رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: الرجال قوامون على النساء و المرأة نصف الرجل:الباب الثالث: الإسلام والمرأة:


الباب الثالث: الإسلام والمرأة:
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
توطئة:
 منذ زمن بعيد والغل والكيد والحقد قد ملأ قلوب الكثيرين نحو الإسلام والمسلمين، فجمعوا غلهم وكيدهم، واستلوا أحقادهم، وعزموا على محاربة ذلك الدين الشريف، والشرع الحنيف، فقديما حاربوا الإسلام عسكريا من خلال الحروب الصليبية، وحديثا عمدوا إلى السيطرة عليه واستعماره، فلما حصل على الاستقلال في دويلاته، التي وقعت فريسة للاحتلال والاستعمار، عمدوا إلى تشويه حقيقته وتعاليمه، والنيل من شرف دعوته ورسالته.
 لقد عمد هؤلاء المستشرقون إلى محاربة الإسلام من الداخل ومن الخارج، من الداخل: من خلال تشكيك المسلمين في دينهم، على اعتبار أنه اقتباس من الأديان السابقة، والتركيز على أنه سبب تأخرهم، وإقناع المرأة المسلمة بأنها قد فقدت قيمتها وكرامتها على يد الإسلام، فضلا عن تجنيد بعض جهلة المسلمين من أدعياء الثقافة وتوجيههم إلى الطعن في مبادئ الشريعة الإسلامية، بل وصل الأمر والشطط ببعضهم إلى التطاول على الذات الإلهية، والسيرة المحمدية، ومن الخارج من خلال الدعاية المنظمة، والكتب والدوريات التي تلصق التهم الكاذبة بالإسلام والمسلمين.
 ولسنا نحاول هنا إثبات ذلك الغل والكيد والحقد، فهو ثابت منذ بداية الدعوة المحمدية، ولكنها توطئة نقدم بها، لذلك الموضوع الذي يتلاعب المستشرقون من خلاله بالعديد من أبناء وبنات هذه الأمة
 ونضرب مثالا لتلك الكتابات، التي تعمل على النيل من الإسلام وتقويض دعائمه، بموسوعة تاريخ الجنس البشري وتقدمه الثقافي والعلمي، التي أصدرتها منظمة العلوم والثقافة ( اليونسكو ) للأمم المتحدة، فقد قالت في الفصل العاشر من المجلد الثالث ما نصه:
 ·      الإسلام ترتيب ملفق من اليهودية والمسيحية والوثنية العربية.
·      القرآن كتاب ليس فيه بلاغة.
·   الأحاديث النبوية وضعت من قبل بعض الناس بعد الرسول بفترة طويلة، ونُسبت إلى الرسول.
·   وضع الفقهاء المسلمين الفقه الإسلامي مستندين إلى القانون الروماني والقانون الفارسي والتوراة وقوانين الكنيسة.
·      لا قيمة للمرأة في المجتمع الإسلامي.
·      أرهق الإسلام أهل الذمة بالجزية والخراج.
هكذا كانوا يكتبون بهذا الحقد، وهذه الحقارة، وهذا الكذب في أعلى هيئة ثقافية تابعة للأمم المتحدة دون حياء إنه حقدهم الأسود المتأجج (1) قادة الغرب يقولون دمروا الإسلام: جلال العالم ص 70/71
ومن المآخذ التي يحاول هؤلاء الأفاقون تشوية صورة الإسلام بها:
§      الرجال قوامون على النساء.
§      المرأة نصف الرجل.
§      تعدد الزوجات.
§      تعدد زوجات النبي – صلى الله عليه وسلم –
§      ملك اليمين ( السراري والإماء )
§      الحجاب.
§      بقاء المرأة في المنزل.
§      الضرب والهجر.
§      الطلاق.
 
والآن تعالي بنا أختي المسلمة وغير المسلمة نستعرض تلك الترهات والخزعبلات التي يحاول هؤلاء الأفاقون إلصاقها بالإسلام والمسلمين في شئ من التفصيل.

************************************************
الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(1)          الرجال قوامون على النساء:
يتخذ هؤلاء الشرذمة الضالة من قول – الحق تبارك وتعالى -
يتخذون منه حجة ودليل على أن الإسلام قد جعل للرجل سلطانا على المرأة، بل ويذهبون إلى أن تلك الآية دمية في يد الرجل، وسوط يستخدمه لإلهاب و لإرهاب المرأة وبذلك من وجهة نظرهم يكون الإسلام قد أهدر كرامة و إنسانية المرأة، وربما يسير على نفس ذلك الزعم الخاطئ بعض أدعياء العلم والمتحلين بالجهل من المسلمين، فيتخذوا من الآية دليلا يبالغون من خلاله في الإساءة إلى النساء بصفة عامة، وزوجاتهم بصفة خاصة.
 وبذلك يكونوا شرا على الإسلام من ادعاءات الأفاقون والمفترون على الإسلام من المستشرقين، حيث أنهم في نظر العامة مسلمين، ويمثلون الإسلام قولا  وعملا، وبذلك يكونوا أصدق دعاه ( عن غير قصد منهم ) لتشوية صورة الإسلام المفترى عليه.
وقبل أن نستعرض لما جاء في الآية الكريمة، والمعنى الذي تدل عليه، نود أن نذكر بادئ ذي بدء كما أوضحنا فيما مضى من الصفحات أن الإسلام قد أعطى المرأة الكثير من الحقوق، التي لازالت أغلب النساء تلهث وراءها في العصر الحديث، فضلا عن أنه حقق لها المساواة الكاملة مع الرجل في كافة شئون الحياة عامة، وشئونها خاصة، حيث أنه أعطاها أهلية كاملة وغير منقوصة أو مشروطة في كل شئ.
 التشابه التام بين الرجل والمرأة..
والآن تعالين بنا نرى ما جاء في الآية الكريمة وهل هو مخالف للواقع ؟! أم لا ؟! وفي البداية نُكمل المعنى المتشابك في الآية حيث قال تعالى: { ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ  }
 فالقوامة هنا تُعني أن:
الرجل قيم على المرأة، أي أنه رئيسها وكبيرها والحاكم عليها، ومؤدبها إذا اعوجت، وفي نفس الوقت هو راعيها، وحاميها والمدافع عنها، فذلك معنى القوامة والمقصود منها وبها.
 إلا أن – الحق تبارك وتعالى – لا يذكر تلك القوامة دون ذكر السبب، والعلة التي من أجلها جعل القوامة في يد الرجال على النساء، فقد ذكر – سبحانه – العلة في ذلك وحددها في:
-  { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ}
- {وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ}
- {فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّه}
فتلك هي العلة لتلك  القوامة، فتعالين بنا نناقشها ونرى:
(أ) التفضيل:
فالرجل له امتياز واقتدار ( غالبا ) في العقل وقوة السياسة، وحسن التدبير،وزجر أفراد العائلة، وردعهم عن فساد الأخلاق، وقيادتهم نحو طريق الصلاح، والوصول إلى السعادة، هذا فضلا عن أنه مميز في التركيب الجسماني والعضلي، وهذا التميز ليس به ما يضر بالقضية الأساسية، ألا وهي المساواة بين الرجل والمرأة، وذلك لأن مساواة الرجل والمرأة في الإسلام ( كما أوضحنا من قبل ) تقوم على ثابت ألا وهو المساواة في الحقوق والواجبات، فبالقدر الذي يُفرض فيه على المرأة شئ من الواجبات يقابله ما يساعدها على النهوض به من الحقوق،وبالنسبة للرجل فالبقدر الذي يُفرض له من الحقوق يقابله من الواجبات الملقاة على عاتقه بما يعدل تلك الحقوق، وقد يربو عنها.
الرجل والمرأة سواء بسواء في كل شئ، وأن النساء لهن ما للرجال، وعليهن ما عليهم بالمعروف، ثم يمتاز الرجال بدرجة هي القوامة، التي ثبتت لهم بتكوين الفطرة، وتجارب التاريخ، وهذه الدرجة التي مُميز بها الرجل ليس فيها ما يخل بالمساواة بينه وبين المرأة، لأن هذه الدرجة في الحقوق يقابلها درجات في الواجبات الملقاة على عاتقه، وهذا ما وضحه الحق تبارك وتعالى في العلة الثانية لجعل القوامة في يد الرجال، والتي تتمثل في:
(ب) الإنفاق:
وهو العلة الثانية في جعل القوامة في يد الرجال، وليس النساء، فالمرأة سواء كانت بنت أو زوجة غير مكلفة بشئ من الإنفاق، فقبل الزواج هي تحت رعاية وليها، سواء كان أبيها أو أخيها، وبعد الزواج هي تحت رعاية الزوج يُنفق عليها، ولا تطالب بشئ من الإنفاق، حتى وإن كانت تتملك القدرة في ذلك، فالرجل هو الذي يقدم: المهر والنفقة والكسوة، والسُكنى للزوجة والأولاد، وعليه يقع عبء النفقة على جميع الأسرة، ولا يقع على المرأة أية مسئولية تجاه ذلك.

فإن هي أنفقت فذلك فضل منها، دون تكليف لها أو عليها فالمرأة غير مكلفة بشئ من الإنفاق على الإطلاق، وقد سبق الحديث في ذلك عند الكلام عن النفقة في تكريم الإسلام لإنسانية المرأة، من أنه لم يطالبها بشئ من الإنفاق وجعل نفقتها على وليها، أو زوجها قال تعالى: { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ وَعلَى ٱلْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا }(2) البقرة – 233 -
(ج ) قانتات حافظات:
أي مطيعات لأزواجهن، ويحفظنه في غيبته في نفسها، وماله، وولده فقد قال -  صلى الله عليه وسلم – ( خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا رغبت عنها حفظتك في نفسها ومالك )(3) مسند الإمام أحمد: (2/125/423/438) النسائي (6/56) البيهقي ( 7/82) الحاكم ( 2/161- 162)
وقوله – صلى الله عليه وسلم – ( إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها أدخلي الجنة من أي الأبواب شئت )(4)  ابن حبان ( 4151) أبو نُعيم ( 6/308)
فالتشريع الإسلامي قد أباح للمرأة الخروج للسعي والعمل، ولكنه مع ذلك يوضح لها أن بقائها في منزلها، ورعايتها لأسرتها وأطفالها، ثم طاعتها لزوجها أفضل من ذلك السعي والعمل، والخروج من المنزل، وترك لها حرية الاختيار، وفوق ذلك وضح لها طريق الخلاص، والنجاة، وأنهما متعلقان  بطاعتها لزوجها، الذي جعله – الله سبحانه و تعالى – مسئولا عنها في كافة أمورها ما دق منها وما عظم فيها، وهو في نفس الوقت مكلف بالسعي والعمل، والكد من أجل توفير ما تتطلبه الأسرة، وبذلك تُصبح قوامته أمر طبيعي ونتيجة حتمية لذلك.  
(د) بالعقل:
وليس معنى ذلك أن كل رجل أفضل من كل امرأة، فلرب امرأة صالحة قانتة حافظة للغيب أفضل من كثير من الرجال، فإذا كان الرجل سكيرا عربيدا محرضا لامرأته على الفساد، مهملا في عمله، فهل ذلك الرجل يكون قواما أو قيما على امرأة صالحة قانتة حافظة للغيب بما حفظ الله؟!!!!!!!!
 وإذا كان الرجل كسولا تعسا يستمرئ أن يعيش عالة على زوجته، التي تنفق عليه من كدَّها أو من مال ورثته عن أهلها، فهل من حق ذلك الرجل أن يكون قواما أو قيما عليها؟!!! فمثل هذه الشرائح قد فقدت معنى الرجولة، وبالتالي فقدت حقوقها معها.؟!!!!
 فليس المقصود بأن القوامة في يد الرجل تعني أن يكون ديكتاتور، أو حاكم بأمره، لا يُرد له قول، فهذا الفهم لا ينسجم مع الطبيعة الإسلامية العامة، وطبيعة مبادئها، التي تعتمد وتقوم على العدل والشورى في كل الأمور، وفي سائر العلاقات.
فالفضل في الآية ليس فضلا باعتبار كل فرد، ولكنه فضل باعتبار جنس في مجموعة، ليس من ناحية أصل الخلقة، وإنما من ناحية التبعة التاريخية، والاجتماعية الملقاة على عاتقه، وهو فضل تكليف، وليس فضل تشريف، وإذا لم يؤد الرجل حق ذلك الفضل، انقلب وبالا عليه، فعجز المرأة عن الكسب يُغتفر لعدم تكليفها بالإنفاق، أما عجز الرجل فلا يُغتفر لأنه الأساس في الإنفاق.
(هـ) بالعلم:
لقد أثبت العلم الحديث أن هناك فروقا بين الرجل والمرأة في:
·     التكوين الجسماني.
·     الحيض وأثره.
·     اختلاف الأنسجة.
·     الدماغ.
·     مقاومة الأمراض
وهذا ما نتناوله باستفاضة بإذن الله تعالى: في الباب السابع: نصائح للمرأة : رابعا: مسائل لابد منها. تحت عنوان (7)  العلم والفرق بين الرجل والمرأة.
 
فطبيعة المرأة غلب عليها إرهاف العاطفة، وسرعة الانفعال، وشدة الحنان، ولقد غلبت هذه الصفات في طبيعة المرأة، لكي تتمكن من أداء وظيفتها الرئيسية المتعلقة بالأمومة و الحضانة، ومادامت هذه الصفات هي الأصل في طبيعة المرأة، فمن اليسير أن تغلب عليها، إذا ما كانت القوامة في يدها، أما الرجل فيغلب على طبيعته الإدراك والفكر، وهما قوام المسئولية، وهذا ما توصل إليه العلم الحديث بعد ما أثبته القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا من الزمان.
 فإذا ما أضفنا إلى ذلك المسئولية المادية والأدبية أدركنا لما كانت القوامة في يد الرجال دون النساء، فالقوامة في يد الرجال أمر طبيعي، لا مناص عنه، فمنذ فجر التاريخ، والرجال هم الذين يتحملون التبعة والمسئولية، فلم نسمع عن جيش كامل العدد من النساء! ولم نسمع أن حكام العالم جميعهم سواء في الدول المسيحية أو اليهودية أو الملحدة كانوا من النساء! أو أن السلطة كانت قديما أو أصبحت حديثا في يد النساء ! فمال زال الرجال هم الذين بيدهم مقاليد الأمور كقاعدة عامة، وأن كل ما فعله الإسلام أنه أرسى ذلك المبدأ، الذي كان ولا زال مستعملا في جميع أرجاء العالم من أقصاه إلى أدناه، بل إن الإسلام زاد على ذلك المبدأ ما يحفظ للمرأة آدميتها وكرامتها وإنسانيتها.
 وبالتالي يصبح الطعن في الإسلام بأنه أهدر المرأة، لما جعل القوامة في يد الرجل، وأنه فضله عليها، أمر لا مسوغ له، وينطوي على الكثير من الكذب الصريح، والتزييف للحقائق، والتدليس في العرض، وخلطا للأمور، والإسلام 
علاوة على ذلك يوصي الرجال بالنساء خيرا فقد صح عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أنه قال وهو على فراش الموت لأصحابه ( الله الله في النساء وما ملكت أيمانكم ) وقوله – صلى الله عليه وسلم – ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )




وخير ما نختتم به كلامنا عن القوامة قول المغيرة بن شعبة حيث قال:
النساء أربع ، والرجال أربع:
§     رجل مذكر وإمرأة مؤنثة فهو قوام عليها.
§     ورجل مؤنث وامرأة مذكرة فهي قوامة عليه.
 
§     ورجل مذكر وامرأة مذكرة فهما كالوعلين يتناطحان.
§  و ورجل مؤنث وامرأة مؤنثة فهما لا يأتيان بخير ولا يغلمان. الإسلام والمرأة: (5) محمود بن الشريف ص 63
فالقوامة مع الذكر سواء كان رجلا أو امرأة، والذكورة تعني: الإنفاق والحماية والرعاية فمن قام بهذه الأمور أصبح قواما على الآخر رجل كان أو امرأة.
*******************************************************************************************************************

الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(2) المرأة نصف الرجل في:
·      في الميراث: قال تعالى:
·      في الشهادة: قال تعالى:
·      في العتق: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
( أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلما كان فكاكه من النار يجزي كل عضو منه عضوا، وأيما امرئ أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزي كل عضو منهما عضوا منه)
هذا هو الافتراء الثاني في سلسلة الافتراءات التي عمد أهل الاستشراف إلى وصم الإسلام بها، فتعالين منا أخواتي من جنس النساء عامة نستعرض تلك الافتراءات والأقوال، لنرى إذا ما كانت تضر بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة أم لا ؟!
(أ) الميراث:
لن نقارن في حديثنا عن ميراث البنت في الإسلام بينه، وبين الديانات والأنظمة الأخرى، نظرا لأن تلك المقارنة تنطوي على الكثير من جوانب الإجحاف بالنسبة للإسلام، فنحن نظلمه إذا ما فعلنا ذلك، لأنه لا وجه للمقارنة، كما أوضحنا سلفا بين مكانة المرأة قبل الإسلام، وبين مكانتها التي شرفت بها في ظلال الإسلام الوارفة، ولكننا نكتفي باستخدام العقل في الرد عما يحاول البعض إلصاقه كذبا بالإسلام من أنه لم يقدر المرأة عندما جعل لها نصف نصيب الرجل في الميراث، وهو ادعاء يدحض ذاته، وليس في حاجة لمنْ يدحضه.
 ·      الحجة العقلية
فالمرأة التي فرض لها الإسلام نصف الميراث منذ ما يربو على أربعة عشر قرنا من الزمان، كانت هي ذاته قبل الإسلام ممنوعة من الميراث، بل كانت متاعا يورث، لا تدري شيئا عما يسمى حقوق المرأة، إلا بعد مجئ الإسلام، الذي يعتبر بحق المنقذ، الذي جاء لينقذ المرأة من كافة ألوان الذل والخسف، اللذين كانت تئن تحتهما من زمن بعيد في ظل المعتقدات والديانات التي سبقت ظهور الإسلام سواء كانت ديانات وضعية، أو سماوية حرفها ذويها، لتتناسب مع أهوائهم وحياتهم.
فالمرأة في ظل التوراة ترث، ولكن بشرط خلو الأسرة من الذكور، فإذا خلت ورثت، وإذا ورثت اشترط عليها عدم الزواج من سبط آخر غير سبطها، حتى لا تنتقل الثروة إلى غير سبطها، وفي العديد من بلدان الحضارة والنور، أو بلدان العالم المتقدم كما يزعمون، تُحرم المرأة من التصرف في مالها إلا بإذن زوجها، الذي يُعد بمثابة الوصي عليها، فالمرأة الفرنسية التي تعيش في القرن العشرين، لم يكن لها ذمة منفصلة عن ذمة زوجها، وبقيت محرومة من صرف مبلغ من بنك أو مصرف إلا بتوقيع زوجها إلى جانب توقيعها.
 والآن بعد تلك الإطلالة تعالين بنا نناقش أسباب كون ميراث المرأة نصف ميراث الرجل:
لقد راعى الإسلام عند جعله المرأة ترث نصف ميراث الرجل، ما كان معمولا به في الجاهلية قبل الإسلام، فقد كانت المرأة لا ترث بل تُورث، وبالتالي جعل لها المشرع نصف ميراث الرجل، حتى يتم استساغة ذلك من قبل الرجال، فقد كان منهجهم في الميراث،أن الميراث حق لكل منْ حمل السلاح، وحائز الغنائم، وهذا ما لم يتوافر للمرأة، فإذا ما فرض لها المشرع أكثر من النصف، كان ذلك مدعاة لنفور الرجال من ذلك الدين الجديد، وفي نفس الوقت فرض الإسلام للمرأة ما يعوضها ذلك النقص في الميراث، كما سنرى أنه لم يكلفها بشئ من الإنفاق حتى على نفسها، وسمح لها، وهي زوجة أن تستثمر أموالها، وبالتالي يكون المشرع قد ساوى بين الرجل والمرأة من خلال المساواة بينهما في الحقوق والواجبات.
فالمرأة معفاة من الإنفاق على بيتها وعلى أولادها وكذلك على نفسها، فالمرأة هي الوحيدة التي لم يكلفها المشرع بشئ من الإنفاق، بل فرض لها منْ يُنفق عليها في جميع حالاتها، وهي بنت أو زوجة أو مطلقة، ولم يجعل إنفاق الرجل عليها من سبيل الصدقة، بل من سبيل الواجب الذي لا مناص منه أو عنه.
إن للمرأة الحق الكامل والمطلق في استثمار مالها، حرة بغير إشراف أو رقابة، أو وصاية من ذويها من الذكور، سواء كان زوجا أو أبا أو أبناء، وقد توفق في هذا الاستثمار فتفوق ثروتها ثروة زوجها، ومن هنا نجد الحقيقة الجلية الواضحة، والتي تنبثق منها عظمة وروعة الإسلام، ذلك الدين الذي استحق أن يجعله – الحق تبارك وتعالى – خاتم الأديان، فقرآنه الكريم دستور حياة، وما استغلق فهمه منه، جاء دور السنة النبوية المطهرة لكي توضحه وتبينه.
فالقرآن العظيم حينما جعل للمرأة نصف ميراث الرجل، توهم بعض الجهلة من ذلك، أن القرآن يُعلي من شأن الرجال على حساب النساء، وهذا غير صحيح، فإذا كان الإسلام قد جعل للمرأة نصف نصيب الرجل في الميراث، فهو في ذات الوقت قد أتاح للمرأة وضمن لها ما يساعد، ويُربي هذا النصف مما يجعله يفوق نصيب الرجل.
فالبنت غير مكلفة بشئ من الإنفاق بينما الرجل مكلف، والمرأة يقدم لها الصداق من الرجال، بينما هي في الحضارات الأخرى تدفع للرجل البائنة أو الدوطة، هذا بخلاف أن الرجل مكلف بالإنفاق على زوجته، أما المرأة فغير مكلفة بالإنفاق من مالها على زوجها، هذا بخلاف أهليتها الكاملة في استثمار مالها وميراثها وصيانته عن الإنفاق دون تدخل من الرجل.
من كل ما تقدم يتضح لنا بطلان الزعم بأن القرآن الكريم قد أهدر قيمة المرأة عندما جعل لها نصف ميراث الرجل.
 ·      ميراث الأنثى وفق قانون المواريث في الإسلام
أخواتي من النساء إليكن تلك الإحصائية في قانون المواريث في الإسلام والتي تُشكل أبلغ رد لكل طاعن أو متشكك فهناك
- إحدى عشرة حالة ترث فيها المرأة مثل الرجل.
- أربع عشرة حالة ترث فيها المرأة أكثر من الرجل
- خمس حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال
فقط توج  أربع حالات ترث فيها المرأة نصف ميراث نظيرها من الرجال وحتى نُبطل الشبهة التي يحاول البعض إلصاقها بالإسلام  منأن الإسلام قد ظلم المرأة في الميراث، وتعدى على حقوقها المالية؛ إذ جعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الذكر. ويستدلون على ذلك بقوله سبحانه وتعالى )يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) ويزعمون أن في ذلك انتقاصا من أهلية المرأة وجعلها نصف إنسان 

وللرد على هذا الزعم في نقاط محددة غير ما تقدم نحصرها في:
(1) وجوب الفهم الصحيح لقوله سبحانه وتعالى)يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) لأن هذا الفهم الصحيح يقطع بإنصاف الإسلام وعدله بين الذكر والأنثى؛ إذ ليس هذا مبدأ مطلقا في كل ذكر وأنثى.
(2) إن التفاوت في أنصبة الوارثين في الإسلام يرجع إلى أسباب معينة؛ كدرجة القرابة بين الوارث والموروث، وموقع الجيل الوارث، والعبء المالي الواقع على الوارث، ولا يرجع إلى اختلاف النوع من الذكورة أو الأنوثة.
(3) باستقراء حالات ومسائل الميراث في الإسلام يتبين لنا وجود أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات - فقط - ترث فيها المرأة نصف الرجل.
(4) حق المرأة في الميراث مرتبط بحقها في النفقة، والميزان بين الحقين ميزان رباني دقيق؛ فلا يقل نصيبها عن نصيب الرجل من الميراث إلا إذا توفرت لها كفالة قوية، وترث مثله أو أكثر منه إذا قلت أوجه هذه الكفالة 
·      معايير اختلاف أنصبة المواريث في الإسلام
إن الفروق في أنصبة المواريث هي أساس قضية المواريث في الفقه الإسلامي، ولا تختلف الأنصبة في المواريث طبقًا للنوع؛ وإنما تختلف الأنصبة طبقًا لثلاثة معايير
الأول: درجة القرابة بين الوَارِث والمُوَرِّث: ذكرًا كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث؛ دونما اعتبار لجنس الوارثين، فترى البنت الواحدة ترث نصف تركة أمها (وهي أنثى)بينما يرث أبوها ربع التركة (وهو ذكر) وذلك لأن الابنة أقرب من الزوج؛ فزاد الميراث لهذا السبب 
الثاني: موقع الجيل الوارث: فالأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل تصبح أعباؤها - عادة - مفروضة على غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات. فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه - وكلتاهما أنثى - وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه كذلك في حالة وجود أخ لها مثلًا.
الثالث: العبء المالي: وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتًا بين الذكر والأنثى، لكنه تفـاوت لا يفـضى إلى أي ظـلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح.
ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في العاملين الأولين (درجة القرابة، وموقع الجيل) - مثل أولاد المتوفَّى ، ذكورًا وإناثًا - يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث؛ ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات 
·      تفصيل حالات ميراث المرأة في الإسلام وفق قانون المواريث
(1) الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل:
 - البنت مع إخوانها الذكور، وبنت الابن مع ابن الابن.
- الأب والأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة.
- الأخت الشقيقة مع إخوانها الذكور.
 الأخت لأب مع إخوانها الذكور
(2)  الحالات التي ترث فيها المرأة مثل الرجل
- الأب والأم في حالة وجود الفرع الوارث.
- الأخ والأخت لأم.
- أخوات مع الإخوة والأخوات لأم.
- البنت مع عمها أو أقرب عصبة للأب (مع عدم وجود الحاجب)
- الأب مع أم الأم وابن الابن.
- زوج وأم وأختان لأم وأخ شقيق على قضاء سيدنا عمر رضي الله عنه، فإن
الأختين لأم والأخ الشقيق شركاء في الثلث.
- انفراد الرجل أو المرأة بالتركة بأن يكون هو الوارث الوحيد، فيرث الابن إن كان وحده التركة كلها تعصيبًا، والبنت ترث النصف فرضًا والباقي ردًّا. وذلك أيضًا لو ترك أبًا وحده فإنه سيرث التركة كلها تعصيبًا، ولو ترك أمًّا فسترث الثلث فرضًا والباقي ردًّا عليها.
- زوج مع الأخت الشقيقة؛ فإنها ستأخذ مثل ما لو كانت ذكرًا، بمعنى لو تركت المرأة زوجًا وأخًا شقيقًا فسيأخذ الزوج النصف، والباقي للأخ تعصيبًا. ولو تركت زوجًا وأختًا فسيأخذ الزوج النصف والأخت النصف كذلك.
- الأخت لأم مع الأخ الشقيق، وهذا إذا تركت المرأة زوجًا، وأمًّا، وأختًا لأم، وأخًا شقيقًا؛ فسيأخذ الزوج النصف، والأم السدس، والأخت لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق تعصيبًا وهو السدس.
- ذوو الأرحام في مذهب أهل الرحم، وهو المعمول به في القانون المصري في المادة 31 من القانون رقم 77 لسنة 1943، وهو إن لم يكن هناك أصحاب فروض ولا عصبات فإن ذوي الأرحام هم الورثة، وتقسم بينهم التركة بالتساوي كأن يترك المتوفى (بنت بنت، وابن بنت، وخالا، وخالة) فكلهم يرثون نفس الأنصبة.
- هناك ستة لا يحجبون حجب حرمان أبدًا وهم ثلاثة من الرجال، وثلاثة من النساء، فمن الرجال (الزوج، والابن، والأب)، ومن النساء (الزوجة، والبنت، والأم)
(3) حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل
- الزوج مع ابنته الوحيدة.
- الزوج مع ابنتيه.
- البنت مع أعمامها.
- إذا ماتت امرأة عن ستين فدانًا، والورثة هم (زوج، وأب، وأم، وبنتان) فإن نصيب البنتين سيكون 32 فدانًا بما يعني أن نصيب كل بنت 16 فدانًا، في حين أنها لو تركت ابنين بدلًا من البنتين لورث كل ابن 12.5 فدانًا؛ حيث إن نصيب البنتين ثلثا التركة، ونصيب الابنين باقي التركة تعصيبًا بعد أصحاب الفروض
- لو ماتت امرأة عن 48 فدانًا، والورثة (زوج، وأختان شقيقتان، وأم) ترث الأختان ثلثي التركة بما يعني أن نصيب الأخت الواحدة 12 فدانًا، في حين لو أنها تركت أخوين بدلًا من الأختين لورث كل أخ 8 أفدنة لأنهما يرثان باقي التركة تعصيبا بعد نصيب الزوج والأم.
- ونفس المسألة لو تركت أختين لأب؛ حيث يرثان أكثر من الأخوين لأب.- لو ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأبًا، وأمًّا، وبنتًا)، وكانت تركتها 156 فدانًا فإن البنت سترث نصف التركة وهو ما يساوي 72 فدانًا، أما لو أنها تركت ابنًا بدلًا من البنت فكان سيرث 65 فدانًا؛ لأنه يرث الباقي تعصيبا بعد فروض{الزوج والأب والأم}
- إذا ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأمًّا، وأختًا شقيقة)، وتركتها 48 فدانًا مثلا فإن الأخت الشقيقة سترث 18 فدانًا، في حين أنها لو تركت أخًا شقيقًا بدلًا من الأخت سيرث 8 أفدنة فقط؛ لأنه سيرث الباقي تعصيبا بعد نصيب الزوج والأم، ففي هذه الحالة ورثت الأخت الشقيقة أكثر من ضعف نصيب الأخ الشقيق.
 لو ترك رجل (زوجة، وأمًّا، وأختين لأم، وأخوين شقيقين) وكانت تركته 48 فدانًا، ترث الأختان لأم وهما الأبعد قرابة 16 فدانًا فنصيب الواحدة 8 أفدنة، في حين يرث الأخوان الشقيقان 12 فدانًا، بما يعني أن نصيب الواحد 6 أفدنة.
- لو تركت امرأة (زوجًا، وأختًا لأم، أخوين شقيقين)، وكانت التركة 120 فدانًا، ترث الأخت لأم ثلث التركة، وهو ما يساوي 40 فدانًا، ويرث الأخوان الشقيقان 20 فدانًا، بما يعني أن الأخت لأم وهي الأبعد قرابة أخذت أربعة أضعاف الأخ الشقيق.

 الأم في حالة فقد الفرع الوارث، ووجود الزوج في مذهب ابن عباس رضي الله عنه ، فلو ماتت امرأة وتركت (أبًا، وأمًّا، وزوجًا) فللزوج النصف، وللأم الثلث، والباقي للأب، وهو السدس أي ما يساوي نصف نصيب زوجته. لو تركت امرأة (زوجًا، وأمًّا، وأختًا لأم، وأخوين شقيقين) وكانت التركة 60 فدانًا، فسترث الأخت لأم 10 أفدنة في حين سيرث كل أخ 5 أفدنة؛ مما يعني أن الأخت لأم نصيبها ضعف الأخ الشقيق، وهي أبعد منه قرابة.

- ولو ترك رجل (زوجة، وأبًا، وأمًّا، وبنتًا، وبنت ابن)، وكانت التركة 648 فدانًا، فإن نصيب بنت الابن سيكون 96 فدانًا، في حين لو ترك ابنَ ابنٍ لكان نصيبه 24فدانًا فقط.

- لو ترك المتوفى (أمًّا، وأم أم، وأم أب) وكانت التركة 60 فدانًا مثلًا، فسوف ترث الأم الثلث فرضًا والباقي ردًّا، أما لو ترك المتوفى أبًا بدلا من أم بمعنى أنه ترك (أبًا، وأم أم، وأم أب) فسوف ترث أم الأم، ولن تحجب السدس وهو 10 أفدنة، والباقي للأب 50 فدانًا، مما يعني أن الأم ورثت كل التركة 60 فدانًا، والأب لو كان مكانها لورث 50 فدانًا فقط.


(4) حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال  

- لو ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأبًا، وأمًّا، وبنتًا، وبنت ابن)، وتركت تركة قدرها 195 فدانًا مثلًا، فإن بنت الابن سترث السدس وهو 26 فدانًا، في حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلًا من بنت الابن لكان نصيبه صفرًا؛ لأنه كان سيأخذ الباقي تعصيبا ولا باقي، وهذا التقسيم على خلاف قانون الوصية الواجبة الذي أخذ به القانون المصري رقم 71 لسنة 1946، وهو خلاف المذاهب، ونحن نتكلم عن المذاهب المعتمدة، وكيف أنها أعطت المرأة، ولم تعط نظيرها من الرجال.- لو تركت امرأة (زوجًا، وأختًا شقيقة، وأختًا لأب)، وكانت التركة 84 فدانًا مثلًا، فإن الأخت لأب سترث السدس، وهو ما يساوي 12 فدانًا، في حين لو كان الأخ لأب بدلًا من الأخت لم يرث؛ لأن النصف للزوج، والنصف للأخت الشقيقة والباقي للأخ لأب ولا باقي.

- ميراث الجدةفكثيرا ما ترث ولا يرث نظيرها من الأجداد، وبالاطلاع على قاعدة ميراث الجد والجدة نجد الآتي: الجد الصحيح ( أي الوارث) هو الذي لا تدخل في نسبته إلى الميت أم مثل: أبي الأب، أو أبي أب الأب وإن علا، أما أبو الأم أو أبو أم الأم فهو جد فاسد (أي غير وارث) على خلاف في اللفظ لدى الفقهاء، أما الجدة الصحيحة فهي التي لا يدخل في نسبتها إلى الميت جد غير صحيح، أو هي كل جدة لا يدخل في نسبتها إلى الميت أب بين أُمَّيْنِ، وعليه تكون أم أب الأم جدة فاسدة، لكن أم الأم، وأم أم الأب جدات صحيحات ويرثن.

- و مات شخص وترك (أبا أم، وأم أم) في هذه الحالة ترث أم الأم التركة كلها، حيث تأخذ السدس فرضًا والباقي ردًّا، وأب الأم لا شيء له؛ لأنه جد غير وارث.

- كذلك ولو مات شخص وترك (أم أم، وأبا أم أم) تأخذ أم الأم التركة كلها، فتأخذ السدس فرضًا والباقي ردًّا عليها ولا شيء لأبي أم الأم؛ لأنه جد غير وارث.

إذن فتوجد من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل. تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسـائل الميراث في عـلم الفرائض (لمواريث) ومن ثمة يصبح الزعم بأن الإسلام قدر أهدر قيمة المرأة حينما أعطاها نصف الرجل في الميراث أمرا لا مسوخ له ولا أساس من الصحة من عقل أو نقل.(3)

http://www.assabgen.com/vb/showthread.php?t=1472





*****************************************************************************
*********************************************************************************************************************************************


الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(2) المرأة نصف الرجل في:
(ب) الشهادة

يتخذ الحاقدون من قوله تعالى في آية الدَّين وسيلة وأداة للتشكيك في مساواة التشريع الإسلامي ما بين الرجل والمرأة، من حيث أن التشريع الإسلامي قد جعل شهادة المرأة تعدُل نصف شهادة الرجل، حيث قال تعالى: {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ} (1) البقرة: 282
فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وأخذوا يصولون ويجولون مرددين أن الإسلام جعل المرأة نصف الرجل، ومن ثمة يكون قد أهدر قيمة المرأة الإنسانية.
وإذا ما أردنا تفنيد ذلك الزعم الباطل، والقول الخاطئ وجدناه مفند من تلقاء ذاته، فالقاعدة المكذوبة التي لا تنتج عن  بديهيات سليمة وصحيحة، لا يُكتب لها الاستمرار أو الحياة، كما أن القياس الخاطئ لابد وأن يؤدي إلى نتائج خاطئة.
فتعالين بنا نكمل المعنى المنقوص والعلة من جعل شهادة الاثنتين تعدل شهادة رجل واحد، قال تعالى:  {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُوا}ْ
فبذلك تظهر العلة التي جعلت – الحق تبارك وتعالى – قد جعل شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل، والذي ينحصر في الخوف من الضلال، ويقصد به النسيان، فالنسيان صفة مستحكمة في بني الإنسان بصفة عامة، وفي النساء بصفة خاصة

أولا بعض أقول المفسرين المحدثين في آية الدين
الشيخ/ سيد قطب
{واستشهدوا شهيدين من رجالكم. فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان - ممن ترضون من الشهداء - أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى }
إنه لا بد من شاهدين على العقد - { ممن ترضون من الشهداء } - والرضى يشمل معنيين:
الأول أن يكون الشاهدان عدلين مرضيين في الجماعة.
والثاني أن يرضى بشهادتهما طرفا التعاقد.. ولكن ظروفاً معينة قد لا تجعل وجود شاهدين أمراً ميسوراً. فهنا ييسر التشريع فيستدعي النساء للشهادة، وهو إنما دعا الرجال لأنهم هم الذين يزاولون الأعمال عادة في المجتمع المسلم السوي، الذي لا تحتاج المرأة فيه أن تعمل لتعيش، فتجور بذلك على أمومتها وأنوثتها وواجبها في رعاية أثمن الأرصدة الإنسانية وهي الطفولة الناشئة الممثلة لجيل المستقبل، في مقابل لقيمات أو دريهمات تنالها من العمل، كما تضطر إلى ذلك المرأة في المجتمع النكد المنحرف الذي نعيش فيه اليوم!
فأما حين لا يوجد رجلان فليكن رجل واحد وامرأتان.. ولكن لماذا امرأتان؟ إن النص لا يدعنا نحدس! ففي مجال التشريع يكون كل نص محدداً واضحاً معللاً: { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى }.. والضلال هنا ينشأ من أسباب كثيرة.
فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد، مما يجعلها لا تستوعب كل دقائقه وملابساته ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معاً على تذكر ملابسات الموضوع كله. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية.
 فإن وظيفة الأمومة العضوية البيولوجية تستدعي مقابلا نفسياً في المرأة حتماً. تستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء.. وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة.. وهذه الطبيعة لا تتجزأ.
فالمرأة شخصية موحدة هذا طابعها - حين تكون امرأة سوية - بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثر ولا إيحاء. ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى - إذا انحرفت مع أي انفعال - فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة.(2) في ظلال القرآن الكريم  
الشيخ/ الشعراوي
ولماذا قال الحق {شَهِيدَيْنِ } ولم يقل " شاهدان "؟ لأن مطلق شاهد قد يكون زوراً، لذلك جاء الحق بصيغة المبالغة. كأنه شاهد عرفه الناس بعدالة الشهادة حتى صار شهيداإنه إنسان تكررت منه الشهادة العادلة؛ واستأمنه الناس على ذلك، وهذا دليل على أنه شهيد. وإن لم يكن هناك شهيدان من الرجال فالحق يحدد لنا { فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ }
إن الحق سبحانه وتعالى قد طلب منا على قدر طاقتنا أي من نرضى نحن عنهم، وعلل الحق مجيء المرأتين في مقابل رجل بما يلي: { أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ }؛ لأن الشهادة هي احتكاك بمجتمع لتشهد فيه وتعرف ما يحدث. والمرأة بعيدة عن كل ذلك غالبا.أن الأصل في المرأة ألا علاقة لها بمثل هذه الأعمال، وليس لها شأن بهذه العمليات، فإذا ما اضطرت الأمور إلى شهادة المرأة فلتكن الشهادة لرجل وامرأتين؛ لأن الأصل في فكر المرأة أنه غير مشغول بالمجتمع الاقتصادي الذي يحيط بها، فقد تضل أو تنسى إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وتتدارس كلتاهما هذا الموقف، لأنه ليس من واجب المرأة الاحتكاك بجمهرة الناس وبخاصة ما يتصل بالأعمال.
وبعد ذلك يقول الحق: { وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ } فكما قال الحق عن الكاتب ألا يمتنع عن توثيق الديْن، كذلك الشهادة على هذا الديْنوكيف تكون الشهادة، هل هي في الأداء أو التحمل؟ إن هنا مرحلتين: مرحلة تحمل، ومرحلة أداء.
وعندما نطلب من واحد قائلين: تعال اشهد على هذا الديْن. فليس له أن يمتنع، وهذا هو التحمل. وبعدما وثقنا الديْن، وسنطلب هذا الشاهد أمام القاضي، والوقوف أمام القاضي هو الأداء. وهكذا لا يأبى الشهداء إذا ما دعوا تحملا أو أداءً. (3) تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي
 الشيخ/ طنطاوي
هذا، وشهادة النساء مع الرجال تجوز عند الحنفية في الأموال والطلاق والنكاح والرجعة وكل شىء إلا الحدود والقصاص. وعند المالكية تجوز في الأموال وتوابعها خاصة، ولا تقبل في أحكام الأبدان مثل الحدود والقصاص والنكاح والطلاق والرجعة.
ثم بين - سبحانه - العلة في أن المرأتين تقومان مقام الرجل في الشهادة فقال{ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ }.
وقال القرطبى: معنى تضل تنسى، والضلال عن الشهادة فإنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء، ويبقى المرء حيران بين ذلك ضلالا
والمعنىجعلنا المرأتين بدل رجل واحد في الشهادة، خشية أن تنسى إحداهما فتذكر كل واحدة منهما الأخرى: إذ المرأة لقوة عاطفتها، وشدة انفعالها بالحوادث، قد تتوهم ما لم تر، فكان من الحكمة أن يكون مع المرأة أخرى في الشهادة بحيث يتذكران الحق فيما بينهما.
والعلة في الحقيقة هي التذكير، ولكن الضلال لما كان سبباً في التذكير، نزل منزلة العلة. وذلك كأن تقول: أعددت السلاح خشيه أن يجىء العدو فأدفعه، فإن العلة هى الدفاع عن النفس، ولكن لما كان مجئ العدو سبباً فيه نزل منزلته. (4) تفسير الوسيط في تفسير القرآن الكريم/ طنطاوي
ثانيا: العلة وصيانة الحقوق

فالمرأة تغلبها العاطفة وتسيطر عليها أكثر من عقلها، وليس في ذلك انتقاصا لها، فلقد غلبت العاطفة على العقل في المرأة نظرا لأن العاطفة الأقرب كُلفت به المرأة من مهام  تتمثل في الأمومة والحضانة، وإيمانا بذلك فإذا ما جعُلت المرأة تعدل في شهادتها تعدُل شهادة الرجل، ثم طُلبت المرأة للشهادة وقد غلبت عليها عاطفتها،وكان أمر الشهادة يترتب عليه تنفيذ حد من حدود الله فغلبت عليها العاطفة فأنكرت الشهادة لترتب على ذلك ضياع الحقوق ومن ثمة فساد المجتمع.



ولقد وضح لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في حديثه للنساء حيث 
قال لهن : ( يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار – فقالت امرأة مهن جزلة وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟! قال: تُكثرن اللعان، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن؟! قالت: يا رسول الله ما نقص العقل والدين؟!
قال: أما نقصان في عقلها فشهادة امرأتين تعدُل شهادة رجل فهذا نُقصان العقل، وتمكث الليالي لا تُصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين (5) تفسير ابن كثير ج 1 ص 316: 317
ولهذا جعل الحق تبارك وتعالى شهادة المرأتين تعدُل شهادة الرجل على اعتبار إذا نسيت أحداها ذكرتها الأخرى.
ولا ننسى حقيقة أخرى تتمثل في أن المرأة جزء من الرجل، فهي خلقت من أحد أضلعه بينما الرجل خلق من التراب، ولا يمكن أن يتساوى الجزء مع الكل، كما لا يمكن أن يتساوى الفرع مع الأصل في الواجبات والحقوق وهذا عماد المبدأ الذي قامت عليه المساواة في الشريعة الإسلامية بين الرجل والمرأة.
فالعلة المرجوة جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل، تنحصر في صيانة الحقوق عن الضياع على اعتبار أن الادراك  والتفكير من خصائص الرجل، وهما لا يوجدان بنفس الدرجة والمقدار عند المرأة، وليس في ذلك انتقاص لقدر المرأة، فالمرأة والرجل شريكان في الحياة ودور كل منهما مكمل لدور الآخر، فالرجل مكلف بالسعي والعمل، والمرأة مكلفة برعاية الأسرة من خلفه.


ثالثا: هل شهادة المرأة في المحكمة تُساوي نِصفَ شهادة الرَّجُل؟!
يقول الله تعالى
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ الله فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ الله رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ الله وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}(7) البقرة: 282
 
فالخلْطُ الذي وقعَ فيه بعضُ النَّاس هو عند قوله تعالى : { فإنْ لَمْ يكُونَا رجُلَيْن فرَجُلٌ وامْرَأتان } ، استنتجَ منه هؤلاء أنَّ شهادة المرأة في المحكمة تُساوي نِصفَ شهادة الرَّجُل ، وبالتَّالي لا بُدَّ من امرأة ثانية تشهدُ معها
 لكنَّ استنتاجَهُم هذا خاطئ تمامًا ! فالآية هنا لا تتحدَّثُ عن الشَّهادة في قضيَّةٍ مَا أمام القاضي ، وإنَّما تتحدَّثُ عن الإشْهاد عند الاستدانة ، أي عندما يُريدُ شخصٌ مَا أن يُقرِضَ شخصًا آخر مبلغًا من المال مثلاً ، فإنَّ الله يُوصيه (أي يُوصِي الدَّائن) ، لكي يَحفظَ حقَّه ويَستوثق من عودة مالِه إليه ، أن يجعلَ وثيقةً بينه وبين الذي سيَقْترضُ المال ، يكتُبها كاتبٌ عادل ، وبحضُور شُهود مِمَّنْ يَرضَى بهم الدَّائنُ ويثقُ بهم : إمَّا رجُلان أو رجلٌ وامرأتان
فالمرأتان إذًا تُعوّضان الرَّجُلَ الواحدَ كَشاهدتَيْن ، فقط في هذه الحالة الخاصَّة ، وهي كتابة الدَّيْن . وعلَّلَ اللهُ تعالى حضُور امرأتين بَدلَ الرَّجُل الثَّاني ، بقوله : { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } ، أي ربَّما تَنسَى الأولى بعض التَّفاصيل ، فتُذكّرها الأخرى بها عند الحاجة لذلك .  
قال بعضُ العلماء : لِأنَّ المرأة عادةً ليس لها خبرة مثل الرَّجل في مثل هذا النَّوع من المعاملات الماليَّة (الدَّيْن ، والبيع والشّراء) ، بِحُكم أنَّ الرَّجلَ هو الأكثر مُمَارسة لها،لهذا ، أوصَى اللهُ تعالى صاحبَ المال أن يختار رجُلَيْن مِمَّن يرضَى شهادتَهُما ، لِيَحْضُرا كتابة الدَّيْن . فإن لَمْ يَجِدْ ، فعند ذلكَ يلتجئُ إلى رجُل وامرأتين . هذه هي كلُّ القضيَّة
أمَّا الشَّهادة في المحكمة ، فلا عِبْرة فيها بِجنْس الشُّهود أو عددهم ، وإنَّما العبرة بِمَن يُقدّم البيّنة والدَّليل لِلوصول إلى الحقيقة . ولذلك يقبلُ القاضي بشهادة المرأة الواحدة ، والرَّجل الواحد ، والمرأة والرَّجل معًا ، بدون تمييز بينهما

ويكفي أن نستدلَّ على ذلك بالآيات الخاصَّة باللّعان ، عندما يَتَّهِمُ رجلٌ زوجتَه بالزّنا وليس له شهودٌ إلاَّ نفسه
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِالله إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ 6 وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ الله عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ 7 وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِالله إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ 8 وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ الله عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ 9 }(8) النّور 6-9
ففي هذه الحالة ، يشهدُ الزَّوجُ إذًا أربعَ شهادات بالله إنَّه لَمِنَ الصَّادقين ، والخامسة أنَّ عليه لعنة الله وسخطه إن كان مِن الكاذبين . ثمَّ يأتي دورُ الزَّوجة ، فإذا أصرَّت أنَّ زوجَها كاذب ، يُطلَبُ منها أن تشهَد أيضًا أربع شهادات بالله إنَّه لَمِنَ الكاذبين ، والخامسة أنَّ عليها لعنة الله وسخطه إن كان زوجها من الصَّادقين ، ثمَّ يُخلَى سبيلُها
فالزَّوجة تشهد إذًا أمام القاضي نفس عدد شهادات زوجها ، لكي تُبطِلَ دعواهُ ضدَّها . وفي هذا دليلٌ واضحٌ على أنَّ شهادة المرأة أمام القضاء مساوية تمامًا لِشهادة الرَّجل ،بل إنَّ فيه أيضًا ردّا قويّا على كلّ مَن يدَّعي أنَّ الإسلام يضطهدُ المرأة ، لأنَّه لو كان كذلك لاكتفى بشهادة الزَّوج ضدَّ زوجته وأقام عليها الحدّ . ولكنَّها عدالةُ الإسلام التي تُساوي أمام القاضي بين الرَّجل والمرأة ، بين الرَّئيس والمرؤوس ، وبين المسلم وغيره
أخيرًا ، لو كان الإسلام يعتبرُ المرأة نصف الرَّجل ، لأعطاها فقط نصف جزاء الرَّجل يوم القيامة ولكنَّ الله تعالى يقول{  وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} (9) النّساء 124
وعلى هذا فمسألة أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فيه إهدار لقيمة المرأة وإنسانيتها فذلك أمر لا مسوغ له في إطار مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات في ظل الشريعة الإسلامية، فكل حق للرجل يقابله واجب، وكل حق للمرأة يقابله واجب أيضا


**************************************************************************************************************************

رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(2) المرأة نصف الرجل في:
(ج) العتق والدية:
تجارة الرقيق قبل الإسلام.
يتخذ بعض الجهلة من جعل عتق الجاريتين يعدُل عتق الرجل، ومن جعل دية المرأة نصف دية الرجل، وسيلة للطعن في الدين الإسلامي، فيجعلون من ذلك إهدارا لقيمة المرأة الإنسانية على يد الإسلام – المفترى عليه قديما وحديثا – وفي الواقع أن هذا الكلام يحتوي علىالكثير من المغالطات، التي لا تُجدي ولا تُفيد، فما يجعلونه نقصا في حق المرأة نراه نحن تكريما لها، ومحافظة عليها، وصون لكرامتها، وحماية لقيمتها الإنسانية، التي كانت هدف التشريع الإسلامي منذ انبعاث نوره ليُضئ الكثير من جوانب الظلام، التي كانت تكتنف وتُحيط بحياة المرأة في العديد من بقاع المعمورة في ظل المعتقدات البالية والديانات السابقة لظهوره.
 الإماء في الإسلام
ولنبدأ بالعتق:
فلقد جعل التشريع الإسلامي عتق الجاريتين يعدُل عتق الرجل في الأجر والثواب، وليس في ذلك انتقاصا، أو امتعاضا للمرأة، بل في ذلك تكريما لها  كيف ؟!
فالمرأة ضعيفة، والسيد يستمتع من جاريته أو أمته بخدمتها و بضعفها، أو بالتصرف فيها كيف يشاء، والتشريع الإسلامي يتشوق إلى فك الرقاب، ويحرص كثيرا على عتق النساء رحمة بهن أولا، ونظرا لمتابعة الأولاد لأمهاتهم في الرق والحرية، وبذلك تخلُص المسكينة من تبعات الرق، ومن تحكم المُلاك فيها وفي مصيرها، لذلك جعل عتق المرأتين بعتق رجل واحد، وذلك في باب التبرعات وابتغاء الثواب من عند – الله تعالى – في أن يفك رقبته من النار، ولا ينال المعتق ذلك إلا بعتق امرأتين وفك رقبتيهما من ذلك العبودية.
ضعف المرأة في الرق
وبذلك يتضح الهدف الذي من أجله جعل التشريع الإسلامي عتق امرأتين يعدُل عتق رجل في الثواب والنجاة من النار، وذلك ليدفع الرجال إلى الإكثار من عتق النساء، إذا رغبوا في النجاة من النار، وليس في ذلك ما يقلل من كرامة وإنسانية المرأة كما ذهب أصحاب الزعم الباطل من الحاقدين على الإسلام.
 تجارة الرقيق في روما قديما
أما الدية:
فدية المرأة إذا ما قُتلت عمدا أو خطئا خمسون من الإبل، وقيمتها مغلظة ومخففة، وليس في ذلك انتقاصا لقدر أو إنسانية المرأة، كما يزعم البعض من جهلة الحاقدين على الإسلام، فإنما جُعلت دية المرأة نصف دية الرجل، لترغيب أهلها في القصاص من القاتل، فلو كانت ديتها مثل دية الرجل، دفع ذلك أهلها إلى قبول المائة ناقة من الإبل كثرتها، وتخلوا عن القصاص من القاتل، وأصدق دليل على ذلك، أنه إذا رفض أهلها الحصول على الخمسون ناقة كدية، وأرادوا القصاص من القاتل، لحصل لهم ما أرادوا، حتى ولو كان القاتل سيدا مطاعا أو جبارا عنيدا، فهنا لو كانت الدية مائة ناقة، أو قيمتها لطمع فيها الوارث الفقير، وتساهل الغني القاتل.
 ولحسم مادة الشر، وصون النفس عن القتل، كان للمرأة نصف دية الرجل أو القصاص من القاتل قال تعالى:  
{وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَٰوةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (1) البقرة: 179
 قال الإمام القرطبي: فيه أربع مسائل:
الأول: قوله تعالى: { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ } هذا من الكلام البليغ الوجيز كما تقدّم. ومعناه: لا يقتل بعضكم بعضاً؛ رواه سفيان عن السُّدّي عن أبي مالك. والمعنى: أن القصاص إذا أقيم وتحقّق الحكم فيه أزدجر من يريد قتل آخر، مخافةَ أن يقتص منه فحييا بذلك معاً. وكانت العرب إذا قتل الرجل الآخر حَمِيَ قبيلاهما وتقاتلوا، وكان ذلك داعياً إلى قتل العدد الكثير؛ فلما شرع الله القصاص قَنِع الكل به وتركوا الاقتتال؛ فلهم في ذلك حياة 
الثانية: اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض؛ وإنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك؛ ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض 
الثالثة: وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدّى على أحدٍ من رعيّته، إذ هو واحد منهم؛ وإنما له مَزِيّة النظر لهم كالوصيّ والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص، وليس بينهم وبين العامّة فرق في أحكام الله عز وجل؛ لقوله جل ذكره: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } ، وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملاً قطع يدهلئن كنت صادقاً لأقيدنّك منه.
وروى النّسائي عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقسم شيئاً إذ أكبّ عليه رجل، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُرجون كان معه، فصاح الرجل؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعال فاستقد». قال: بل عفوت يا رسول الله "
وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالأَلاَ مَن ظلمه أميره فليرفع ذلك إليّ أقيده منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، لئن أدّب رجل منا رجلاً من أهل رعيّته لتقصنّه منه؟ قال: كيف لا أقصّه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه!. ولفظ أبي داود السّجستانيّ عنه قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: إني لم أبعث عُمّالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم؛ فمن فعل ذلك به فليرفعه إليّ أقصّه منه. وذكر الحديث بمعناه 
الرابعة: قوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } تقدم معناه. والمراد هنا «تتقون» القتل فتسلمون من القصاص، ثم يكون ذلك داعيةً لأنواع التقوى في غير ذلك؛ فإن الله يثيب بالطاعة على الطاعة. وقرأ أبو الجوزاء أوس بن عبد اللَّه الرَّبَعِي «ولكم في القَصَص حياة» قال النحاس: قراءة أبي الجوزاء شاذّةقال غيره: يحتمل أن يكون مصدراً كالقصاص. وقيل: أراد بالقَصَص القرآن؛ أي لكم في كتاب الله الذي شرع فيه القصص حياة؛ أي نجاة. (2) تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي
 عن أبي شريح الخزاعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أصيب بقتل أو خبل، فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد الرابعة( التعدي بعد قبول الدية ) فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك، فله نار جهنم خالداً فيها " رواه أحمد، وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية " يعني: لا أقبل منه الدية، بل أقتله. (3) تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير


وهناك أمر آخر راعاه التشريع الإسلامي حين جعل دية المرأة نصف دية الرجل، وهو مقدار الضرر الواقع على كل من ورثة الرجل المقتول وورثة المرأة المقتولة فالدية ليست ثمنا لرجل أو المرأة ولكنها تعويض عن الضرر الواقع عن القتل .



و ليس في هذا ظلم للمرأة، والذين يريدوا أن يسووا هم الذي ظلموا الرجل وظلموا المرأة؛ لأنهم ظنوا أن الدية ثمن للإنسان، أبداً الدية ليست ثمناً لا ثمن للرجل ولا ثمن للمرأة إنما هي تعويض لمن تضرر من الأحياء، أما الإنسان سواء رجل أو امرأة فلا يقدر بثمن وليست خمسين من الإبل أو مائة من الإبل هي قيمته، ولذلك الذين يريدون أن يسووا هم جعلوا الدية قيمة، كأن قيمة الرجل مثل قيمة المرأة، في حال القتل لو أن رجلاً قتل امرأة عمداً يقتل بها قصاصاً ساوى الشرع بين الرجل والمرأة؛ لأنها نفس، لكن في حالة التعويض لمن تضرروا بموت الرجل أو بالمرأة قدر حقهم بمقدار ضررهم، فالضرر الذي يتضرره ورثة الرجل لا ريب أنه أشد من الضرر الذي يلحق بورثة الأنثى، فقدر لهؤلاء مائة من الإبل الذين هم ورثة الرجل، وقدر الشرع لورثة الأنثى خمسين من الإبل على النصف بحسب نوع الدية.

**********************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق