الباب
الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا:
مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(5)
ملك اليمين: السراري والإماء
ثالثا: الإسلام
والقضاء على الرق؟!
رأينا فيما مضى كيف حث الإسلام على حُسن معاملة
الرقيق، ومنع كافة أشكال الضرر عنهم سواء كان ضررا ماديا أو ضررا أدبيا، إضافة إلى
العفو عما قد يصدر من الرقيق من إساءة، تلك المعاملة الكريمة من الإسلام للعبيد
والإماء لا تتفق مع زعم البعض بأن الإسلام قد أساء للرقيق، وأنه لم يدعو إلى العتق بل دعي إلى الرق, وهذا الكلام ما هو إلا كذب وافتراء على
الإسلام لا يقوم على حقائق ثابتة وإنما يقوم على أساس من العداوة المبنية على
الكيد والحقد الذي غلف قلوب هؤلاء القوم.
قال الإمام الشعراوي ورحمه الله حول هذه النقطة
:-
لقد اتهم أعداء الإسلام الإسلام زوراً بأنه هو
الذي شرع الرق، ولكن الحقيقة أنه لم يبتدع أو يُنشيء الأسر والرق، ولكنه كان
نظاماً موجوداً بالفعل وقت ظهور الإسلام ، وكانت منابع الرق متعددة بحق أو بباطل،
بحرب أو بغير حرب، فقد يرتكب أحد جناية في حق الآخر ولا يقدر أن يعوضه فيقول: -
خذني عبداً لك -، أو - خذ ابنتي جارية- ، وآخر قد يكون مَديناً فيقول: - خذ ابني
عبداً لك أو ابنتي جارية لك -.
وكانت مصادر الرق – إذن – متعددة، ولم يكن للعتق
إلا مصرف واحد. وهو إرادة السيد أن يعتق عبده أو يحرره، ومعنى ذلك أن عدد الرقيق
والعبيد كان يتزايد ولا ينقص؛ لأن مصادره متعددة وليس هناك إلا باب واحد للخروج
منه، وعندما جاء الإسلام ووجد الحال هكذا أراد أن يعالج مشكلة الرق ويعمل على
تصفيته. ومن سمات الإسلام أنه يعالج مثل هذه الأمور بالتدريج وليس بالطفرة؛ فألغي
الإسلام كل مصادر الرق إلا مصدراً واحداً وهو الحرب المشروعة التي يعلنها الإمام
أو الحاكم. وكل رق من غير الحرب المشروعة حرام ولا يجوز الاسترقاق من غير طريقها،
وفي ذات الوقت، عدد الإسلام أبواب عتق العبيد، وجعله كفارة لذنوب كثيرة لا يكفر
عنها ولا يغفرها سبحانه وتعالى إلا بعتق رقبة، بل إنه زاد على ذلك في الثواب
الكبير الذي يناله من يعتق رقبة حبا في الله وإيماناً به فقال سبحانه وتعالى:{
فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ
* فَكُّ رَقَبَةٍ }البلد: 11-13.
فإذا لم يرتكب الإنسان ذنباً يوجب عتق رقبة ولا
أعتق رقبة بأريحية إيمانية، فإنه في هذه الحالة عليه أن يعامل الأسير معاملة الأخ
له في الإسلام. فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه سيدنا أبو ذَر
رَضي الله عنه. " إخوانكم خولكم جعلهم الله فتنة تحت أيديكم، فمن كان أخوه
تحت يده فليطعمه من طعامه وليلبسه من لباسه، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما
يغلبه فليعنه ".
إذن فقد ساوى هذا الحديث الشريف بين العبد
والسيد، وألغي التمييز بينهما؛ فجعل العبد يلبس مما يلبس سيده ويأكل مما يأكل أو
يأكل معه؛ وفي العمل يعينه ويجعل يده بيده، ولا يناديه إلا بـ " يا فتاي "
أو "يا فتاتي ".إذن فالإسلام قد جاء والرق موجود وأبوابه كثيرة متعددة
ومصرفه واحد؛ فأقفل الأبواب كلها إلا باباً واحداً، وفتح مصارف الرق حتى تتم
تصفيته تماماً بالتدريج.
وبالنسبة للنساء جاء التشريع السماوي في قول
الله تعالى:{ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ } النساء: 3
وكان ذلك باباً جديداً من أبواب تصفية الرق؛ لأن
الأمة إن تزوجت عبداً مثلها تظل على عبوديتها وأولادها عبيد، فإن أخذها الرجل إلى
متاعه وأصبحت أم ولده يكون أولادها أحراراً، وبذلك واصل الإسلام تصفية الرق، وفي
ذات الوقت أزاح عن الأنثى الكبت الجنسي الذي يمكن أن يجعلها تنحرف وهي بعيدة عن
أهلها مقطوعة عن بيئتها، وترى حولها زوجات يتمتعن برعاية وحنان ومحبة الأزواج وهذه
مسألة تحرك فيها العواطف، فأباح للرجل إن راقت عواطفهما لبعضهما أن يعاشرها
كامرأته الحرة وأن ينجب منها وهي أمَة، وفي ذلك رفع لشأنها لأنها بالإنجاب تصبح
زوجة، وفي ذات الوقت تصفية للرق.
لماذا
لم يُحرم الإسلام الرق تحريما صريحا؟!
نشهد هجمة مفتعلة من قبل بعض المرجفين وبعض المنصرين
والمبشرين للأديان الأخرى بأن الإسلام قد أباح الرق ولم يحرمه وقد لوثوا عقول كثير
من شباب المسلمين بهذه الأفكار ، خاصة أولئك الشباب المتغرب أو المتجه فكرياً إلى
مدارس الغرب أو المدرسة الشرقية ذات العقيدة الشيوعية والعلمانية .
أمثال هؤلاء المرجفون رموا الإسلام بأنه اقر الرق عندما وضع
للعبيد شرائع وأحكام فى الإسلام وأشاروا إلى بعض سور القرآن والأحاديث التي ذكرت
الرق والعبودية ولكن فات عليهم أن الإسلام عندما جاء وجد كل العالم يمارس هذه التجارة
وأنها ظاهرة موجودة حتى قبل الأديان السماوية التي يعتقدون فيها فكان الرق قبل
اليهودية وقبل المسيحية وعرفته كل شعوب الدنيا وكان تجارة رائجة لها أسواقها وسلعة
يستثمرها التجار للثراء يُباع فيها الإنسان ويُشترى ، ولم يسلم منها حتى الأنبياء
فقد استرق يوسف عليه السلام وبيع فى مصر كغلام لعزيز مصر وكان أمرا عادياُ فى ذلك
الوقت.
فلما جاء الإسلام لم يصدر أمرا مباشرا بالقضاء
على الرق، لأن ذلك كان سيؤدي إلى كارثة بل إلى ثورة عارمة من قبل السادة، حيث كان
الرقيق يُشكلون السواد الأعظم من العمالة في مختلف الاتجاهات، وبخاصة تلك المجالات
التي يأنف منها السادة، هذا بخلاف لاستثمار العديد من السادة لمالهم من خلال شراء
العبيد والجواري، ثم بيعهم وتحقيق الربح من وراء ذلك، فكيف بالإسلام يأتي ومرة
واحدة يأمر بمنع الرق والعبودية دون أن يُهيئ الناس لتقبل الأمر، وبخاصة أن هذا
الأمر يتعلق بصُلب الحياة الجاهلية.
ومن هنا أتى الإسلام
بالحل للرق والعبودية من خلال عدة طرق منها:
- تحريرهم بالمال نعم تحريرهم بالمال لان المال هو الذي
جعلهم رقيقاُ ولا يمكن لدين عدل ودين رحمة مثل الإسلام أن يُسلب أموال الناس غصبا
وكان العبيد يدخلون فى مضمون المال ، وان ينتزع أموال الناس بحجة تحرير العبيد دون
أن يعطيهم حقهم الذي اشتروهم به ، ولكنه وضع حلاً لذلك بان جعل تحريرهم عن طريق فك
رقبة مؤمنة ، وجعل نصيب يعادل %12.5 من الزكاة لتحريرهم ( فى الرقاب ) .
- جعل تحريرهم وعتقهم قربى لله تعالى وجعل ثوابه عظيم وحث
عليه مما يدل دلالة واضحة لرفض الإسلام للرق واسترقاق الناس ، فانظر إلى سيدنا أبوبكر
الصديق وهو يعتق بلال بعد أن دفع ما طلبه أمية بن خلف من مال فداء له ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : سيدنا اعتق سيدنا ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم السيادة
لبلال بالإيمان وساوى بينه وبينا سيدنا أبوبكر رضي الله عنهما فى الحرية والسيادة
رغم انه كان عبداً.
- عمد الإسلام على تضييق بل غلق كافة منافذ الرق
ومن ثمة القضاء عليه، وهو الرق عن طريق الحرب ، وهذا ما يتأكد بعد أن أُلغي الرق
سياسيا بمعاهدات دولية نجد أنها قد انتهت إلى ذات المبادئ التي جاء بها الإسلام
ولم يأتي بها أي دين أخر وهي تبادل الأسرى والمعاملة بالمثل. وهو نفس المبدأ الذي
جاء به الإسلام ،فليس من المعقول أن يأخذ عدو لي أولادي يسخرهم عنده لما يريد،
وأنا أطلق أولاده الأسرى عندي، ولكن المعاملة بالمثل فإن منّوا نُمنّ، وإن فدوا
نفد. قال تعالى:
{ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ حَتَّىٰ
إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا
فِدَآءً حَتَّىٰ تَضَعَ ٱلْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ
اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ
قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } سورة محمد – 4 –
والآن تعالوا بنا نرى كيف خطط الإسلام للقضاء
على الرق دون ضياع لأموال السادة،أو ثورتهم ضد منع الرق والاسترقاق.
كيف خطط
الإسلام للقضاء على الرق؟!
من القواعد
الثابتة في الشريعة الإسلامية في صدر الإسلام أنها حين تُعالج القضايا التي تعود
المجتمع الجاهلي على ممارستها بشكل يومي حتى ألفها وأصبحت تُشكل جزء لا يتجزأ من
حياته، وأصبح تخلصه منها يمثل عبء أو مشكلة تؤرقه وقد تقض مضجعه، هذا بخلاف سيئ
آخر وهو طبيعة النفس البشرية التي ترفض أن تُجبر على الفعل قسرا وعنوة كل ذلك جعل
الإسلام حين يُعالج تلك القضايا أن ينتهج نهج التدرج فى التكاليف بمعنى أن يدفع الناس
من العادات البالية الضارة إلى الأخرى التي فيها صلاح المجتمع لكن على التدريج حتى
لا ينفر الناس من تعاليمه لأنه من الصعب أن يتحول الفرد
أو المجتمع
من الشيء إلى النقيض منه مرة واحدة وهذا
ما يبدو لنا واضحا في مسألة تحريم الخمر ففي البدأ لفت القرآن الكريم نظر المسلمين
أن هذه الخمر التي يحتسونها ليل نهار فيها منافع وفيها مضار ولكن ضررها أكبر من
نفعها وذلك في قوله تعالى
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ
وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا
أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) سورة البقرة -219 -
وبعد أن فهم العقل لتلك الآية وتفكر فيها وأدرك معانيها
وأن خمره تضره أكثر مما تنفعه، ونمى لديه ضميره الذي شرع في توبيخه على فعل ما
يضره، جاء النداء القرآني إلى منْ إلى المؤمنين قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ
وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ
مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ
لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا
فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا) سورة النساء -43-
بأن يُخففوا من شرب الخمر قرب الصلاة حتى يكون العقل
واعيا أثناء الصلاة ، وإذا كانت الصلاة خمسة فروض مختلفة التوقيت والمؤمن مطالب بالامتناع
عن شرب الخمر قُبيل وقت الصلاة حتى لا يقف بين يدي مولاه سكرانا من شرب الخمر،
فهنا يشرع المؤمن على تدريب نفسه على الامتناع عن شرب الخمر قبل كل صلاة من
الصلوات الخمس وما دام تمكن من تدريب نفسه عن تجنب شرب الخمر قبل الصلاة ومنعها من
نفسه، فمن السهل عليه أن يمتنع عنها بالكلية لماذا لأن ضررها أكبر من نفعها، وحتى
يكون عقله واعيا في الصلاة وليس سكرانا لان الناس وقتها كانوا يشربون الخمر أكثر من الماء لما تعود
الناس على اجتناب الخمر فى معظم أوقات النهار انزل الله عز وجل
)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ( سورة المائدة -90-
فلو أنزل الحق تبارك وتعالى قرآنا يقضي بتحريم الخمر دون
نهج التدرج أي مرة واحدة لنفر الناس من الإسلام لماذا لأن المرء لا يمكنه أن يتحول
من الفعل إلى ضده مرة واحدة فإذا منعوا عن الخمر مرة واحدة رجعوا إليه مرة
واحدة وسبحان الله فى تدبيره لشئون خلقه إذ أن المصحات التي
تعالج الإدمان فى عصرنا اليوم أخذت هذا المنهج وهو
التدرج فى علاج الإدمان
وذلك عن طريق سحب المخدر تدريجا من الجسد حتى لا تحدث صدمة للجهاز العصبي، وبذات
الطريقة عالج الإسلام قضية الرق والاسترقاق، من بين الوسائل التي اتخذها الإسلام
طريقا للقضاء على ظاهرة الرق والاسترقاق ما يلي:
(1) شراء العبيد واعتاقهم:
في بداية الإسلام
اسلم كثير من العبيد ووقع عليهم ألوان بشعة من العذاب من ملاكهم فكان سيدنا أبو
بكر الصديق يقوم بشرائهم واعتاقهم ابتغاء مرضات الله.
(2) جعل عتق الرقبة من الكفارات لعدد
من الذنوب والآثام:
ذلك إذا
اخطأ إنسان فى أمر ما فان من بين وسائل إصلاح هذا الخطأ عتق رقبة بمعنى شراء عبد أو
امة ثم إطلاق سراحه بتحريره من الرق وجعله حرا لا قيود عليه، ومن
تلك الذنوب التي تستوجب عتق الرقاب:
(أ) كفارة الأيمان أو الحنث في اليمين قال تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ
ٱلأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ
أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَٱحْفَظُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة المائدة – 89
-
(ب) كفارة القتل الخطأ قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ
يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ
رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ
يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ
وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ
مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً
مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) سورة النساء – 92 –
(ج) الظهار قال تعالى (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ
نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) سورة المجادلة – 3 –
(3) إعطاء العبد الفرصة لشراء نفسه: انشأ الإسلام نظام جديدا فى الرق
يسمى بالمكاتب وهو الذي يتفق مع سيده على أن يدفع ثمن نفسه شيئا فشيئا فإذا أتم
الثمن فقد أصبح حرا بل إن الإسلام جعل من حق العبد أن يدفع نصف ثمنه وهو المعروف
بنصف المكاتب وعليه فانه يعامل كنصف عبد ونصف حر. (وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ
فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } سورة النور - 33 –
(4) وجوب عتق الأقرباء وذوي الأرحام
أوجب الإسلام
على المالك للرقيق ألا يكون من بينهم أحد أقاربه من ذوي الأرحام وأوجب
عليه عتقه دون قيد أو شرط قال صلى الله عليه وسلم" منْ ملك ذا رحمٍ محرمٍ فهو حرّ"
(5) الجارية أم الولد
فإذا أصاب السيد أمته، فحملت منه، ثم وضعت حُرم
بيعها، بمعنى أن الجارية إذا ولدت من
سيدها ولدا فإنها تصبح حرة من وقت الولادة هي وابنها وينسب هذا الابن إلى أبيه
ويرثه بعد موته.
(6) ترغيب الإسلام
في عتق الرقاب، وجعل ذلك من الأعمال المقربة إلى الله – جل في علاه – والمكفرة
للذنوب قال تعالى { أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ } * { وَلِسَاناً
وَشَفَتَيْنِ } * { وَهَدَيْنَاهُ ٱلنَّجْدَينِ } * { فَلاَ ٱقتَحَمَ ٱلْعَقَبَةَ } * { وَمَآ
أَدْرَاكَ مَا ٱلْعَقَبَةُ } * { فَكُّ رَقَبَةٍ
} * سورة البلد – 8 : 14 -
(7) مساعدة الرقيق بالمال في فك رقابهم من الرق وجعل ذلك
من ضمن سُبل الإنفاق في سبيل الله قال تعالى: { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلْكِتَابِ وَٱلنَّبِيِّينَ وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَٱلسَّآئِلِينَ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ وَحِينَ ٱلْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } سورة البقرة 177
وقوله تعالى: { إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي
ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } سورة التوبة -60-
(8) الوصية أو التدبير وذلك بأن يوصي الرجل بعتق عبده أو
أمته بعد موته، فلا يحق للابن أو الوارث استرقاق ما حرره أبوه.
(9) تحريم استرقاق الحر بمعنى أن الشريعة حرمت الاستيلاء
على الضعفاء وغيرهم فحُرم على المسلم أن يأخذ حرا فيسترقه مستغلا
ضعفه أو حاجته قال تعالى
فى حديثه القدسي( ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثمّ غدر ، ورجل باع
حرًّا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره )رواه البخاريّ
وعليه فلا
يحل للمسلم خطف إنسان وبيعه بل لا يحل له خطفه
وتسخيره لخدمته بل لا يحل له أيضا اعتاق عبد ثم إنكار ذلك أو إعادته للرق بعد ذلك
(10) عتق الرقيق كجزاء عن الإساءة إليه: فقد جعل
النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كفارة ضرب العبد عتقه، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي
الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم " .. من لطم مملوكه أو ضربه
فكفارته أن يعتقه "(
مسلم ).
وعن هلال بن يساف قال: عجٍل شيخ فلطم خادما له، فقال له
سويد بن مقرن: عجز عليك إلا حرَّ وجهها – لقد رأيتني سابع سبعة من بني مقرن، ما
لنا خادم إلا واحدة لطمها أصغرنا، "فأمرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
أن نعتقها" أحمد (5/444) مسلم (5/91) الترمذي (1542)
(11) قصر أبواب
الرق على باب واحد وهو رقيق الحرب:
عرفنا أن
طرق الرق كانت كثيرة قبل الإسلام أغلقها
الإسلام جميعا، وقصر طريق الرق على أسرى الحرب إذا كانوا من العبيد قال تعالى:
{ فَإِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَضَرْبَ ٱلرِّقَابِ
حَتَّىٰ
إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّواْ ٱلْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَآءً حَتَّىٰ
تَضَعَ ٱلْحَرْبُ
أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـٰكِن
لِّيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ
فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } سورة محمد – 4 –
فلقد حرم الإسلام الرق في الأسرى بعد المعارك الحربية، ففي
الحرب التي ينتصر فيها المسلمون على عدوهم، يحرُم على المسلمين استرقاق الأسرى من
الأحرار، فعليهم تخلية سبيلهم منًّا من المسلمين عليهم، أو أن يفتدي الأسرى أنفسهم
بالمال، فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يسترق رجلا حرا قط، وكان استرقاق
الرجال في الحرب مقصورا على العبيد، الذين يُفضلون البقاء تحت ظل الإسلام من
العودة إلى سادتهم، وهذه هي الحالة الوحيدة التي سمح فيها الإسلام بالرق، مع
تصويته بحسن معاملة مثل هذا النوع من الرقيق. وهذا أقصى ما وصل إليه العالم في
عصره الحديث حين أبرم المعاهدات الدولية لمنع الرق.
هذه هي بعض الجوانب اليسيرة في معاملة الإسلام للرقيق من
العبيد والإماء، وفيها يظهر مدى تقدير الإسلام لآدمية وإنسانية الرقيق، أما
السراري والإماء فقد شجع الإسلام على الزواج منهن، بل جعل مجرد ولادة الجارية بعد
حملها من سيدها مؤشر على تحريم بيعها أو هبتها، وكل أولادها من سيدها أحرار، وهي
بعد موت سيدها، إن لم يعتقها في حياته، فهي حرة، لها ما للحرائر من حقوق واجبة
النفاذ.
أبعد ذلك يمكن القول بأن الإسلام كان يُشجع على استمرار
الر؟! أو أنه قد أهدر قيمة وإنسانية المرأة من خلال السراري والإماء أو ملك
اليمين؟! وأترك لكم الإجابة؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق