الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

5) أم المؤمنين/زينب بنت جحش– رضي الله عنها -ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن


رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن 
(5) أم المؤمنين/زينب بنت جحش– رضي الله عنها -
أم/ المؤمنين:
زينب بنت جحش هي إحدى زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم -و قد تزوج بها الرسول في السنة الخامسة من الهجرة ، و هي بنت أمية بنت عبد المطلب عمة النبي ،و كانت زينب بنت جحش زوجة لزيد بن حارثة قبل أن تصبح زوجة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم –
زيد بن حارثة:
أما زيد بن حارثة ـ زوج زينب قبل الرسول – صلى الله عليه وسلم - فكان يُدعى قبل الإسلام بزيد بن محمد ، لكنه لم يكن من أولاد الرسول– صلى الله عليه وسلم -، بل كان غلاما اشترته خديجه بعد زواجها من النبي ثم أهدته إلى النبي فأعتقه الرسول في سبيل الله ، ثم تبنّاه النبي تبنياً اعتباريا على عادة العرب لرفع مكانته الاجتماعية بعدما عامله والده و قومه بالهجران و الطرد ، وذلك بعد أن اختار صحبة النبي – صلى الله عليه وسلم – على صحبة أهله، و هكذا فقد منحه الرسول احتراما كبيرا و شرفا عظيما و رفع من شأنه بين الناس حتى صار يُدعى بين الناس بابن محمد
فقد روي زيد بن حارثة :أن عمّه لقيَه يوماً وكان قد ورد مكة في شغل له، فقال: ما اسمك يا غلام؟ قال: زيد؛ قال: ابن من؟ قال: ابن حارثة. قال ابن من؟ قال: ابن شراحيل الكلبي. قال: فما اسم أمّك؟ قال: سُعْدَى، وكنت في أخوالي طيّ؛ فضمّه إلى صدره.
وأرسل إلى أخيه وقومه فحضروا، وأرادوا منه أن يقيم معهم؛ فقالوا: لمن أنت؟ قال: لمحمد بن عبد الله؛ فأتَوْه وقالوا: هذا ابننا فردّه علينا. فقال: «أعْرِضُ عليه فإن اختاركم فخذوا بيده» فبعث إلى زيد وقال: «هل تعرف هؤلاء؟» قال: نعم! هذا أبي، وهذا أخي، وهذا عمي. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «فأيّ صاحب كنتُ لك؟» فبكى وقال: لِمَ سألتني عن ذلك؟ قال: «أخيّرك فإن أحببت أن تلحق بهم فالحق وإن أردت أن تقيم فأنَا من قد عرفتَ» فقال: ما أختار عليك أحداً.
 فجذَبه عمّه وقال: يا زيد، اخترت العبوديّة على أبيك وعمك! فقال: أيْ واللَّهِ العبودية عند محمد أحبّ إليّ من أن أكون عندكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشهدوا أني وارث وموروث"
زواج وطلاق بأمر القرآن:
عندما شعر النبي – صلى الله عليه وسلم – برغبة  زيد في  الزواج أمره بخطبة بنت عمته زينب ، لكن زينب رفضت ذلك تبعا للتقاليد السائدة في تلك الأيام و لاستنكاف الحرة من الزواج من العبد المعتق ، خاصة و إن زينب كانت من عائلة ذات حسب و شأن.
 فعن ابن عبـاس، قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فـاستنكفت منه وقالت: أنا خير منه حَسَبـاً، وكانت امرأة فـيها حدّة، فأنزل الله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا }(1) الأحزاب:36
فأخبرت زينب النبي صلى الله عليه وسلم بقبولها بهذا الزواج ، و هكذا فقد تم الزواج برضا زينب ، نزولا عند رغبة الرسول و خضوعا و تسليماً لحكم الله تعالى
ولكن الشريفة التي تزوجت عبد الرق لم تنس الفارق بينهما، فكثرت الخلافات حتى جاء الطلاق من زيد.
فروى البخاري في صحيحة عن أنس قالجاء زيد بن حارثة يشكو، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال أنس: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية،ثم قال: فكانت زينب تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن أهليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات
فلقد أخبر الحق – تبارك وتعالى – رسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم – بأن زينب ستكون زوجة له، وهي لم تزل تحت ابنه بالتبني زيد، فكان الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم – يخشى حدوث ذلك، حتى لا يردد الناس: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قد تزوج امرأة ابنه، وقد كانت الدعوة تواجه الكثير من الصراعات والأحقاد، لذلك – لذلك خاطبه – سبحانه – مبطلا ذلك قائلا: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا}ً (2) الأحزاب:37
قال القرطبي - رحمه الله -
قال ابن العربي : فإن قيل : لأي معنى قال له : (أمسك عليك زوجك) وقد أخبره الله أنها زوجُه ؟
قلنا : أراد أن يختبر منه رغبته فيها أو رغبته عنها ، فأبدى له " زيد " من النفرة عنها والكراهة فيها ما لم يكن علمه منه في أمرها .
أهداف ذلك الزواج:
ولقد انحصرت أهداف ذلك الزواج في:
·   جبر الخاطر وتعديل ما حصل لابنة عمته و تضررها بالطلاق و قد رضيت بالزواج من زيد بأمر من الله و رسوله ، فأراد الله – سبحانه – أن يرضيها بعد الطاعة لله ولرسوله بالزواج من الرسول - صلَّى الله عليه وسلم – وفي ذلك إكراما وتعويضا عن ما حصل لها.
·   إبطال قاعدة التبني التي كانت منتشرة في الجاهلية، والتي تمنع الزواج من زوجة الابن من التبنّي ، رغم كونه أبنا اعتباريا لا غير .
·   كسر العادات و التقاليد الخاطئة و التي كانت تمنع زواج العبيد المعتقين من  الحرائر أو بنات العوائل المعروفة ، و بالفعل فقد تحقق للنبي العظيم ما أراد و تمكن من تطبيق المساواة بصورة عملية بين أفراد المجتمع الإسلامي لتصبح التقوى والعمل الصالح هما معيار التفاضل في الإسلام.
أمثل تلك الزيجة التي كان عقدها القرآن، والخاطب والمزوج هو الرحمن من فوق سبع سموات، والهدف رفع الحرج عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لما أُبلغ بزواجه منها بعد طلاقها من زيد، وخشية الرسول – صلى الله عليه وسلم – من تغامز الناس: من انه تزوج بمطلقة ابنه بالتبني. أمثل تلك الزيجة يُقال فيها أنها كانت على أساس من شهوة الجسد أو ميل العاطفة ؟! كما يزعم الجهلة والحاقدون؟! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق