الاثنين، 20 فبراير 2012

تمهيد: الفصل الثالث الإسلام والمرأة

الفصل الثالث: الإسلام والمرأة
تمهيد:
لقد نظر التشريع الإسلامي إلى الذكر والأنثى نظرة واحدة، ورأى أن لكل آدمي حقه في الحياة، لا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى، وأن لكل منهما مزاياه وفضائله، كما أن له عيوبه ونقائصه، وأن للأنثى وظيفتها في الحياة الخاصة، والحياة العامة، وأنه لا غنى البتة عن وظيفتها، هذه الوظيفة، التي ليست أقل شأنا من وظيفة الرجل، ولذا حارب الإسلام عادة وأد البنات البشعة، وقضى على هذه الرذيلة الممقوتة، وحفظ على الأنثى حياتها، كما حفظ على أخيها الرجل حياته.
وكما استحيا التشريع الإسلامي الأنثى مادياً، فقد استحياها أدبيا واجتماعيا، فقد جاء التشريع الإسلامي، والمرأة ذليلة مهينة مهيضة الجناح، مهضومة الحقوق، فرفع شأنها، وأعز مكانتها، وكفل لها أهلية تامة وكاملة، كأهلية الرجل، بعد أن كانت أشبة شئ بالرقيق، تُورث ولا ترث، وفرض لها من الحقوق ما يتلاءم مع فطرتها ومقدرتها، وحملَّها من التبعات ما هي أهل للقيام به، وقامت أحكامه على أصل ثابت، هو المساواة بين الرجل والمرأة.
وإذا كان هناك شئ من الفوارق اليسيرة، فإنه لم ينشأ عن كونها امرأة، وما نشأ إلا عن اعتبارات حقة، لا علاقة لها بالجنس، فأحكام التشريع الإسلامي، قد خلقت من المرأة خلقا آخر غير الذي كان من قبل، ونفخت فيها روح العزة والإباء، وجعلتها تحس وتشعر بكيانها وشخصيتها، وتعرف أن لها وضعا متساويا مع الرجل في الحقوق والواجبات، وأنها كما تسعى لكسب الحقوق تعمل على تحمل التبعات.
ولقد أحست النساء المسلمات بأن الرجال قد غلبوهن على التعليم والمعرفة ومجالس الموعظة، فلم يُطقن صبراً على تحمل هذا الحرمان، ولم يرضين بهذه الغلبة، فذهبت إحداهن إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقالت له:
يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً، نأتيك فيه، تُكلمنا مما علمك ا لله، فاستجاب – صلى الله عليه وسلم – لذلك وقال لها: ((( اجتمعن في يوم كذا في موضع كذا ))) فكن يجتمعن، ويأتيهن – عليه الصلاة والسلام – فيُعلمهن مما علمه الله.
وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، واستمرت هذه العادة في صدر الإسلام، ولكن هذا الوضع لم يُرض النساء، وذهبت إحداهن إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – لتُدافع عن حق المرأة، فقد مات أوس بن ثابت عن مال، وله زوجة وثلاث بنات، فاستولى وصياه على كل ماله، جرياً على عادتهم، فذهبت زوجته إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقصت عليه القصة، وقالت: من أين نُطعم؟! وكيف نعيش؟! ولِمَ تُحرم المرأة من مال أبيها وزجها؟! وأنىَّ للبنات أن يتزوجن، ولا مال لهن؟!.
فقال لها – صلى الله عليه وسلم -: ارجعي إلى بيتك، حتى أنظر ما يُحدث الله في أمرك؟! ثم نزلت آية المواريث، التي صانت حقوق النساء، فأرسل – صلى الله عليه وسلم – على الوصيين وقال: لا تقربا من مال أوس شيئاً)
ولما كُتب الجهاد على الرجال، قالت النساء: لقد فاتتنا تبعات الجهاد وأجره، ولو كُتب علينا القتال لقاتلنا، وذهبت وافدة النساء أسماء بنت يزيد تقول للنبي – صلى الله عليه وسلم -: إني رسول النساء إليك، وما منهن امرأة علمت أم لم تعلم، إلا وهي تهوى مخرجي إليك – الله رب – الرجال والنساء، كتب - الله – الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أثروا، وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يُرزقون، فما يعدُل ذلك من أعمالهم من الطاعة، فأرشدها – صلى الله عليه وسلم – إلى أن أعمال المرأة كزوجة، وأعمالها كأم تعدُل في الطاعة أعمال الرجال المجاهدين في سبيل - الله -.
هذا قليل من كثير مما فعله الإسلام للمرأة وبالمرأة، وهذا المظهر الذي تًرشد إليه هذه الحوادث وأشباهها، مظهر لا يمكن أن يكون إلا لامرأة تعيش في ظل تشريع قد ملأ نفسها عزة وكرامة، وبنى لها شخصية كاملة، ولكن الله قد ابتلانا قديماً وحديثاً بمنْ لا هم لهم إلا الهمز واللمز، والتكلم في بعض الفوارق بما لا يفهمون.

كما ابتلانا بمنْ يتأولون النصوص؟، ويسيئون استعمال الحقوق، ثم تُحسب أعمالهم على التشريع الإسلامي، لا لشئ إلا لأنهم مسلمون، كما ابتلانا ببعض النسوة اللاتي لا يُردن التزام حدود الله، ولا الوقوف عند أحكامه، وفيها الخير للرجال والنساء على السواء، قال تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ)(1) القصص:- 56-
تلك لمحة سريعة في شئ من الإجمال لما فعله الإسلام للمرأة وبالمرأة، التي كانت ذليلة فأعزها، وميتة فأحياها، وموروثة فأورثها، فهيا بنا نرى في شئ من التفصيل: ماذا فعل الإسلام للمرأة وبالمرأة.؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق