السبت، 27 أكتوبر 2012

ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:الباب الثالث: الإسلام والمرأة


الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -
وفي عرضنا هذا نقرر أننا لن نقدم ترجمة لأمهات المؤمنين – رضي الله تعالى عنهن – ولكننا سنتناول الظروف، التي أحاطت بزواجهن من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – حتى نقف على الأسباب الحقيقة من زواجه – صلى الله عليه وسلم – منهن، لنرى أكانت تلك الزيجات مبنية على أساس من شهوة الجسد؟! أو تسلط الغريزة ؟! أم لا؟! وبذلك تستبين الصورة أمام أولئك الحاقدون، الذين لا يتركون فرصة للطعن في شرف الرسالة والرسول – صلى الله عليه وسلم – ولكن قبل ذلك العرض تعالوا بنا نتذكر بعض الحقائق التي لا مجال للطعن فيها.
تعالوا بنا  نتأمل مراحل حياة الرسول - صل الله عليه وسلم –الزوجية، معتمدين على سلاح العقل لا التعصب الأعمى أو الحقد الدفين، فإننا سنجد أنفسنا أمام حقيقة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء وهي، اختفاء ما يُسمى بشهوة الجسد من حياته – صلى الله عليه وسلم – حيث لن نجد لها أثر يُذكر في حياته الزوجية،لنتأمل النقاط التالية :
·   الرسول - صل الله عليه وسلم - منذ نشأته و حتى سن الخامسة والعشرين من عمره كان أعزبا.
·    الرسول - صل الله عليه وسلم من سن الخامسة والعشرين  إلى سن الخمسين (فترة النضج والفحولة الجنسية)  كان متزوجا من  سيدة أكبر منه بخمسة عشر عاما ومتزوجة من قبله برجلين ولها أولاد منهما.
·   الرسول - صل الله عليه وسلم -  عاش من سن الخمسين إلى سن الاثنين والخمسين من غير زواج حزنا وفاء لزوجته الأولى السيدة/ خديجة – رضي الله عنها -
·   الرسول - صل الله عليه وسلم - من سن الاثنين والخمسين إلى سن الستين تزوج عدة زوجات لأسباب سياسية ودينية واجتماعية سيأتي تفصيلها فيما بعد
·   الرسول - صل الله عليه وسلم –  بعد وفاة زوجته الأولى بعامين يتزوج بأخرى تبلغ من العمر ثمانون سنة، بينما هو عنده اثنين وخمسين سنة، وهي أم المؤمنين/ سودة بنت زمعة – رضي الله تعالى عنها –
بالعقل إذان :
- أيُعقل أن شهوة الجسد  ظهرت عليه فجأة بعد سن 52 سنة؟!
- أيُعقل أن رجلا محب للزواج والنساء أن يتزوج في فورة شبابه من ثيب تزوجت مرتين قبله؟! ويمكث معها 25 سنة من غير أن يتزوج بغيرها؟! ثم يمكث سنتين من غير زواج وفاء وتكريما لها؟!
- أيُعقل أنه رجلا قد غلبت عليه شهوة الجسد أن يتزوج بعد وفاة زوجته الأولى من امرأة قد بلغت من العمر ثمانين سنة؟! كما فعل – صلى الله عليه وسلم - بعد وفاة السيدة خديجة تزوج من السيدة سودة وكان عمرها (80) سنة حيث كانت أول أرملة في الإسلام؟! - وأراد عليه الصلاة والسلام أن يكرمها ويكرم النساء اللواتي مثلها حيث ابتدأ بنفسه ولم يأمر صحابته بزواجها , بل هو عليه الصلاة والسلام قام بتكريمها بنفسه ليكون هذا العمل الإنساني قدوة من بعده؟!
من ذلك العرض ندرك أن زواج  الرسول - صل الله عليه وسلم – قد مر بمرحلتين هما:
- محمد الرجل (تزوج بالسيدة خديجة)
- محمد الرسول (تزوج باقي نسوته)
(1) أم المؤمنين/ خديجة بنت خويلد – رضي الله تعالى عنها - :
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ، وأمها فاطمة بنت زائدة بن جندب . وكانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة . وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمرو وذكر الطبراني : أنها ولدت لعتيق هند بن عتيق ، ثم خلف عليها أبو هالة مالك بن بناش فولدت له هندا " وهالة . فهند بن عتيق بن عابد ، وهند وهالة ابنا أبي هالة مالك بن بناش . أخو ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من خديجة بنت خويلد . من أمهم ( 1 ) رواه الطبراني  :مجمع الزوائد 219/9  الاستيعاب / ابن عبد البر 280 / 4
وروي عن ابن عباس أن نساء أهل مكة احتفلن في عيد كان لهن في رجب ، فلم يتركن شيئا " من إكبار ذلك العيد إلا أتينه . فبينما هن في عيدهن تمثل لهن رجل ، فلما صار منهن قريبا " نادى بأعلى صوته : يا نساء مكة إنه سيكون في بلدكن نبي يقال له أحمد . يبعث برسالة الله . فأيما امرأة استطاعت أن تكون له زوجا " فلتفعل . فحصبته النساء وقبحنه وأغلظن له ، وأغضت خديجة على قوله ولم تعرض له فيما عرض فيه النساء ( 2 ) الطبقات الكبرى ابن سعد 15 / 7 ، الإصابة ابن حجر 60 / 8

وروى عن نفيسة بنت مُنْيَة أنها قالت : كانت خديجة ذات شرف ومال كثير ، وتجارة تبعث إلى الشام فيكون غيرها كعامة غير الشام ، وكانت تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وعشرين سنة . وليس له اسم بمكة إلا الأمين ، أرسلت إليه خديجة بنت خويلد تسأله الخروج إلى الشام في تجارتها مع غلامها ميسرة وقالت : أنا أعطيك ضعف ما أعطي قومك . ففعل رسول الله صلى الله عليه وآله . وخرج إلى سوق بصرى فباع سلعته التي أخرج . واشترى غيرها . وقدم بقا فربحت ضعف ما كانت تربح . فأضعفت لرسول الله صلى الله عليه وآله ضعف ما سمت له ، فم أرسلتني إليه أعرض عليه نكاحها ففعل ( 3 ) الطبقات الكبرى: لأبن سعد 7/16
وروى صاحب الإصابة : إن سبب رغبتها فيه صلى الله عليه وآله وسلم . ما حكاه لها غلامها ميسرة مما شاهد من علامات النبوة ومما سمعه من بحيرا الراهب في حقه ( 4 ) الإصابة: 8/60
وقال صاحب الاستيعاب : وكانت خديجة إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة ( 5 ) الاستيعاب: 4/280
وقال أبو عمر : وأجمع أهل العلم أن خديجة ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات هن : زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم ، وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم . وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم . وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم ، وزعم بعضهم أنها ولدت له ولدا " يسمى الطاهر . وقال بعضهم : ما نعلمها ولدت له إلا القاسم وولدت له بناته الأربع ، وقيل : ولد لرسول الله صلى الله عليه وسلم . القاسم وبه يكنى وعبد الله وهو الطيب والطاهر وولدت له بناته الأربع .
قال ابن حجر : " إن السيدة خديجة ـ رضي الله عنها ـ كانت ذات شرف وجمال في قريش، وإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج في تجارة  لها ـ رضي الله عنها ـ إلى سوق بصرى، فربح ضعف ما كان غيره يربح . قالت نفيسة أخت يعلى بن أمية : فأرسلتني خديجة إليه دسيساً (خفية)، أعرض عليه نكاحها، فقبل وتزوجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، والذي زوجها عمها عمرو لأن أباها كان مات في الجاهلية، وحين تزوجها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كانت أيماً بنت أربعين سنة، وكان كل شريف من قريش يتمنى أن يتزوجها، فآثرت أن تتزوج برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصابت بذلك خير الدنيا والآخرة " ..
قال ابن إسحاق: كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال على مالها مضاربة، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج لها في مال تاجراً إلى الشام، وتعطيه أفضل ما تعطى غيره من التجار، مع غلام لها يقال له ميسرة
فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وخرج في مالها ذلك، وخرج معه غلامها ميسرة حتى نزل الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان،
فاطلع الراهب إلى ميسرة
فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت الشجرة؟
فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي.
ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته - يعني تجارته - التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره، فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فربح المال ضعف ما كان يربح.
وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملائكة إياه، وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامتها، فلما أخبرها ميسرة ما أخبرها، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعرض عليه الزواج منها , وكانت أوسط نساء قريش نسباً، وأعظمهن شرفاً، وأكثرهن مالاً، كل قومها كان حريصاً على ذلك منها لو يقدر عليه.
ولنتركْ نَفِيسَة بنت مُنْيَة تروي لنا قصة زواج النبي -صلّى الله عليه وسلَّم- من السيدة خديجة -رضي الله عنها-.
قالت نَفِيسَة: كانت خديجة بنت خُوَيْلِد امرأة حازمة، جَلْدَة، شريفة، مع ما أراد الله بها من الكرامة والخير، وهي يومئذ أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وكل قومها كان حريصاً على نكاحها لو قَدِر على ذلك، قد طلبوها وبذلوا لها الأموال، فأرسلتني دَسيساً إلى محمّد -صلّى الله عليه وسلَّم- بعد أن رجع في عيرها من الشام، فقلت: محمّد! ما يمنعك أن تتزوَّج؟
فقال: (مَا بِيَدي ما أَتزوَّجُ بِهِ).
قلت: فإن كُفِيتَ ذلك ودُعيتَ إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ألا تُجيب؟
قال: (فَمَن هي ؟).
قلت: خديجة.
قال: (وَكَيفَ لي بِذَلك ؟).
قلت: عليَّ.
قال: (فأنا أَفْعلُ).
قالت نفيسة: فذهبتُ فأخبرت خديجة، فأرسلت إليه: أنِ ائتِ لساعة كذا وكذا، وأرسلت إلى عمَّها عمرو بن أسد لِيزوِّجها فحضر - لأن أباها مات قبل حرب الفِجار -.‏
 فلما قالت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-  ذكر ذلك لأعمامه، فخرج معه عمه حمزة حتى دخل على خويلد بن أسد، فخطبها إليه فتزوجها عليه الصلاة والسلام.
قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت، وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة.
أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم: القاسم (وكان يكنى به)، وعبد الله ، ورقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة
وهنا نتساءل: منْ الذي سعى إلى الزواج من الآخر؟! الصادق الأمين :الذي بلغ الخامسة والعشرين من عمره، وقد انصرف عن عذارى مكة، وزهرات بني هاشم النضرات؟! أم السيدة/ خديجة بنت خويلد – رضي الله تعالى عنها – أوسط نساء قريش نسبا، وأجلهن شرفا، وأكثرهن مالا، التي تبلغ من العمر أربعين عاما، وتكبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – بخمسة عشر عاما؟!
السيدة/ نفيسة : ما يمنعك من أن تتزوج ؟!
 فقال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم كان شاباً في الـ25 : ما بيدي لأتزوج به .
 قالت : فإن كفيت كذلك ، ودعيت إلى الجمال والمال والشرف والكفاءة ، فقالت له : ألا تجيب ؟!
 قال- صلى الله عليه وسلم - : فمن هي ؟!
 قالت : خديجة ؟!
 قال – صلى الله عليه وسلم - : ومن لي بذلك ؟! يعني كيف يمكن ؟! فقالت : علي ذلك.
فهذه المرأة النفيسة ساهمت في تقريب وجهات النظر بين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وبين السيدة/ خديجة ، حيث قامت – رضي الله عنها – بعرض نفسها على النبي – صلى الله عليه وسلم - فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: "يا ابن العم ، إني قد رغبت فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك ، وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها"
فالسيدة/ خديجة – رضي الله تعالى عنها – هي التي سعت إلى ذلك الزواج،بعد تمرسها لصدقه وأمانته – صلى الله عليه وسلم – فقد سمعت من غلامها ميسره ما يؤكد أنه فوق كل ريبة، ومن أنه – صلى الله عليه وسلم – يجلُب الخير بين يديه، فهو لم يصادف في معاملاته صادق كهذا الصادق، ولا أمينا كهذا الأمين، ولا شريف كهذا الشريف.
ومن هنا تحركت الرغبة في نفسها، فشكت ما ألم بها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه،  التي أسرعت من فورها إلى الصادق الأمين، تطلب منه أن يُبادر بخطبة خديجة بنت خويلد قائلة له: فإن دُعيت إلى الجمال والمال وكفاءة ألا تُجيب؟! فيوافق – صلى الله عليه وسلم – وتتم الخطبة، ثم الزواج ويعيشان سويا خمسة عشر عاما لم يُفكر خلالها بالزواج من غيرها رغم أنها كانت تكبره بخمسة عشر عاما، وهو لا يزال في فورة النضج والشباب، ورغم أن تعدد الزوجات كان معترفا به دون تحديد عدد لهن، أمثله – صلى الله عليه وسلم – بعد كل ذلك يُتهم بذلك الاتهام من أعداء الإسلام؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق