الجمعة، 19 أكتوبر 2012

أولا: الرد على تمكن شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – (4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -: رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: الباب الثالث: الإسلام والمرأة


الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
أولا: الرد على تمكن شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
يحاول الحاقدون من أعداء الإسلام الطعن في تعدد زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم – استمرارا منهم لمسلسل العداء، الذي لم ولن ينتهي، نظرا لأن ذلك العداء قد بني على أساس من حقد دفين قد غُرس في القلب، وتمكن منه، فأصبح لا يبُصر الحق إلا مكسو في ثياب الباطل، ولذا جاءت الكلمات الباطلة مستمدة من ذلك الحق والكيد والغل، فهم لا ينظرون إلى الأمور نظرة مجردة عن الأهواء، تعتمد على إجلاء الحقيقة، ولكن ينظرون إليها من خلال ما نمى وسيطر على قلوبهم من أحقاد وكيد وغل، فكلما رأوا مكرمة تميز بها الإسلام، عمدوا إلى تشويهها، وتلفيق التهم حولها، إرضاء لما تمكن بقلوبهم من ميراث العداء إلى الإسلام المفترى عليه، والذي سيظل صرحا شامخا، لا ينال منه حاقد، بفضل الحقائق، التي يعتمد عليها، وبفضل حماية ورعاية وعناية وحفظ الحق – تبارك وتعالى – له: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (1) الحجر: 9
فماذا يقول أعداء الإسلام، وماذا يلفقوا من تهم، حول تعدد زوجات الرسول – صلى الله عليه وسلم - ؟!!!!!!!!!
يرى هؤلاء الحاقدون أن شخصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد غلبت عليها شهوة الجسد، لذا فقد بنى بتسع نساء، أي أنه قد زاد في عدد زوجاته عن أربع – هذا هو الاتهام الموجه الآن إلى شخص حامل الرسالة الإسلامية، فإذا أتت ثماره بالتشكيك في شخصه، سهل التشكيك فيما جاء به.
 فتعالين بنا نرى ذلك الاتهام، وذلك الافتراء، الذي يجعل من الرسول – صلى الله عليه وسلم – المنزه عن شائبة، يجعل منه رجلا قد غلبته شهوته الجنسية فاستحل لنفسه ما حرم على غيره، وبالتالي يكون قد فقد مصداقيته، فلا يجوز إتباعه، هذا ما ذهب هؤلاء الأفاقون، و إليه زعموا، وإلى ذلك هدفوا.
ولسوف نرد على هؤلاء الأفاقون من خلال النقاط التالية:
أولا: الرد على تغلب شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -
أولا: الرد على تمكن شهوة الجسد من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم –
وبداية نُقرر أننا لسنا بأهل لندافع عن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – فالدفاع لا يجوز إلا عن متهم أو مشبوه وهو – صلى الله عليه وسلم – فوق كل اتهام أو ريبة، ويكفيه نعت الحق – تبارك وتعالى – له بأنه على خُلق عظيم، ونعت السيدة/ عائشة – رضي الله عنها – له بأن خُلقه كان القرآن الكريم، ونعت أعداءه من المشركين له، بأنه: الصادق الأمين، فهو الذي لا ينطق عن الهوى، وهو الذي كان قرآنا يمشي على الأرض.
 وإننا لسنا للدفاع عنه – صلى الله عليه وسلم – بأهل، لقصر خطواتنا عن السير في دربه وهداه، ولكن حبنا له، ولإسلامنا جبر ذلك النقص عندنا.
(أ) حياة ومعيشة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -
فلنبدأ بزعمهم أن شهوة الجسد قد غلبت عليه – صلى الله عليه وسلم -
لنرى من خلال تتبعنا لزيجاته – صلى الله عليه وسلم – أنه لم يتزوج إلا بكر واحدة ألا وهي السيدة/ عائشة – رضي الله عنها – بينما باقي الزوجات كن ثيبات.
بل إن أكثرهن ليس فيه ما يطمع إليه الباحث عن الشهوة أو اللذة فأغلبهن قد تقدمت بهن السن، لدرجة جعلت البعض منهن يتملكه العجب عندما سمع بخبر خطبته – صلى الله عليه وسلم – للبعض من نسائه، وهذا ما سيتضح عند تناولنا لزواجه – صلى الله عليه وسلم – من كل واحدة منهن، ولكن قبل ذلك تعالين بنا نرى كيف كان يعيش الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – لندرك أمثلِه يمكن أن تغلب عليه شهوة الجسد أم لا؟!
- فلنسمع لقول السيدة/ عائشة - رضي الله عنها – حين تقول:
" ما شبع محمد من خبز الشعير ثلاث ليال تباعا حتى انتقل إلى الرفيق الأعلى "
- وقولها:
" كان الهلال يمر والهلال يمر والهلال يمر ولا يوقد في بيت محمد نار "
قالوا:
" فما كان طعامكم أهل البيت؟! قالت: هذين الأسودين: التمر والماء؟! "
- أضف إلى ذلك ما رواه عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حيث قال:
" لقد رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يظل اليوم يتلوى لا يجد من الدقل ما يملأ بطنه "
- وما ذكره أبو موسى حيث قال:
" أخرجت لنا السيدة/ عائشة – رضي الله عنها – كساء ملبد، وإزارا غليظا، فقالت: قُبض رسول الله في هذين"
- كما ذكرت:
" إنما كان فراش الرسول – صلى الله عليه وسلم – الذي ينام عليه آدم حشوه ليفا "
فبالله عليكم ذلك النبي الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – الذي تلك حياته، وذاك طعامه وشرابه، وذلك فراشه، ذلك الرسول الذي كان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، يمكن أن يُقال عنه أن شهوة الجسد قد غلبته، أو تلاعبت به ؟!
ذلك الرجل يمكن أن يكون موضع شك؟! أو اتهام ؟! ذلك الرجل يمكن أن يكون خاضعا لهواه ؟!
أقول بملأ فمي أن ذلك الأمر، وذلك الكلام ليس له غير رد واحد يتمثل في الرفض، والنفي القاطع الذي لا ريب فيه.
فبيت الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يرفُل في الزهد، والحاجة، وحياته لم تكن تعرف ما يسمى بالترف، أو الزينة، فقد بيته حجرات متراصة شُيدت بجوار المسجد من اللًبن وسعف النخيل، وضع فيها فراش من أدم حشوه ليف، ليس بينه وبين الأرض إلا الحصير، وعلى فتحة الباب أُسدل ستار من الشعر، بل أكثر من ذلك ما روته العروس البكر الوحيدة التي تزوج بها – صلى الله عليه وسلم – وهي تصف ليلة عرسها، فتقول السيدة/ عائشة – رضي الله عنها -:
" ثم أدخلتني ورسول الله جالس على سرير في بيتنا، فأجلستني في حجره، وقالت: هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهن، وبارك لهن فيك، ووثب القوم والنساء فخرجوا وبنى بي رسول الله في بيتي، ما نُحرتْ عليً جزور، ولا ذُبحت شاة،وأنا يومئذ ابنة تسع سنين، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرُسل بها إلى رسول الله، حُمل إلينا قدح من لبن فشرب منه – صلى الله عليه وسلم- منه، ثم تناولته فشربت منه "
أمِثل ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – يمكن أن تغلب عليه شهوات كما يزعم الجهلة.؟!
(ب) عزوف الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عن الزواج:
نقطة أخرى تثبت نزاهة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عن كل شائبة أو شائعة، كما تُثبت كذب وافتراء أصحاب الحقد من أنه كان ذا شهوة متحكمة فيه أو مسيطرة عليه.!
إذا كان الصادق الأمين مثل ما يزعم الأفاقون؟! فكيف به يرضى بزواج السيدة/ خديجة – رضي الله عنها – وهي تكبره في العمر بخمس عشرة سنة؟! وإذا كان ذلك كذلك، فلماذا لم يتزوج بالعذارى والأبكار من بنات قريش، وقد كان موضع حب وتقدير الجميع منهن؟! وإذا كان كذلك فكيف به لا يتزوج على السيدة/ خديجة – رضي الله عنها – وقد بقي معها خمس عشرة سنة حتى بلغ سن الأربعين وهي الفترة التي تبلغ فيها الشهوة أوجها وتوقدها؟! وإذا كان كذلك  فلماذا لم يفكر في الزواج بعد وفاتها – رضي الله عنها – وقد مضت الأيام دون أدنى إشارة منه لذلك الموضوع، ولم يفكر فيه حتى فاتحته السيدة/ خولة بنت حكيم في أمر الزواج؟! أفبعد ذلك يمكن القول بأن الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – كان ذا شهوة جسدية متسلطة؟!
 (ج) العرب وتقدير روابط النسب والمصاهرة:
 أما ما يخص الزعم بأن الصادق الأمين قد تزوج بتسع نساء، أي أنه قد زاد في عدد زوجاته عن أربع ،وأن ذلك له علاقة بشهوة الجسد، فذلك أيضا محض افتراء، وادعاء لا أساس له من الصحة، نظرا لأنه لا يعتمد على دليل، وإنما على حقد دفين فكيف ذلك؟!
لقد جاء الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – إلى مجتمع جاهلي، يُقدر أكثر ما يُقدر روابط الأنساب والمصاهرة والولاء بين الأُسر والبيوت، مجتمع يُقدس العصبية القبيلة، فروابط الدم فيه هي الأساس، وهي المقياس ومن منطلق ذلك المبدأ نجد العديد من زيجات الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – تندرج تحت ذلك المبدأ. كيف ؟!
كان زواج الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – من السيدة/ حفصة، والسيدة/ أم سلمة، والسيدة/ جويرية، والسيدة/ رملة والسيدة/ ميمونة، كان زواجه منهن جميعا يندرج تحت ذلك المبدأ، وهذا ما سنراه واضحا وجليا عند الحديث عن زواجه – صلى الله عليه وسلم – من كل منهن، ولسوف نُشير إلى ذلك في عجالة سريعة فخير الكلام ما قل ودل.
(1) السيدة/ حفصة:
فلا يُخفى على أحد بنت منْ هي؟! فهي بنت الفاروق بن الخطاب، ولا يخفى على أحد منْ هو؟! وأية مكانة في قومه مكانته؟! وكيف كانت قوته وشجاعته؟! لدرجة جعلت الرسول – صلى الله عليه وسلم – يتمنى دخوله في الإسلام، فقد كان يرى في دخوله عزا للإسلام، فكان يقول في دعائه:" اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين: العمر بن هشام ( أبو جهل ) أو عمر بن الخطاب "
أليس في زواجه – صلى الله عليه وسلم – من حفصة بنت عمر بن الخطاب ما يقوي الروابط بينهما، ويجلب العزة للإسلام، ويدعم الصلة بينهما، تلك الصلة التي جعلت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يحسو التراب على رأسه، عندما سمع بخبر طلاق ابنته من الرسول – صلى الله عليه وسلم – فقد كان يردد: "ما يعبأ الله بعمر وابنه بعدها؟!"
لدرجة جعلت الأمين جبريل – عليه السلام – ينزل إليه – صلى الله عليه وسلم – قائلا: " إن الله يأمرك أن تُراجع حفصة بنت عمر رحمة بأبيها "
(2) السيدة/ أم سلمة:
أما السيدة/ أم سلمةبنت أبي أمية بن المغيرة المشهور بزاد الراكب، ولا يخفى على أحد منْ هو أميه بنت المغيرة؟! فقد كان أجود رجال قريش المشهورين بالكرم، فقد كان لا يترك أحد يرافقه في سفره، ومعه زاد ، حيث تكفيه رفقته لأميه، ولا يخفى على أحد منْ هي أم أم سلمة؟! فهي بني فراس الأمجاد، وكان جدها علقمة يُلقب بجذل الطعان، فهي بذلك عريقة المنبت؟!
(3) السيدة/ جويرية بنت الحارث:
أما السيدة/ جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، فلا يخفى على أحد منْ هو أبوها؟! فقد كان سيد قومه، وقائد جيشهم، ألا وهم بني المصطلق، ولقد ترتب على زواج الصادق الأمين منها، أن دخل أبوها وقومها في الإسلام، بعد أن أطلق المسلمون سراحهم لأنهم أصهار رسول الله – صلى الله عليه وسلم - .
(4) السيدة/ رملة بنت أبي سفيان:
أما السيدة/ رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب سيد قريش، وأوسعها نسبا وغنى حتى أنه وهو لا يزال على الشرك، عندما ذهب إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليجدد العهد بعد نقض قريش لصلح الحديبية، أول ما نزل نزل عليها، وقد كانت مؤمنة، وهو مشرك، ولكن كان العرب يقدرون الأنساب، وروابط المصاهرة.
(5) السيدة/ ميمونة بنت الحارث:
أما  السيدة/ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، فلا يخفى على أحد مدى شرف ورفعت نسب أمها: هند بنت عوف بن زهير بن الحارث، التي لعظم نسبها بين نساء العرب، كان يُقال فيها: " أكرم عجوز في الأرض أصهارا هند بنت عوف أصهارها: رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأبو بكر الصديق، وحمزة والعباس ابنا عبد المطلب، وجعفر وعلي ابنا أبي طالب"
أفبعد هذا يمكن أن يُقال أن الصادق الأمين ذا شهوة؟! أيمكن أن يُقال أن كان يسير تبعا لهواه؟! أيمكن أن يُقال أنه اختص نفسه عن باقي المسلمين بما يزيد عن أربع زوجات لتمكن شهوة الجسد منه؟!
أقول بملء فمي بالطبع لا ، بل بالقطع لا، ولكي تظهر أمامنا الصورة جلية تعبر عن نفسها تعالوا بنا نرى كيف كان زواجه عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات من زوجاته رضوان الله عليهن؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق