السبت، 10 مارس 2012

(3) أمانة وذمة: ــــــــــــــــــــــ الفصل الثالث: الإسلام والمرأة أولا: القيمة الإسنانية



 الفصل الثالث: الإسلام والمرأة
أولا: القيمة الإسنانية
(3)       أمانة وذمة:
من أروع الأمثلة الدالة على عظمة الإسلام الخاتم، الذي ارتضاه لنا الله – سبحانه وتعالى – ديناً، ذلك الشرع الحنيف، الذي جاء ليجُب ما قبله من المعتقدات، التي كانت المرأة فيها مستهجنة مهيضة الجناح، لا تقوى على رفع الضرر عن نفسها، ولا عن غيرها، فجاء الإسلام ليرفع من قدرها، ويُعلي من شأنها، فيجعلها شريكة الرجل في كافة أمور الحياة الإنسانية والاقتصادية، فمن أروع الأمثلة التي تُنبأ عن احترام الإسلام للمرأة، أن احترم الإسلام أمانتها وذمتها، فلها أن تجير من تشاء، وتؤمن منْ تشاء.
هذه هي المرأة التي لم تكن تملك مجرد حق الدفاع عن نفسها، ولم تكن تملك ما تطالب به من حفظ ماء وجهها، هذه المرأة الآن أصبح لها أمان ذمة بل وحق جوار يُصان، فالحال قد تغير، فقبل ذلك لم يكن لها حقوق في ظل المعتقدات والديانات، التي سبقت ظهور الإسلام
أما الآن وهي في ظل الإسلام، وفي كنف القرآن، بعد أن أمنت على حياتها، وبعد أن أصبح لها حقوق مشروعة لا مجال لإنكارها، أصبحت الآن تتمتع بالقدرة ليس على حماية نفسها فحسب؟! بل وحماية غيرها، إذا ما لاذ بجوارها، واحتمى بها، طالباً أمانها وذمتها.
ما أروع ذلك الدين وما أروع الرعاية والعناية التي حظيت بها المرأة في كنف ذلك الدين الموصوم بما ليس فيه من أنه أهدر قيمة المرأة، أفبعد إعطاء المرأة الحق في أن تُجير منْ تشاء، يُجدي مثل ذلك الزعم الباطل؟!!!
حق الجوار الذي كان قبل الإسلام من أخص صفات الرجل، والذي من أجله وقعت الكثير من الحروب مثل: حرب الباسوس، أصبحت المرأة في كنف الإسلام تشارك الرجال في ذلك الحق، وإليكن الدليل على ذلك:
يروي لنا التاريخ: أن أبا العاص بن الربيع خرج في تجارة لقريش قاصداً بلاد الشام، فوقعت القافلة في أيدي المسلمين، ولكن أبا العاص تمكن من الفرار، بينما استولى المسلمون على القافلة، فلما أرخى الليل سدوله، تسلل أبو العاص إلى المدينة، ولجأ إلى زوجته السيدة/ زينب ابنة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - وكانت السيدة/ زينب – رضي الله عنها – تركت زوجها في مكة، وهاجرت مع أبيها – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة، لبقاء زوجها على الشرك.
لجأ أبو العاص إلى السيدة/ زينب مستجيراً بها، خائفاً من لإيذاء المسلمين له، وبينما المسلمون قد خرجوا لصلاة الفجر، وتقدم النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المحراب، وكبر للصلاة، فصرخت السيدة/ زينب – رضي الله عنها – قائلة: يا أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع.
هذا القناع أعد لعقاب المرأة الثرثاره في بريطانيا في القرن السادس عشر.
وبعد أن انتهى الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – من صلاته، التفت إلى الناس قائلا: ((( هل سمعتم ما سمعت؟! فو الذي نفسي بيده ما علمت بهذا الأمر، إلا بعد ما سمعت كما سمعتم، إنه يُجير على المسلمين أدناهم )))
ثم انطلق إلى ابنته زينب وقال لها: ( يا بنيتي أكرمي مثواه، ولا يقربنك فإنك لا تحلين له ) فقالت إنما جاء يطلب ماله، فعرض الرسول – صلى الله عليه وسلم – على السرية التي استولت على القافلة، فقرروا رد الأموال إليه، فحمل أبو العاص المال، ورجع إلى مكة، وردَّها إلى أصحابها، ثم نادى فيهم: هل بقى لأحد منكم شئ؟! قالوا: لا جزاك الله خيراً، فقال: و الله لولا تظنوا بي الخيانة، لمكثت بالمدينة، وأسلمت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم انطلق مسرعاً إلى المدينة، معلنا إسلامه، ناطقاً بالشهادتين، منضما إلى زوجته ) (1) الاستيعاب – 61 – 3 (4/1702) والإصابة – 11217 ( 7/ 665 )
نماذج من أحزمة العفة التي كانت ترتديها المرأة في أوربا في العصور الوسطى
فانظري يا آمة الله: أكان يمكن للمرأة أن تحمي نفسها قبل الإسلام؟! أم كان لها أن تُجير رجلاً على غير ملتها التي بها تدين وتعتقد؟! أكان من الممكن للمرأة أن تكون لها ذمة تُحترم، وجوار يُهاب؟! أعتقد بما لا يدع مجالاً للشك أن تكون كل هذه الأمور كانت تدخل في إطار المستحيل، فولا قدوم الإسلام، الذي اعترف للمرأة فإنسانيتها وكرامتها، وسمح لها بأن تُجير وتحمي منْ يلجأ إليها، وقد يردد بعض المشككين أن هذا الأمر ما كان ليحدث مع غير بنت النبي – صلى الله عليه وسلم - ؟!
وأد البنات في الجاهلية
ونرد على مثل هؤلاء بأن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – كان ومازال القدوة والأسوة الحسنة، التي بها اقتدى القوم في الماضي، وما زال النشء يقتدي بها في الحاضر، ومن ثمة ما كان له – صلى الله عليه وسلم – ليُجيز ما فعلته ابنته، لو لم يكن ذلك من صلب الشريعة، التي إليها يدعو.
فالرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – أشد غيره على حدود الله من الرعية، أو لم يقل لأسامة بن زيد ( الذي كان صاحب منزلة ومكان سامية في قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ) لما ذهب إليه يشفع عنده في عدم تنفيذ الحد على المخزومية التي سرقت، فكان جوابه: - صلى الله عليه وسلم – ( أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة، والذي نفسي بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )
فبالله عليكن: هل سمعتن عن حقوق للمرأة، تُقدر وتحترم إنسانية المرأة قبل الإسلام؟! والجواب الذي لا ريب فيه: النفي القاطع، فلم يكن للمرأة كيان إنساني يُحترم قبل الإسلام، ذلك الدين الذي ا تضاه الحق – تبارك وتعالى – ليكون خاتم الأديان، فجعل القرآن الكريم دستور حياة، وصدق أحكم الحاكمين، ولسنا بأهل لتصديقه حين قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) (2) سورة المائدة: - 3 –
وقوله – جل شأنه – ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (3) سورة الأنعام: - 38 -


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق