البشرية كلها ما يداني دين الله تعالى في الدعوة إلى الفضائل ، ومحاربة الرذائل ، حفاظًا على الأمة من السقوط ، وصيانة لها من التَّرَدِّي والهبوط، إلا أن إخواننا من بني يهود تركوا آيات الله في التوراة، وفضلوا عليها، تخاريف البشر في التلمود، فنبذوا مكارم الأخلاق، وتحلوا بأسوأ الصفات والأعراف التي توافق طبائعهم الخسيسة التي تجنح دائما إلى الرذيلة.
راهبات فرنسا فى القرن السابع عشر
(6) الحجاب في المسيحية:
الإنجيل الذي جاء به نبي الله عيسى بن مريم (عليه السلام) أكد على وجوب الحجاب على النساء في كثيرة من آياته ، و أن النساء في ذلك الوقت امتزن بالحجاب ، و بضرب الستر على أنفسهن كي لا يراهن رجل أجنبي، أما الأناجيل التي بين أيدينا وهي:
ــ إنجيل متَّى  : وكُتب بعد رفع السيد المسيح بأربع سنوات
ــ إنجيل مرقص : وكُتب بعد رفع السيد المسيح بثلاث وعشرين سنة
 ــ إنجيل لوقا : وكُتب بعد رفع السيد المسيح بعشرين سنة . ولوقا ليس من تلاميذ السيد المسيح ، ولا من تلاميذ تلاميذه ، ولم يَر السيد المسيح في حياته ، بل كان يهوديًا متعصبًا على المسيحية .
- إنجيل يوحنا : وكتب بعد رفع السيد المسيح باثنتين وثلاثين سنة . ورغم تناقض هذه الأناجيل واضطرابها ، واختلافها فيما بينها ــ نتيجة التحريف والتبديل ــ إلا أنَّ فيها قلة من النصوص تتفق في مضمونها مع ما في القرآن الكريم ، مما يُطَمئن القلب إلى أن يد التحريف والتبديل لم تمسَّ هذه المضامين العامة ، بغض النظر عن العبارات التي صاغ بها أولئك التلاميذ تلك المعاني الربانية .
خروج النساء من كاتدرائية سان ألبينو الرومانية الكاثوليكية بعد قداس الإخلاص عام 1908
والحجاب الذي نتحدث عنه أحد هذه المعاني التي اشتمل عليها الإنجيل ، وكان معروفًا ومطبقًا في تلك الأيام التي سادت فيها الشريعة المسيحية التي بشَّر بها السيد المسيح « عيسى بن مريم » صلوات الله تعالى وسلامه عليه . وكيف لا يكون ذلك وهو فضيلة خلقية ، ووقاية اجتماعية .
وما أكثر ما حفلت الشريعة المسيحية ــ قبل تحريفها ــ بأمثال تلك الفضائل ، حيث اعتنت بالجوانب الخلقية عناية كبيرة، ومما جاء يدل على الحجاب: فقد وصف بولس الرسول في رسالته لأهل كورِنْثُوس الأولى للنقاب بأنه شرف المرأة.
كما جاء في ذات الرسالة: التنفير من كشف المرأة عن رأسها ، وعقوبة من لا تستره بقص شعرها .
حيث قال: « كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطّى  ، فتشين رأسها لأنها والمحلوقة شيء واحد بعينه . إذ المرأة إن كانت لا تتغطَّى  فَلْيُقصَّ شعرها وإن كان قبيحًا بالمرأة أَنْ تُقصَّ أو تحلق فَلْتتغَطّ »
ويقول أيضًا : « احكموا في أنفسكم . هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وهي غير مغطاة » الرسالة الأولى لبولس إلى أهل « كورِنثوس » ، الإصحاح الحادي عشر / 4 ــــ 6 .
صورة رسمت قديما في مجلة فرنسية فكاهية وهى تبين كيف تطورت الازياء الفرنسية فى القرنين الاخيرين الـ 18 والـ 19ولكنها اقتصرت من ذلك على مظهر الارجل
ولم تقف تعاليم المسيحية عند هذا الحد ، بل نقرأ في الإنجيل نهيَ النساء عن الحديث في الكنيسة فقد جاء في الرسالة السابقة : « لِتصمُت نساؤكم في الكنائس ، لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن ، بل يخضعن كما يقول الناموس أيضًا . ولكن إن كنَّ يُردْن أن يتعلمنَ شيئًا فليسألنَ رجالهن في البيت ، لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة » الرسالة الأولى لبولس إلى أهل « كورِنثوس » ، الإصحاح الرابع عشر / 34 ــــ 35 . و« الناموس » هو : الوحي .
العصر الاجاهلي
(7) الحجاب عند عرب الجاهلية ) ، عرفت العرب في جاهليتها الحجاب ، فكانت تعتبره من سنن المحبة فالبنت عندهم إذا بلغت سن الزواج ، تعرض على الحي ليتزوجها ، ثم لا تحسر عن وجهها إلى عند نزول المصيبة. و عرف الحجاب عندهم بصور متعددة ، فمنه ( القناع ) ، كما قال الشنفري يصف زوجته:
      لَقَد أَعجَبَتني لا سَقوطاً قِناعُها *** إِذا ما مَشَت وَلا بِذاتِ تَلَفُّتِ
و منها الخمار و البرقع و النقاب و الجلباب و العباءة و الأزرار و الملحفة و الدرع و الهودج ، و هو محمل المرأة، وتجد في شعر عنترة العبسي قوله في قصيدته:
وَكَشَفتُ بُرقُعَها فَأَشرَقَ وَجهُها *** حَتى أَعادَ اللَيلَ صُبحاً مُسفِرا
وفي قصيدته التي مطلعها:
فُؤادٌ لا يُسَلّيهِ المُدامُ *** وَجِسمٌ لا يُفارِقُهُ السَقامُ
قال:
لَها مِن تَحتِ بُرقُعِها عُيونٌ *** صِحاحٌ حَشوُ جَفنَيها سَقامُ
وله أيضاً:
جُفونُ العَذارى مِن خِلالِ البَراقِعِ *** أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ القَواطِعِ
وفي معلقته قال:
إِن تغد في دوني القِناعَ فَإِنَّني *** طَبٌّ بِأَخذِ الفارِسِ المُستَلئِمِ
وأغدقت المرأة قناعها، أي أرسلته على وجهها كما في جمهرة اللغة وغيرها.
 وكانت النساء تلبس الحجاب على أنواع منهن ، تستر جميع جسدها إلا الصدر و العنق و تزينه بالذهب و ما شابهه. و منهن منْ تستر بدنها كله ، و لا تكشف منه شيء ، ولكنها تخالط الرجال ، و تجلس بقربهم جنباً لجنب . و منهن منْ تكشف بعض خصلات من شعرها . و منهن لا يسترن إلا قليلا من أبدانهن مع كشف الشعر ، و المتن ، و العنق إلى أخره . و لذلك قال الله تعالى) وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لَاتَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى  (
 انقلاب الموضة حيث كانت ازياء النساء فى سنة 1826 واسعه فضفاضة وازياء الرجال ضيقة
تلك كانت مجرد لمحة مختصرة لما كان عليه الحجاب قبل الإسلام، والذي يتضح من خلالها أن الحجاب كان نظاما معروفا قبل الإسلام، فمن يقرأ العهد القديم وكتب الأناجيل يُدرك أن حجاب المرأة، كان معروفا بين العبرانيين من عهد إبراهيم خليل الرحمن – عليه السلام – كما أنه ظل معروفا بينهم في أيام أنبيائهم جميعا إلى ما بعد ظهور المسيحية، فقد تكرر ذكر البرقع في غير موضع من تلك الكتب جميعا.
كما كان الحجاب منتشرا في الجزيرة العربية، فكان القوم وهم يتنقلون خلف العشب والكلأ يقسمون الخيام إلى قسمين: قسم للرجال، وآخر للنساء، وكان يحرم على الأجنبي رؤية تلك النسوة، وخير دليل على ذلك ما ورد في الشعر الجاهلي، معبرا عن هيام الشعراء بالنساء، اللاتي لُذن بالخدر عن أعين الغرباء – مثل المنخَّل اليشكري الذي هام حبا في فتاة الخدر قائلا:
ولقد دخلت على الفتاة   الخدر في اليوم المطير
هذا ولا ينبغي علينا ألا نغفل ما ذكرناه عند الحديث عن مكانة المرأة قبل الإسلام حيث وجدنا المرأة في العديد من البلدان قعيدة الدار في الجزء الخلفي حبيسة لا ترى القوم، ولا ترى منْ يأتي إلى الدار مثلما كان الحال في الهند وغيرها.


هناك تعليقان (2):

  1. الحجاب عند الآشوريين:يعتبر الآشوريون من أقدم الشعوب التي أخضعت النساء للحجاب ، وذلك ما أكدته الحفريات في أشور القديمة ، حيث عُثر على لوحات طينية ترجع إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد ، تحتوي على قواعد قانونية أقدم من ذلك عهدًا . وفي إحدى فقرات اللوحة الأولى منها بيانٌ مفصلٌ عن نظام الحجاب الذي كان مطبقًا على الحرائر ، دون الإماء والداعرات والعواهر . بل كانت توقع على الأمة أو العاهر التي تتحجب عقوبات شديدة . فالأَمَةُ كانت تُصْلَمُ(أي تُقطع) أذنها على سبيل المثال ، والعاهر كانت تجلد خمسين جَلدة ويصب القطران على رأسها . وكان من الواجب على كل من يشاهد أمةً ، أو عاهرًا ، أو داعرة متحجبة أن يقبض عليها ، ويأتي بها إلى محكمة القصر وكان يكافأ على عمله بمنحه ثيابها . وعلى العكس من ذلك إذا شاهد إنسان أَمَةً ، أو عاهرًا ، أو داعرة متحجبة ولم يقبض عليها تعرض لعقاب شديد ، فكان يُجلد خمسين جلدة ، وتُثقب أذناه ، وتُربطان بخيط يُعقد عند ظهره . ويأخذ من أقام عليه الدعوى ثيابه ، ويُسخَّر في خدمة الملك شهرًا .
    ونلاحظ أن الأَمة إذا خرجت مع سيدتها وجب عليها أن تتحجب ، وكذلك تفعل العاهر أو الداعر إذا تزوجت .

    ردحذف
  2. اذن فالحجاب كان عادة عند كل الحضارات ولم يكن فرض بالاسلام فقط، كان زي ولا علاقة له بالاله لان من كانوا يلبسونه بعضهم لم يكونوا يؤمنوا بالاله اصلا مثل الوثنيين،

    ردحذف