الباب الثالث: الإسلام
والمرأة
رابعا:
مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(7) بقاء المرأة في المنزل:
رابعا: ايجابيات وسلبيات عمل
المرأة:
الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة ، فعندما أمر الله – سبحانه وتعالى - النساء
بقوله : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ
ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ
وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ
وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ
أَهْلَ ٱلْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } سورة الأحزاب :33 ، لم يُكلفهن بشيء من الإنفاق ،جعل
لهن منْ ينفق عليهن وجوباً كالأب والزوج .
فالأصل في الإسلام أن المرأة لا تعمل خارج البيت إلا لحاجة ، كما رأى
موسى عليه السلام ، بنتي الرجل الصالح على الماء تذودان غنمهما تنتظران ، فسألهما
: { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ
يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ
تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ
وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } سورة القصص: 23 ، فاعتذرتا حالاً عن خروجهما لسقي
الغنم ، لأن الولي لا يستطيع العمل لكبر سنه ، لذا صار الحرص منهما على التخلص من
العمل خارج البيت حالما تسنح الفرصة { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ
إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } سورة
القصص: 26 .
فبينت هذه المرأة بعبارتها رغبتها في الرجوع إلى بيتها لحماية نفسها ،
من التبذل والذي قد تتعرض له بالعمل خارج البيت .
أما في العصر الحديث فقد احتاج الغرب الأوربي لعمل النساء بعد الحربين
العالميتين الأولى والثانية ، لتعويض النقص الحاصل في الرجال ، وصار الوضع حرجاً
من أجل إعادة إعمار ما خربته الحرب ، وواكب ذلك وسايره في نفس الاتجاه المخطط اليهودي في تحرير
المرأة ، والمناداة بحقوقها بقصد إفساد المرأة ، وبالتالي إفساد المجتمع فتسربت
نتيجة لذلك مسألة خروج المرأة للعمل .
ورغم اختلاف دوافع خروج المرأة في بلاد الإسلام عن دوافع خروجها في
الغرب ، فالفرد المسلم يحمي حريمه وينفق عليهن ، وهذا عكس ما يحدث في بلاد الغرب إلا
أن حركة تحرير المرأة نشطت ، ووصل الأمر إلى المطالبة بابتعاثها إلى الخارج ، ومن
ثم المطالبة بعملها حتى لا تذهب هذه الشهادات هدراً ...الخ من الأسباب التي تذُكر
كمسوغ لخروج المرأة للعمل.
فقد نكون في حاجى لعمل المرأة في بعض القطاعات كالتعليم والتمريض
والتطبيب بالشروط الشرعية ، إلا أنه لوحظ أن بعض النساء يخرجن للعمل دون حاجة ،
وأحياناً براتب زهيد جداً ، لأنها تحس أنها لا بد أن تخرج لتعمل حتى ولو كانت غير
محتاجة ، ولو في مكان غير لائق بها ، فوقعت فتن عظيمة نتيجة لذلك الخروج.
ومن الفوارق الرئيسية بين المنهج الإسلامي والنهج العلماني في قضية
عمل المرأة ، أن المنهج الإسلامي في القضية
يعتبر أن الأصل هو " وقرن في بيوتكن " والخروج للحاجة " أُذن لكن
أن تخرجن في حوائجكن " أما النهج العلماني فيقوم على أن الخروج هو الأصل في
جميع الحالات .
فعمل المرأة قد يكون حاجة فعلاً ، كأن تكون المرأة هي المعيل للأسرة
بعد زوج ميت ، أو أب عاجز ، ونحو ذلك ، وأحيانا في بعض البلدان نتيجة لعدم قيام المجتمع على أسس
إسلامية تضطر الزوجة إلى العمل لتغطي مصروف البيت مع زوجها ، ولا يخطب الرجل إلا
موظفة ، بل اشترط بعضهم على زوجته في العقد أن تعمل !!
هذا ولا يقصر حق المرأة في العمل في الإسلام على الحاجة، فقد يكون
خروج المرأة للعمل في مجال الدعوة إلى الله في مجال التعليم ، أو تسلية كما يقع
لبعض منْ ليس لها أولاد . وإذا خروج المرأة للعمل له بعض الإيجابيات فإنه في الوقت
ذاته قد ترتب العديد من السلبيات التي تركت أثرها السيئ في الفرد والمجتمع ، والآن
تعالين بنا نرى ما ترتب على خروج المرأة للعمل من ايجابيات وسلبيات.
(1)
الآثار الإيجابية لعمل المرأة
إذا ما كانت المرأة لم تتزوج بعد فقد تكون فرصة حصولها على عمل لتغطية
مصاريفها الخاصة أو مساعدة الأهل في مصاريف المنزل و أفراد الأسرة و من ناحية أخرى
فهي فرصة لزيادة فرصتها في الزواج، أما المرأة العاملة المتزوجة فهي عون و مساعد
لزوجها على مصاريف و أعباء الحياة اليومية الأسرية من تلبية مصاريف البيت و تكاليف
التعليم للأطفال و غيرها، ،
فالمرأة التي تستطيع أن توفق بين وظيفتها الإلهية، ووظيفتها الدنيوية، وتعطي كل
وظيفة حقها وتؤديها على أكمل وجه من دون أن يكون هناك خلل في جانب من الجوانب بحيث
أنها تأمن على أولادها وبيتها ولا يكون العمل سببا في حدوث الاضطراب والمشاكل
الزوجية ، فمن حق هذه المرأة حينئذ أن توصف بالمرأة المثالية النادرة من نوعها
التي يفتخر بأمثالها المجتمع بحيث أنها تستطيع أن تخدم مجتمعها وتخدم أسرتها من
غير ضرر ولا ضرار فهي أم مثالية ومربية جيدة وعاملة منتجة.
ومن ضمن الأمور الايجابية التي تجنيها أمثال هذه المرأة من وراء
خروجها للعمل:
(أ) تنمية المستوى العلمي
والثقافي
حيث ترتفع المرأة العاملة بمستواها الثقافي والتعليمي وينعكس هذا بشكل
ايجابي على بيتها وعلى أولادها
(ب) المساعدة في تنمية الوطن:
تسعى المرأة العاملة إلى النهوض بمجتمعها وتقديم الخدمات الضرورية له
الذي يكون المجتمع بحاجة إليها مثل مهنة التدريس ومهنة الطب وما شابهها من الوظائف
الأساسية التي يكون وجود المرأة ضروري فيها
كما قد تُساعد المرأة في تنمية وطنها، وبخاصة إذا كانت ذات نبوغ خاص
في مجال أو علم يندُر وجوده في الرجال، أو تحتاجها البلاد للعمل. وينبغي علينا ألا
نغفل دور المرأة ومشاركتها في خدمة المجتمع وخاصة في مجال الوعظ والرشاد والأمور
الدينية والفقهية فإنها تسعى بهذه الوظيفة إلى تبليغ الرسالة والى النهوض بالأمة
الإسلامية وصيانة شرف وعرض نساءها من كل سوء.
ففي ماليزيا مثلا: تشير (خطة التنمية الماليزية السابعة، 1996م/2000م)
إلى أن نسبة خروج النساء للعمل خارج البيوت زادت من 30.8% في عام 1957م إلى 47.1%
لعام 1995م، بغرض المشاركة في تنمية الموارد الاقتصادية لماليزيا بعد الاستقلال،
"والجدير بالذكر أن النساء الماليزيات قد خرجن من المنزل ليشاركن الرجل في
ميادين الأعمال العامة ليس بناءً على تقليد المرأة الأوروبية والتشبه بها"(1)
إلا أن التحديث والتطور الإنتاجي في ماليزيا ومشروع رؤية 2020م، أدى
إلى زيادة الطلب على اليد العاملة، وبدأت المرأة الماليزية تشارك في مختلف
النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، زراعيا، وصناعيا، وفي قطاع الخدمات التعليمية
والإدارية، وذلك لحاجات التنمية الوطنية إلى مهاراتها، وخبرتها، وجهدها(2)
(ج) المساهمة في زيادة الدخل:
قد تُساهم المرأة في زيادة الدخل القومي لبلدها وبخاصة إذا كانت في
بلد يزيد فيه عدد النساء على عدد الرجال، وتحتاج البلاد للأيدي العاملة فتضطر
المرأة للنزول إلى ميدان العمل تلبية لحاجة الوطن الذي تحيى فيه. فمشاركة المرأة
الماليزية بشكل واسع في جميع أنواع مجالات وقطاعات العمل أدى إلى زيادة حركة
التنمية وتوجيهها نحو الأفضل، وهو ما تبيّنه تقارير قسم التخطيط الماليزي والتي
دلت على ارتفاع الدخل لا سيما في السنوات الأخيرة، في المدن والأرياف على السواء.
ويوضح أحد التقارير ما يلي: "أن مقدار النفقات المعيشية الشهرية
في المدن في تزايد مستمر من 1.406 رنغيت خلال سنوات 1993م/ 1994م إلى 1.942 رنغيت
خلال سنة 1998م/1999م، أما بالنسبة لمقدار النفقات المعيشية الشهرية في القرى فإنه
كذلك ارتفع من 854 رنغيت إلى 1.270 رنغيت خلال السنة نفسها"(3)
(د) المشاركة في الأعباء المالية للزوج:
مما لا شك فيه أن عمل المرأة خارج البيت أصبح يشكل دعما اقتصاديا قويا
للأسرة، في ظل غلاء المعيشة وهو السبب الثاني من دواعي خروج المرأة للعمل خارج
البيت. فإن متطلبات الحياة اليومية زادت وتطورت في ظل النظام الرأسمالي بالذات(4)
فإذا كانت تعمل من أجل أن تكفل رزق أسرتها وأهلها وكانت هي المسئولة
عنهم فإنها بهذا العمل تنال الثواب في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا تستطيع بهذه
الوظيفة ان تترفع عن الدنايا وعن الذل وعن طلب السؤال وعن الرذيلة ، بل الإسلام
يأمرها في هذه الحالة أن تعمل وتكد وتجد في عملها من أجل تحصيل لقمة العيش ولا
تعتمد على الغير.
وبالتالي أصبح عمل المرأة مهما إلى حد كبير إلى جانب عمل زوجها في
توفير النفقات اليومية للأسرة. وإن كان الأصل أن الزوج هو الذي يتحمل نفقات البيت
الأصلية كاملة؛ إلا أن الزوجة تتحمل النفقات الإضافية من باب التطوع منها على ذلك،
كما أنه يزيد من المودة والرحمة بين الزوجين في كل الظروف والأحوال(5)
المراجع:
(1) نور الفضيلة، ص 35.
(2) - Noraini Mohd
Noor, Work, Family and Women's Well-Being: Challenges of Contemporary Malaysian
Women, (Kuala Lumpur: International Islamic University Malaysia Press, 2003),
p. 31- Buku Tahunan Perangkaan Malaysia, (KL:
JPM), p 27.
(3) خطط ماليزيا، عام 2000م
(4) - عبد الحليم أبو شقة، تحرير المرأة في عصر
الرسالة، (الكويت: دار القلم، 1410هـ/ 1990م)، ج1/ ص366.
(5) مجلة اليقظة (الكويتية)، العدد 1615/ 11-17
فبراير 200م، ص47.
(6) وانظر أيضا:
- العنوسة في المغرب العربي ... الأسباب
والنتائج، الشبكة الإسلامية (islamweb.net)، الثلاثاء، 08/10/2002.
- الجريدة اليومية الماليزية : أوتوسان
5/جانفي/2004م
- د/زليها بنت قمر الدين/ ريحانة بنت عبد
الله، تحرير المرأة في القرن 21: الإسلام كنموذج للكفاح، ورقة العمل رقم 14 في
ملتقى العلماء العالمي، (بوترا جايا، 10-12 يوليو 2003م)، ص23.
- عبد الفتاح، كاميليا إبرهيم، سيكولوجية
المرأة العاملة، (بيروت: دار النهضة العربية، 1404هـ/ 1983م)، ص110.
- د. فريدة صادق زوزو: أثر عمل المرأة خارج
البيت على استقرار بيت الزوجية - ماليزيا نموذجاً (1/2)
شكرا على هذا الموضوع لانه مفيد ويعي به الانسان عن مدا اهمية خروجها للعمل
ردحذف