الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ
أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد
زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
ثانيا:
أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -
(3) أم المؤمنين/عائشة
بنت الصديق – رضي الله عنهما -
لقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم على وفاة
أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها ، إذ كانت تؤويه وتنصره ، وتعينه وتقف إلى جنبه ،
حتى سمي ذلك العام الذي توفيت فيه بعام الحزن ، ثم تزوج صلى الله عليه وسلم بعدها
سودة ، وكانت مسنة ، ولم تكن ذات جمال ، وإنما تزوجها مواساة لها ، حيث توفي زوجها
، وبقيت بين قوم مشركين ، وبعد أربع سنوات تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة
رضي الله عنها ، وكان عمره صلى الله عليه وسلم فوق الخمسين ، ولعل من الحكم في
زواجه ما يلي :
أولا : أنه رأى رؤيا في زواجه صلى الله عليه
وسلم منها ، فقد ثبت في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لها : ( أُريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال :
هذه امرأتك ، فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه ) (1) رواه البخاري برقم 3682 ،ذكره الحافظ في فتح الباري ( 9/181 )
ثانيا : ما رآه صلى الله عليه وسلم في عائشة
رضي الله عنها من أمارات ومقدمات الذكاء والفطنة في صغرها ، فأحب الزواج بها لتكون
أقدر من غيرها على نقل أحواله صلى الله عليه وسلم وأقواله ، وبالفعل فقد كانت رضي
الله عنها – كما سبق – مرجعا للصحابة رضي الله عنهم في شؤونهم وأحكامهم .
ثالثا : محبة النبي صلى الله عليه وسلم
لأبيها أبي بكر رضي الله عنه ، وما ناله رضي الله عنه في سبيل دعوة الحق من الأذى
الذي صبر عليه ، فكان أقوى الناس إيمانا ، وأصدقهم يقينا على الإطلاق بعد الأنبياء
، فكيف بالنبي – صلى الله عليه وسلم – يرفض مصاهرته – رضي الله عنه – وهو يقول عنه
" إن من أمنْ الناس عليَّ في مال وصحبته، أبا بكر، ولو كنت متخذا خليلا
لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام"
فلقد أسلم
- رضي الله عنه – وله أربعون ألف درهم، ومات ولم يترك منها درهما، ولا
دينارا، هذا فضلا عن صحبته للرسول – صلى الله عليه وسلم – وما فعله في سبيل الدعوى
والداعية، أبعد ذلك يرفض – صلى الله عليه وسلم – ابنته التي تعرضها عليه خولة بنت
حكيم؟!
ويلاحظ في مجموع زواجه صلى الله عليه وسلم أن
من بين زوجاته الصغيرة ، والمسنة ، وابنة عدو لدود ، وابنة صديق حميم ، ومنهن من
كانت تشغل نفسها بتربية الأيتام ، ومنهن من تميزت على غيرها بكثيرة الصيام والقيام
.... إنهن نماذج لأفراد الإنسانية ، ومن خلالهن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
للمسلمين تشريعا فريدا في كيفية التعامل السليم مع كل نموذج من هذه النماذج
البشرية .(2) السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص711
أما مسألة صغر سنها رضي الله عنها – وهذا أمر
مشكوك فيه كما سنوضح -، فاعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نشأ في بلاد حارة وهي
أرض الجزيرة ، وغالب البلاد الحارة يكون فيها البلوغ مبكرا ، ويكون الزواج المبكر
، وهكذا كان الناس في أرض الجزيرة إلى عهد قريب ، كما أن النساء يختلفن من حيث
البنية والاستعداد الجسمي لهذا الأمر وبينهن تفاوت كبير في ذلك .
وإذا تأمّلنا في أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتزوّج بكراً غير عائشة رضي الله عنها ، وكلّ زوجاته سبق
لهنّ الزواج قبله زال عنك ما يشيعه أكثر الطاعنين من أن زواج النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبعثه الأساسي هو الشهوة والتنعّم بالنساء ، إذ من كان هذا
مقصده فإنّه لا يتخيّر في كلّ زوجاته أو معظمهن من توفرت فيها صفات الجمال
والترغيب من كونها بكراً فائقة الجمال ، ونحو ذلك من المعايير الحسية الزائلة .
ومثل هذه المطاعن في نبي الرحمة صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكفّار ونحوهم تدلّ على تمام عجزهم من أن يطعنوا
في الشرع والدين الذي جاء به من عند الله تعالى ، فحاولوا أن يبحثوا عن مطاعن لهم
في أمور خارجة ، ولكن يأبى الله إلا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون (3) زاد المعاد 1 / 106
أما فيما يخص مسألة سن السيدة عائشة – رضي
الله عنها – من أنها كانت بنت تسع سنين حين تزوج بها النبي – صلى الله عليه وسلم – وفق ما جاء في حديث الإمام البخاري فهذا أمر
مشكوك فيه، فالسيرة
والتواريخ الزمنية الواردة فى أمهات الكتب ترد على أحاديث البخاري وتؤكد أن ابنة
أبى بكر تزوجت النبي وهى فى الثامنة عشرة من عمرها
من هنا يتلقى الإسلام الكثير من الطعنات، عبر تلك المناطق الجدلية
يتعرض رسولنا الكريم للكثير من الافتراءات والاتهامات.. زوجاته وعلاقاته بالنساء
والكثير من القصص عن طرق زواجه بهن وتعامله معهن، الكثير من المغالطات التاريخية
وعدم الدقة فى الروايات يستغلها الكثيرون للهجوم على الإسلام ورسوله الكريم وتبقى
أفواه علمائنا مغلقة على ما فيها من ردود علمية وعملية، مكتفية فقط بتسفيه
المنتقدين والتشكيك فى نواياهم، وحينما تظهر أصوات العقلاء لتدافع عن الرسول عليه
الصلاة والسلام مؤكدة بالتاريخ والروايات الموثقة عدم دقة الكثير من الروايات التي
يأخذها البعض على الإسلام مثل رواية زواج النبي عليه الصلاة والسلام من السيدة
عائشة وهى فى عمر تسع سنين، تواجهها تلك العقبة المقدسة التى تقول بقدسية المناهج
الفقهية القديمة، وكتب البخارى ومسلم، وتعصمها من الخطأ، وترفض أى محاولة للاجتهاد
فى تصحيح روايتها حتى ولو كانت محل شك، فهي العلوم وحيدة زمانها، والتي لا تقبل التجديد
ولا الإضافة ولا الحذف ولا التنقيح ولا التعقيب ولا حتى النقد.
بهذا المنطق يصمت علماؤنا أمام موجات الهجوم التى يتعرض لها الإسلام
ورسوله، وإن تكلموا يأتي كلامهم غير منصف لأنه يأتي معتمدا على روايات قديمة تقول
بقدسية المناهج القديمة ومعصوميتها من الخطأ، وكأن المسلمين من بعد القرن الرابع الهجري
أصبحوا مخلوقات منـزوعة العقل, أصبحوا مسلمين من الفئة الثانية لا يقبل منهم
الاستدراك أو النقد على ما قدمه العلماء الأوائل, وكذا هو الحال مع الرواية ذائعة
الصيت التى يكاد يعرفها كل مسلم, والتي جاءت فى البخارى ومسلم, أن النبي (صلى الله
عليه وسلم) وهو صاحب الخمسين عاما قد تزوج أم المؤمنين (عائشة) وهى فى سن السادسة,
وبنى بها-دخل بها- وهى تكاد تكون طفلة بلغت التاسعة.
وهى الرواية التى حازت ختم
الحصانة الشهير لمجرد ذكرها فى البخارى ومسلم, رغم أنها تخالف كل ما يمكن مخالفته,
فهي تخالف القرآن والسنة الصحيحة وتخالف العقل والمنطق والعرف والعادة والخط الزمني
لأحداث البعثة النبوية, والرواية التى أخرجها البخارى جاءت بخمس طرق للإسناد
وبمعنى واحد للمتن-النص- ولطول الحديث سنورد أطرافه الأولى والأخيرة التى تحمل
المعنى المقصود, (البخارى - باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه
بها-3894): حدثني فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن
عائشة رضي الله عنها قالت: «تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بنت ست سنين،
فقدمنا المدينة،... فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين».
بالاستناد لأمهات كتب التاريخ والسيرة المؤصلة للبعثة النبوية (
الكامل- تاريخ دمشق - سير أعلام النبلاء - تاريخ الطبري - البداية والنهاية -
تاريخ بغداد - وفيات الأعيان, وغيرها الكثير), تكاد تكون متفقة على الخط الزمني
لأحداث البعثة النبوية كالتالي:
البعثة النبوية استمرت (13) عاما فى مكة, و(10) أعوام بالمدينة, وكان
بدء البعثة بالتاريخ الميلادي عام (610م), وكانت الهجرة للمدينة عام (623م) أى بعد
(13) عاما فى مكة, وكانت وفاة النبي عام (633م) بعد (10) أعوام فى المدينة,
والمفروض بهذا الخط المتفق عليه أن الرسول تزوج (عائشة) قبل الهجرة للمدينة بثلاثة
أعوام، أى فى عام (620م), وهو ما يوافق العام العاشر من بدء الوحي، وكانت تبلغ من
العمر (6) سنوات, ودخل بها فى نهاية العام الأول للهجرة أى فى نهاية عام (623م),
وكانت تبلغ (9) سنوات, وذلك ما يعنى حسب التقويم الميلادي أى أنها ولدت عام
(614م), أى فى السنة الرابعة من بدء الوحي حسب رواية البخارى، وهذا وهم كبير.
نقد الرواية تاريخيا:
- حساب
عمر السيدة (عائشة) بالنسبة لعمر أختها (أسماء بنت أبى بكر-ذات النطاقين-): تقول
كل المصادر التاريخية السابق ذكرها إن (أسماء) كانت تكبر (عائشة) بـ(10) سنوات,
كما تروى ذات المصادر بلا اختلاف واحد بينها, أن (أسماء) ولدت قبل الهجرة للمدينة
بـ (27) عاما, ما يعنى أن عمرها مع بدء البعثة النبوية عام (610م) كان (14) سنة,
وذلك بإنقاص من عمرها قبل الهجرة (13) سنة وهى سنوات الدعوة النبوية فى مكة, لأن (27-13=
14سنة), وكما ذكرت جميع المصادر بلا اختلاف أنها أكبر من (عائشة) بـ (10) سنوات,
إذن يتأكد بذلك أن سن (عائشة )كان (4) سنوات مع بدء البعثة النبوية فى مكة, أى
أنها ولدت قبل بدء الوحي بـ (4) سنوات كاملات, وذلك عام (606م), ومؤدى ذلك بحسبة
بسيطة أن الرسول عندما نكحها فى مكة فى العام العاشر من بدء البعثة النبوية كان
عمرها (14) سنة, لأن (4+10=14 سنة), أو بمعنى آخر أن (عائشة) ولدت عام (606م),
وتزوجت النبي (620م), وهى فى عمر (14) سنة وأنه كما ذُكر بنى بها-دخل بها- بعد (3)
سنوات وبضعة أشهر» أى فى نهاية السنة الأولى من الهجرة وبداية الثانية، عام
(624م), فيصبح عمرها آنذاك (14+3+1= 18سنة كاملة), وهى السن الحقيقية التى تزوج
فيها النبى الكريم (عائشة(
- حساب
عمر (عائشة) بالنسبة لوفاة أختها(أسماء-ذات النطاقين): تؤكد المصادر التاريخية
السابقة بلا خلاف بينها أن (أسماء) توفيت بعد حادثة شهيرة مؤرخة ومثبتة، وهى مقتل
ابنها (عبد الله بن الزبير) على يد (الحجاج) الطاغية الشهير, وذلك عام (73هـ),
وكانت تبلغ من العمر (100)سنة كاملة, فلو قمنا بعملية طرح لعمر( أسماء) من عام
وفاتها (73هـ), وهى تبلغ (100) سنة فيكون ( 100-73=27 سنة) وهو عمرها وقت الهجرة
النبوية, وذلك ما يتطابق كليا مع عمرها المذكور فى المصادر التاريخية, فإذا طرحنا
من عمرها (10) سنوات- وهى السنوات التى تكبر فيها أختها (عائشة)- يصبح عمر (عائشة)
(27-10=17سنة) وهو عمر (عائشة) حين الهجرة, ولو بنى بها - دخل بها - النبى فى نهاية
العام الأول يكون عمرها آنذاك(17+1=18 سنة) وهو ما يؤكد الحساب الصحيح لعمر السيدة
(عائشة) عند الزواج من النبى، وما يعضد ذلك أيضا أن (الطبري) يجزم بيقين فى كتابه
(تاريخ الأمم) أن كل أولاد (أبى بكر) قد ولدوا فى الجاهلية, وذلك ما يتفق مع الخط
الزمنى الصحيح, ويكشف ضعف رواية البخارى، لأن (عائشة) بالفعل قد ولدت فى العام
الرابع قبل بدء البعثة النبوية.
- حساب
عمر (عائشة) مقارنة (بفاطمة الزهراء) بنت النبى: يذكر (ابن حجر) فى (الإصابة) أن
(فاطمة) ولدت عام بناء الكعبة, والنبي ابن (35) سنة, وأنها أسن-أكبر- من عائشة بـ
(5) سنوات, وعلى هذه الرواية التى أوردها (ابن حجر) مع أنها رواية ليست قوية, ولكن
على فرض قوتها نجد أن (ابن حجر) وهو شارح (البخارى), يكذب رواية (البخارى) ضمنيا,
لأنه إن كانت (فاطمة) ولدت والنبي فى عمر (35) سنة, فهذا يعنى أن (عائشة) ولدت والنبي
يبلغ (40) سنة, وهو بدء نزول الوحى عليه, ما يعنى أن عمر (عائشة) عند الهجرة كان
يساوى عدد سنوات الدعوة الإسلامية فى مكة وهى (13) سنة, وليس (9) سنوات, وقد أوردت
هذه الرواية فقط لبيان الاضطراب الشديد فى رواية البخارى.
نقد الرواية من كتب الحديث والسيرة
- ذكر
(ابن كثير) فى (البداية والنهاية) عن الذين سبقوا بإسلامهم: «ومن النساء... أسماء
بنت أبى بكر وعائشة وهى صغيرة فكان إسلام هؤلاء فى ثلاث سنين ورسول الله (صلى الله
عليه وسلم) يدعو فى خفية, ثم أمر الله عز وجل رسوله بإظهار الدعوة», وبالطبع هذه
الرواية تدل على أن (عائشة) قد أسلمت قبل أن يعلن الرسول الدعوة فى عام (4) من بدء
البعثة النبوية, يما يوازى عام (614م), ومعنى ذلك أنها آمنت على الأقل فى عام (3)
أى عام (613م), فلو أن (عائشة) على حسب رواية (البخارى) ولدت فى عام (4) من بدء الوحي,
معنى ذلك أنها لم تكن على ظهر الأرض عند جهر النبى بالدعوة فى عام (4) من بدء
الدعوة, أو أنها كانت رضيعة, وهذا ما يناقض كل الأدلة الواردة, ولكن الحساب السليم
لعمرها يؤكد أنها ولدت فى عام (4) قبل بدء الوحي أى عام (606م), ما يستتبع أن
عمرها عند الجهر بالدعوة عام (614م), يساوى (8) سنوات وهو ما يتفق مع الخط الزمني
الصحيح للأحداث, وينقض رواية البخارى.
- أخرج
البخارى نفسه ( باب - جوار أبى بكر فى عهد النبى) أن (عائشة) قالت: «لم أعقل أبوي
قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار
بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قِبَلَ الحبشة», ولا أدرى كيف
أخرج البخارى هذا, فـ (عائشة) تقول إنها لم تعقل أبويها إلا وهما يدينان الدين,
وذلك قبل هجرة الحبشة كما ذكَرَت, وتقول إن النبى كان يأتي بيتهم كل يوم, وهو ما
يبين أنها كانت عاقلة لهذه الزيارات, والمؤكد أن هجرة الحبشة، إجماعا بين كتب
التاريخ كانت فى عام (5) من بدء البعثة النبوية ما يوازى عام (615م), فلو صدقنا
رواية البخارى أن عائشة ولدت عام (4) من بدء الدعوة عام (614م), فهذا يعنى أنها
كانت رضيعة عند هجرة الحبشة, فكيف يتفق ذلك مع جملة (لم أعقل أبوي) وكلمة أعقل لا
تحتاج توضيحا, ولكن بالحساب الزمني الصحيح تكون (عائشة) فى هذا الوقت تبلغ (4 قبل
بدء الدعوة، + 5 قبل هجرة الحبشة = 9 سنوات) وهو العمر الحقيقي لها آنذاك.
- أخرج
الإمام (أحمد) فى (مسند عائشة): «لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان
بن مظعون فقالت: يا رسول الله ألا تتزوج, قال: من، قالت: إن شئت بكرا وإن شئت
ثيبا, قال: فمن البكر قالت: أحب خلق الله إليك عائشة ابنة أبى بكر», وهنا يتبين أن
(خولة بنت حكيم) عرضت البكر والثيب-المتزوجة سابقا-, على النبى فهل كانت تعرضهن
على سبيل جاهزيتهن للزواج, أم على أن إحداهما طفلة يجب أن ينتظر النبى بلوغها
النكاح, المؤكد من سياق الحديث أنها تعرضهن للزواج الحالي بدليل قولها (إن شئت
بكرا وإن شئت ثيبا) ولذلك لا يعقل أن تكون عائشة فى ذاك الوقت طفلة فى السادسة من
عمرها, وتعرضها (خولة) للزواج بقولها (بكرا(
- أخرج
الإمام (أحمد) أيضا عن (خولة بنت حكيم) حديثا طويلاً عن خطبة عائشة للرسول، ولكن
المهم فيه ما يلى: «قالت أم رومان: إن مطعم بن عدى قد ذكرها على ابنه, ووالله ما
وعد أبو بكر وعدا قط فاخلفه... لعلك مصبي صاحبنا», والمعنى ببساطة أن (المطعم بن
عدى) وكان كافرا قد خطب (عائشة) لابنه (جبير بن مطعم) قبل النبى الكريم, وكان (
أبو بكر) يريد ألا يخلف وعده, فذهب إليه فوجده يقول له لعلِّى إذا زوجت ابني من
(عائشة) يُصبى أى (يؤمن بدينك).
وهنا نتوقف مع نتائج مهمة جدا وهى: لا يمكن أن تكون (عائشة) مخطوبة
قبل سن (6) سنوات لشاب كبير- لأنه حارب المسلمين فى بدر وأحد- يريد أن يتزوج مثل
(جبير), كما أنه من المستحيل أن يخطب (أبو بكر) ابنته لأحد المشركين وهم يؤذون
المسلمين فى مكة, مما يدل على أن هذا كان وعدا بالخطبة, وذلك قبل بدء البعثة
النبوية حيث كان الاثنان فى سن صغيرة، وهو ما يؤكد أن (عائشة) ولدت قبل بدء البعثة
النبوية يقينا.
- أخرج
البخارى فى (باب- قوله: بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) عن (عائشة) قالت:
«لقد أنزل على محمد [ بمكة، وإني جارية ألعب «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ
وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ», والمعلوم بلا خلاف أن سورة (القمر) نزلت بعد
أربع سنوات من بدء الوحي بما يوازى (614م), فلو صدقنا رواية البخارى تكون (عائشة)
إما أنها لم تولد أو أنها رضيعة حديثة الولادة عند نزول السورة, ولكن (عائشة) تقول
(كنت جارية ألعب) أى أنها طفلة تلعب, فكيف تكون لم تولد بعد؟ ولكن الحساب المتوافق
مع الأحداث يؤكد أن عمرها عام (4) من بدء الوحي، عند نزول السورة كان (8) سنوات،
كما بينا مرارا وهو ما يتفق مع كلمة (جارية ألعب)
- أخرج البخارى (
باب- لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها) قال رسول الله: «لا تنكح البكر
حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت», فكيف يقول الرسول الكريم
هذا ويفعل عكسه, فالحديث الذي أورده البخارى عن سن أم المؤمنين عند زواجها ينسب
إليها أنها قالت كنت ألعب بالبنات - بالعرائس - ولم يسألها أحد عن إذنها فى الزواج
من النبى, وكيف يسألها وهى طفلة صغيرة جداً لا تعي معنى الزواج, وحتى موافقتها فى
هذه السن لا تنتج أثرا شرعيا لأنها موافقة من غير مكلف ولا بالغ ولا عاقل.
نقد سند الرواية:
سأهتم هنا ببيان علل السند فى رواية البخارى فقط:
جاء الحديث الذي ذكر فيه سن (أم المؤمنين) بخمس طرق وهى:
حدثني فروة بن أبى المغراء: حدثنا على بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن
عائشة.
حدثني عبيد بن إسماعيل: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه. حدثنا
معلى بن أسد: حدثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن عائشة.حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا
سفيان، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.حدثنا قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن هشام بن
عروة، عن عروة. وكما نرى ترجع كل الروايات لراو واحد وهو (عروة) الذي تفرد بالحديث
عن أم المؤمنين (عائشة) وتفرد بروايته عنه ابنه (هشام), وفى (هشام) تكمن المشكلة,
حيث قال فيه (ابن حجر) فى (هدى الساري) و(التهذيب): «وقال عبد الرحمن بن يوسف بن
خراش: كان مالك لا يرضاه، بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق، قدم-جاء-
الكوفة ثلاث مرات، قدمةً -مرة- كان يقول: حدثني أبى، قال سمعت عائشة، وقدم-جاء-
الثانية فكان يقول: أخبرني أبى عن عائشة، وقدم-جاء- الثالثة فكان يقول: «أبى عن
عائشة».
والمعنى ببساطة أن (هشام بن عروة) كان صدوقا فى المدينة المنورة, ثم
لما ذهب للعراق بدأ حفظه للحديث يسوء, وبدأ (يدلس) أى ينسب الحديث لغير راويه, ثم
بدأ يقول (عن) أبى، بدلا من (سمعت أو حدثني), والمعنى أنه فى علم الحديث كلمة
(سمعت) أو (حدثني) هي أقوى من قول الراوي (عن فلان), والحديث فى البخارى هكذا يقول
فيه (هشام) عن (أبى) وليس ( سمعت أو حدثني), وهو ما يؤيد الشك فى سند الحديث, ثم
النقطة الأهم أن الإمام (مالك) قال: إن حديث (هشام) بالعراق لا يقبل, فإذا طبقنا
هذا على الحديث الذي أخرجه البخارى لوجدنا أنه محقق, فالحديث لم يروه راو واحد من
المدينة بل كلهم عراقيون ما يقطع أن (هشام بن عروة) قد رواه بالعراق, بعد أن ساء
حفظه ولا يعقل أن يمكث (هشام) بالمدينة عمرا طويلا, ولا يذكر حديثا مثل هذا ولو
مرة واحدة, لهذا فإننا لا نجد أى ذكر لعمر السيدة (عائشة) عند زواجها بالنبي فى
كتاب (الموطأ) للإمام مالك, وهو الذي رأى وسمع (هشام بن عروة) مباشرة بالمدينة, فكفى
بهاتين العلتين للشك فى سند الرواية فى البخارى, وذلك مع التأكيد على فساد متنها -
نصها - الذي تأكد بالمقارنة التاريخية السابقة.
أما ابتناء الفقهاء والمحدثين وأولهم البخارى على هذا الحديث أوهاما
من الأحكام عن زواج الصغيرات فهذه صفحة سوداء من صفحات التراث, سنؤجل المناقشة
فيها إلى حين, والغريب أننا نجد الوهابيين يروجون مقولة، إن البلاد الحارة تجعل
البنت تبلغ باكرا وهى صغيرة, وهذا كلام البلهاء والسفهاء لأن البلاد الحارة وهى
الجزيرة العربية، مازالت حارة, بل إن الحرارة قد ازدادت أضعافا مضاعفة، فلماذا لم
نجد البنات تبلغ قبل أوانها فى السادسة أو حتى فى التاسعة, كما أن ذلك يتناقض مع
الحقائق العلمية التى تؤكد عدم وجود دور يذكر للمناخ فى البلوغ المبكر.
الخلاصة:
إن السيدة عائشة
تزوجت الرسول بعمر الـ (18) سنة على التقدير الصحيح, وليس (9) سنوات, وأن هذه
الرواية التى أخرجها البخارى ببساطة رواية فاسدة النص ومرتابة السند, لأنها تخالف
الشرع والعقل والأحاديث الصحيحة والعرف والذوق والعادة، كما تخالف بشدة قصوى الخط الزمني
لأحداث البعثة النبوية, فلا يجب أن نجل البخارى ومسلم أكثر مما نجل الرسول الكريم,
فلنا أن نقبل ما رفضوه وأن نرفض ما قبلوه, فالإسلام ليس حكرا على الفقهاء
والمحدثين ولا على زمانهم فقط, لذا فإننا نستطيع وبكل أريحية أن نستدرك على كل كتب
الحديث والفقه والسيرة والتفسير, وأن ننقدها ونرفض الكثير مما جاء بها من أوهام
وخرافات لا تنتهي, فهذه الكتب فى النهاية محض تراث بشرى لا يجب ولا ينبغي أن يصبغ
بالقدسية أو الإلهية أبدا, فنحن وأهل التراث فى البشرية على درجة سواء, لا يفضل
أحدنا الآخر, فصواب أعمالهم لأنفسهم والأخطاء تقع علينا. (4)اليوم السابع الخميس، 16 أكتوبر 2008
ويذكر سماحة المستشار الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي
للبحوث والإفتاء ظروف نكاح النبي صلى الله عليه وسلم بأم المؤمنين عائشة فيقول
سماحته:
أولاً: إنّ زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة عائشة رضي الله
عنها كان أصلاً باقتراح من خولة بنت حكيم على الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لتوكيد
الصلة مع أحبّ الناس إليه سيدنا أبي بكر الصدّيق ، لتربطهما أيضاً برباط المصاهرة
الوثيق.
ثانياً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها كانت قبل ذلك مخطوبة لجبير بن
المطعم بن عدي، فهي ناضجة من حيث الأنوثة مكتملة بدليل خطبتها قبل حديث خولة.
ثالثاً: أنّ قريش التي كانت تتربّص بالرسول صلى الله عليه وسلم
الدوائر لتأليب الناس عليه من فجوة أو هفوة أو زلّة، لم تُدهش حين أُعلن نبأ
المصاهرة بين أعزّ صاحبين وأوفى صديقين، بل استقبلته كما تستقبل أيّ أمر طبيعي.
رابعاً: أنّ السيدة عائشة رضي الله عنها لم تكن أول صبيّة تُزفّ في
تلك البيئة إلى رجل في سنّ أبيها، ولن تكون كذلك أُخراهنّ. لقد تزوّج عبد المطلب
الشيخ من هالة بنت عمّ آمنة في اليوم الذي تزوّج فيه عبد الله أصغر أبنائه من
صبيّة هي في سنّ هالة وهي آمنة بنت وهب.
ثمّ لقد تزوّج سيدنا عمر بن الخطّاب من بنت سيدنا علي بن أبي طالب
كرّم الله وجهه وهو في سنّ جدّها، كما أنّ سيدنا عمر بن الخطّاب يعرض بنته الشابة
حفصة على سيدنا أبي بكر الصدّيق وبينهما من فارق السنّ مثل الذي بين الرسول صلى
الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها. ولكنّ نفراً من المستشرقين يأتون بعد أكثر
من ألف وأربع مائة عام من ذلك الزواج فيهدرون فروق العصر والإقليم، ويطيلون القول
فيما وصفوه بأنّه الجمع الغريب بين الكهل والطفولة ، ويقيسون بعين الهوى زواجاً
عُقد في مكّة قبل الهجرة بما يحدث اليوم في بلاد الغرب حيث لا تتزوّج الفتاة عادة
قبل سنّ الخامسة والعشرين.
ويجب الانتباه إلى أنّ نضوج الفتاة في المناطق الحارّة مبكّر جداً وهو
في سنّ الثامنة عادة، وتتأخّر الفتاة في المناطق الباردة إلى سنّ الواحد والعشرين
كما يحدث ذلك في بعض البلاد الباردة. وأياً ما يكون الأمر فإنّه عليه الصلاة
والسلام لم يتزوّج السيدة عائشة رضي الله عنها من أجل المتعة، وهو الذي بلغ الخامسة
والخمسين من عمره، وإنّما كان ذلك لتوكيد الصلة مع أحبّ الرجال إليه عن طريق
المصاهرة، خاصّة بعد أن تحمّل أعباء الرسالة وأصبحت حملاً ثقيلاً على كاهله، فليس
هناك مجال للتفكير بهذا الشأن.
ولو كان عليه الصلاة والسلام همّه النساء والاستمتاع بهنّ لكان فعل
ذلك أيّام كان شاباً حيث لا أعباء رسالة ولا أثقالها ولا شيخوخة، بل عنفوان الشباب
وشهوته الكامنة،غير
أنّنا عندما ننظر في حياته في سنّ الشباب نجد أنّه كان عازفاً عن هذا كلّه، حتّى
إنّه رضي بالزواج من السيدة خديجة رضي الله عنها الطاعنة في سنّ الأربعين وهو ابن
الخامسة والعشرين.
ثمّ لو كان عنده هوس بالنساء لما رضي بهذا عمراً طويلاً حتّى تُوفّيت
زوجته خديجة رضي الله عنها دون أن يتزوّج عليها. ولو كان زواجه منها فلتة فهذه
خديجة رضي الله عنها توفّاها الله، فبمن تزوّج بعدها؟ لقد تزوّج بعدها بسودة بنت
زمعة العامرية جبراً لخاطرها وأنساً لوحشتها بعد وفاة زوجها ، وهي في سنّ كبير،
وليس بها ما يرغّب الرجال والخطّاب. هذا يدلّ على أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم
كان عنده أهداف من الزواج إنسانية وتشريعية وإسلامية ونحو ذلك.
ومنها أنّه عندما عرضت عليه خولة بنت حكيم الزواج من عائشة فكّر
الرسول صلى الله عليه وسلم أيرفض بنت أبي بكر ، وتأبى عليه ذلك صحبة طويلة مخلصة
،ومكانة أبي بكر عند الرسول والتي لم يظفر بمثلها سواه.
ولمّا جاءت عائشة رضي الله عنها إلى دار الرسول صلى الله عليه وسلم
فسحت لها سودة المكان الأول في البيت ، وسهرت على راحتها إلى أن توفّاها الله ،
وهي على طاعة الله وعبادته، وبقيت السيدة عائشة رضي الله عنها بعدها زوجة وفيّة
للرسول صلى الله عليه وسلم تفقّهت عليه حتّى أصبحت من أهل العلم والمعرفة بالأحكام
الشرعية.
وما كان حبّ الرسول صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها
إلاّ امتداداً طبيعياً لحبّه لأبيها رضي الله عنهما.
ولقد سُئل عليه الصلاة والسلام: من أحبّ الناس إليك؟ قال: (عائشة)
قيل:
فمن الرجال؟ قال: (أبوها). هذه هي السيدة عائشة رضي الله عنها الزوجة
الأثيرة عند الرسول صلى الله عليه وسلم وأحبّ الناس إليه.
لم يكن زواجه منها لمجرّد الشهوة ، ولم تكن دوافع الزواج بها المتعة
الزوجية بقدر ما كانت غاية ذلك تكريم أبي بكر وإيثاره وإدناؤه إليه وإنزال ابنته
أكرم المنازل في بيت النبوّة
..
http://www.drdcha.com/vb/showthread.php?t=65049(5)
من كل ما تقدم ندرك أن خولة بنت
حكيم زوج عثمان بن مظعون ، التي كانت تحمل
هم الرسول وتديم التفكير في شأنه بعد وفاة السيدة خديجة . حين ذهبت إلى النبي
لتخرجه من شجوه و أحزانه ، وتقول له : أفلا تزوجت يا رسول الله لتسلو بعض حزنك
وتؤنس وحدتك بعد خديجة ؟ وسألها رسول الله : من تريدين يا خولة ؟ قالت : "
سودة بنت زمعة" أو "عائشة بنت أبي بكرا"
و خولة حين قدمت
عائشة مع سودة لرسول الله . كانت تعتقد أن كلتيهما تصلح للزواج من رسول الله ،
وتسد الفراغ الذي كان يشقى به بعد موت السيدة خديجة. وكانت عائشة بكرا ، وسودة
ثيبا متقدمة في السن ، فبمجرد العرض على رسول الله بهذه الصورة - عرض زوجتين
إحداهها متقدمة في السن وكانت تحت رجل آخر، والثانية كانت بكرا - مجرد هذا العرض -
يدل على أن خولة بنت
حكيم كانت تدرك أن كلتيهما صالحة تماما لأن تكون زوجة . ومعنى
ذلك أن عائشة كانت في نمائها ونضوجها ، واضحة معالم الأنوثة في نظر خولة على الأقل
، وهي العارفة بمآرب الرجال في النساء
كذلك نجد أن السيدة " أم رومان " والدة عائشة ، كان
اغتباطها شديدا عندما فسخت خطبة عائشة من "جبير بن المطعم " كما طفرت
بها الفرحة،لما علمت أن رسول الله قبل زواجها ، وقالت لأبي بكر: " هذه ابنتك
عائشة ، قد أذهب الله من طريقها جبيرا وأهل جبير. فآدفعها إلى رسول الله ، تلق
الخير والبركة
و الأم حين تطلب
لفتاتها الزواج ، تكون أعرف الناس بعلامات النضج في ابنتها ،وتدرك ثورة الأنوثة في
وليدتها ، فتبدأ تتشوق إلى يوم ترى فيه ابنتها في زفافها ، وفي جلوتها ، كعروس إلى
زوج تحب أن يكون
لابنتها مصدر سعادة، يريها الحياة من نافذة الأسرة، ويدخل بها الدنيا من باب
الأمهات .
في 12 شباط 2003- ماناغو، نيكاراكوا – قالت منظمة خاصة يوم الجمعة، بأن بنت نيكاراغوية بعمر 9 سنوات حبلى إستلمت الإجهاض في عيادة خاصّة وكانت تتعافى حسنا.
فبعد كل هذا هل سيكف المنافقون عن الطعن في
الرسالة والرسول – صلى الله عليه وسلم؟!