الخميس، 28 أبريل 2016

(أ) رأي الكنيسة الكاثوليكية في الطلاق:10- الطلاق عند المسيحيين:أولا:الطلاق عبر الأديان و المعتقدات التي سبق ظهور الاسلام:9- الطلاق:رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:الباب الثالث: الإسلام والمرأة

الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
9- الطلاق :
أولا : الطلاق عبر الأديان و المعتقدات التي سبق ظهور الاسلام :
10- الطلاق عند المسيحيين:
(أ) رأي الكنيسة الكاثوليكية في الطلاق:
أباحت الكنيسة الكاثوليكية الطلاق بسبب الزنا، ثم تراجعت عن ذلك وحرمته منذ القرن الثامن، فلم تجيزه لأي سبب من الأسباب، مادام الزوجين على قيد الحياة، أما إذا زنت الزوجة فيُحكم بفسخ العقد فقط، وهذا الفسخ ليس طلاقا وإنما إنفصالا جسديا فقط، فهو في حقيته ليس فصما للزواج، وإنما وقفا للإتصال – فالزواج مازال قائما، وعلى الزوج أن يُنفق على زوجته، وعليهما معا ألا يتماسا، وليس لأحدهما أن يتزوج .
فقد نصت المادة (( 85 )) من القانون الكنسي بعد تعديله سنة 1918م – على أن كل زواج صحيح تم بين رجل وإمرأة كاثوليكيين معمدين وأصبح تام الدخول والوطء لا يجوز لأي سلطة الحكم لأي سبب كان أن يُحدث أحد الزوجين الطلاق.
ولقد تعرض هذا الرأي الكاثوليكي للكثير من الانتقادات من جانب منْ يعتنقون المذهب الكاثوليكي، فعلى حد قول  - المسيو بلانيول –إن الزوجين قد ضحيا بقاءهما بغير أمل – لأنه قد حُكم عليهما بالعزوبية الجبرية.
ونتيجة لتلك القسوة وذلك التضييق برزت قوانين وضعية في كثير من البلاد التي تعتنق الكاثوليكية تُبيح الطلاق لأسباب كثيرة، فكيف يُحرم كلا الزوجين من الاتصال؟! مع حرمان كل منهما من الزواج؟! والطبيعة ونداء الجنس والغريزة تقطع بأن كل منهما يزني ويعشق ويخالل، وينتج عن ذلك ذرية، تكن جُل الرعاية المتوفرة لها قذفها في ملاجئ اللقطاء.
 فالكنيسة الكاثوليكيّة تُحرّم الطلاق لأي علةٍ كانت حتى علة الزنى، فهي تُجيز الهجر الدّائم وليس الطلاق إذا ثبت زنى أحد الطرفين، وإذا طلب الطرف الثّاني البريء الانفصال. أمَّا إذا سامح الطرف البريء الطرف المُخطىء، تستمر الحياة بين الزّوجين طبيعيّةً رغم وقوع حادث الزّنى.
والكنيسة الكاثوليكية لم ولن تقبل بفك رباط سر الزواج المقدّس لأي سبب كان غير وفاة أحد الطرفين.ولكن هناك حالات يكون فيها الزواج باطلاً من الأصل، وفي هذه الحالة كل ما تعمله المحكمة الروحية الكنسية هو أن تعلن بطلان الزواج من الأصل، استنادًا إلى الأسباب التي تكون قد تأكدت من وجودها بالأدلة الكافية، وفي هذه الحالة يمكن عقد زواج جديد، ولكنه يكون الزواج الأول الصحيح، حيث أن الزواج السابق كان باطلاً، ولا يوجد زواج ثانٍ إلا في حالة موت أحد طرفي الزواج الأول.
لماذا لا تعترف الكنيسة الكاثوليكية بالطلاق؟
لا تعترف الكنيسة الكاثوليكية بالطلاق بناءً على التعليم الصريح والواضح للسيد المسيح وكتب العهد الجديد الملهَمة (1) أنطونيوس نجيب( بطريرك)، لا يوجد طلاق في الكنيسة الكاثوليكية ولا لعلة الزنا، حوارصحفي، موقع كنيسة الاسكندرية، القاهرة،أكتوبر 2010.
وذلك للأسانيد التالية:
 (أ) الأسانيد الكتابيّة
– ” إن مَن طلّق امرأته إلا لسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني. والذي يتزوّج بمطلّقة يزنى”. (مت 19:9)
إن عبارة - إلا لسبب الزنا - لا تدلّ هنا على فكّ رباط الزواج، بل على مجرد الانفصال، ويتأكّد هذا المعنى في بقية الآية “ومَن تزوّج بمطلّقة يزني”. فكيف تكون الكلمة بمعنى فكّ رباط الزواج إذا كان كل من الطرفين لا يمكنه الزواج مرة ثانية؟ وإلا يُعتبَر زانيًا، لأن كلام “السيد المسيح” لا يقول “إذا كانت مخطئة”.
– “… مَنْ طلّق امرأته وتزوّج بأخرى يزني عليها. وإنْ طلّقت امرأةٌ زوجها وتزوّجت بآخر تزني” (مر10: 11-12)
– ” كلُّ مَنْ يُطلّق امرأته ويتزوّج بأُخرى يزني. وكلُّ مَنْ يتزوّج بمُطلّقةٍ من رجلٍ يزني” (لو16: 18)
لا يذكر السيد المسيح الكلمات “إلا لسبب الزنا”هنا، فالكلام واضح وصريح، ولا يحوي أية استثناءات ولا يمكن للأناجيل أن تتناقض. فلو كان سبب الزّنى مسوغ لفسخ عقد الزّواج لكان من الواجب على القدّيس متّى والقدّيس مرقس أن لا يغفلانِ عن ذكر هذا الاستثناء. ونحن نؤمن بما كُتب على لسان الإنجيليين باستنارةٍ من الله (طبقًا لمفهوم الوحي).
– ” فإنَّ المرأة الّتي تحت رجلٍ هي مُرتبطةٌ بالنّاموس بالرّجل الحيّ. ولكن إنْ مات الرّجل فقد تحرّرت من ناموس الرّجل. فإذًا مادام الرّجل حيًّا تُدعى زانيّةً إنْ صارت لرجلٍ آخر” (رو7: 2-3)
يُحدّد بولُس الرّسول الزّواج لمَنْ مات أحد الطرفين دون ذكر لعلة الزّنى. من هنا نفهم إنَّ الطلاق الذّي يقصده القدّيس متّى هو الانفصال فالمسيح لم يُقدّم نصًا يشير إلى طلاق المرأة الغير زانيّة، لعلَّ تتزوج وتصبح في خطيئة الزّنى.
إذا كان الزّواج الذّي يلي الطلاق زنى سواء طلّق الرّجل امرأته أو طلّقت المرأة رجلها، كان هذا برهان على أنَّ الطلاق مُحرَّمٌ في شريعة المسيح على الإطلاق. 
حالات الانفصال التي تقرها الكنيسة الكاثوليكية:
– ما تجيزه حالة الزنى هو إذًا الانفصال فقط، والهدف منه هو:
1- إعطاء فرصة لكلا الطرفين للتفكير في جسامة الذنب المُرتكَب ومحاسبة الذات.
2- إعطاء الوقت الكافي لكليهما ليدركا أن الخيانة غالبًا ما تكون ثمرة حياة زوجية فاترة، وعلاقات غير سويّة من الطرفين، ليشعرا أن كلاً منهما مذنب ولو بدرجة ما.
3- إعطاء الفرصة للطرفين لممارسة فضيلة التوبة، واليقين بأن المحبة الحقيقية تصفح وتضحّي، على مثال “السيد المسيح”.
حدّد القانون رقم 863 من قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية هذا الأمر كالتالي:
البند 1– يُرجَى الزوج كل الرجاء ألا يأبى –بدافع المحبة والحرص على خير الأسرة- الصفح عن القرين الزاني، وألا يقطع شركة الحياة الزوجية. أما إذا لم يعفِ له عن الذنب صراحة أو ضمنًا، فيحق له حل شركة الحياة الزوجية، ما لم يكن قد رضي بالزنى أو أتاح له سببًا، أو اقترف هو نفسه الزنى.
البند 2- العفو الضمني يحصل إذا عاشر الزوج البريء الزوج الآخر بعطف زوجي من تلقاء نفسه بعد علمه بالزنى. لكنه يُفترَض إذا حافظ لمدة ستة أشهر على شركة الحياة الزوجية بدون رفع الأمر إلى السلطة الكنسية أو المدنية.
البند 3- إذا حلّ الزوج البريء شركة الحياة الزوجية من تلقاء نفسه، يجب عليه في غضون ستة أشهر، أن يحيل قضية الانفصال إلى السلطة المختصة، التي عليها بعد التحقيق في جميع الظروف، أن تقدّر إن كان ممكنـًا حمل الزوج البريء على العفو عن الذنب وعدم التمادي في الانفصال.
فالكلام هنا عن حلّ شركة الحياة الزوجية؛ أي عن الانفصال فقط وليس عن حلّ رباط الزواج، فالرباط الزواجي يبقى ويدوم طالما الطرفان على قيد الحياة.
أما الحالات الأخرى التي يسمح فيها قانون الكنيسة الكاثوليكية بالانفصال عن شركة الحياة الزوجية فهي:
“إذا جعل أحد الزوجين حياة زوجه أو أبنائه المشتركة في خطر أو بالغة المشقّة، فإنه يتيح للطرف الآخر سببًا مشروعًا للهجر بقرار من الرئيس الكنسي المحلي، أو حتى بمبادرته الشخصية إذا كان في التأخير خطر.. وفي كل الحالات، يجب استئناف شركة الحياة الزوجية لدى زوال سبب الانفصال، ما لم تقرّر السلطة المختصة غير ذلك” (قانون 864).
وتضيف القوانين: “عند انفصال الزوجين، يجب دائمًا اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمعيشة الأبناء وتربيتهم” (قانون 865).
“وبوسع الزوج البرىء وجدير به أن يقبل من جديد الزوج الآخَر في شركة الحياة الزوجية. وفي هذه الحالة يتنازل عن حقّ الانفصال” (قانون 866).
المجمع المسكوني السادس المنعقد في قاعة واترلو في القصر الملكي في القسطنطينية عامي 680-681
(ب) أسانيد تعليمية (تعليم المجامع الكنسيّة)
– هناك العديد من المجامع الّتي حرّمت الطلاق لعلة الزّنى مثل: مجمع أرل 314م ق(10)– مجمع ميليف 416م بأفريقيا ق(17) – مجمع قرطاجنة 418م بأفريقيا – مجمع القسطنطينيّة المسكوني السّادس 681م ق (87)، نذكر منها:
” ايُّما عامي طلَّق امرأته وأخذ أُخرى أو مُطلَّقةً من غيره فليُقطع” (2) القوانين الرّسوليّة، ق 48 – نقلاً من ك قوانين الرّسل، طبعة المحروسة، القاهرة، ص8. را. انطون صالحاني اليسوعي، الطلاق عند المسيحيين، المطبعة الكاثوليكيّة، ط2، بيروت، 1907، ص22-23.
” إذا افترقت المرأة المؤمنة عن رجلها المؤمن الزّاني، وتزوَّجت آخر يجب منعها عن ذلك. فإنْ لم تمتنع فلتُحرم قبول الأسرار ما لم يكن مات رجلها الذّي افترقت عنه أو كانت مريضةً” (3) مجمع إلبيرة 303م في أسبانيا. را. انطون صالحاني اليسوعي، الطلاق عند المسيحيين، المطبعة الكاثوليكيّة، ط2، بيروت، 1907، ص21.
 “… بحسب التعليم الإنجيلي والرّسولي أنَّ الرّجل الذّي طلّق امرأته، والمرأة الّتي افترقت عن رجلها، لا يجوز لأحدهما أن يقترن بقرينٍ آخر، بل يجب عليهما أن يلبثا مُقيمين على هذه الحالة عينها أو يُصالحها بعضها بعضًا، وإذا هما أهملا ذلك فيلتزما أن يكون في حالة التائبين…” (4) مجمع قرطاجنة 418م بأفريقيا، ق 105.
– التعليم الرّسولي لطوائف الكنائس الشّرقيّة في 20 يونيو 1883م: ” فليُعلم أوّلاً أنَّ قضية التعليم الإنجيلي والرّسولي كون الزّواج الصحيح لا يجوز انفكاكه لعلة الزّنى ونكد العيش، أو طول اغتراب أحد الزّوجينِ عن قصدٍ أو لغير ذلك من العلل المُصنوعة من غير الكاثوليكيين. ومن ثمَّ إنْ ثبت أنَّ الزّواج الأول فُكَّ من محاكمهم لعلةٍ من العلل المذكورة، فليس لمحكمةٍ كاثوليكيّةٍ أن تقبل أن تسمع دعوى الزّواج التالي” (5)  ثيوفيلوس أنطونيوس (مطران)، الرّأي الأمين في حلِّ بعض المشاكل الزّيجيّة عند الشّرقيين، المطبعة العثمانيّة، لبنان، 1896، ص16.
(ج) أسانيد آبائية (أقوال آباء الكنيسة الشرقية والغربية)
القدّيس يوحنا ذهبي الفم:
” إنه يُستدل من عبارة الرّسول القائل أن المرأة تصير حرة بعد موت رجلها، بأنها كانت مقيدة ومُرتبطة بالنّاموس، فإنها تبقى مأسورةً له رُغمًا عن ارتكابها الزنى، ولو أُعطى لها ألف كتاب طلاق. نعم إن الخدم يجوز لهم استبدال ساداتهم الأحياء، أما المرأة فمادام رجلها حيا فإنَّه محظور عليها أن تستبدله، لأن عملها هذا يكون فعل زنى”      (ك الطلاق)
“… فكذلك المرأة المتزوجة لا يمكنها أن تعقد زواجات أخرى إلا إذا مات رجلها” (ك البتوليّة)
إقليمندس الاسكندري:
” إن الكتب المقدسة تثبت الشرع الآتي الأمر بأن لا تهجر امرأتك إلا لفعلة الزنى، وتعتبر زواجًا زانياً كل زواجٍ يعقده الزّوج الآخر المُفارق مادام الآخر على قيد الحياة… لأنَّه كُتب مًنْ تزوّج بمُطلّقةٍ فقد زنى، ومَنْ طلّق امرأته فقد جعلها زانيةً، لأنه يُعرضها إلى ارتكاب الزنى. وليس فقط مَنْ طلّقها هو لها سبب زنى، بل مَنْ تزوج بها أيضًا، لأنه بذلك يُعرّضها للخطية لأنه لولم يتزوّجها لكانت عادت إلى رجلها” (6) إقليمندس الاسكندري، الموشَّيات المُسَّمى استروماتا، ك2ف23- مجموعة آباء اليونان مجلد 8 ص1095. نقلاً عن  انطون صالحاني اليسوعي، الطلاق عند المسيحيين، المطبعة الكاثوليكيّة، ط2، بيروت، 1907، ص13.
القدّيس باسيليوس:
” لا يجوز للرجل إذا طلق امرأته أن يتزوج أخرى. وكذلك المرأة التي طلقها رجلها لا يجوز لها أن تتزوج بآخر” (7)  باسيليوس الكبير، الأدبيّات ق73ف1 – مجموعة آباء اليونان مجلد 31 ص851. نقلاً عن انطون صالحاني اليسوعي، الطلاق عند المسيحيين، المطبعة الكاثوليكيّة، ط2، بيروت، 1907، ص13-14.
القدّيس إيرونيماوس:

” حيثما يكون زنى أو ارتياب بالزّنى فهناك الحرية في تطليق المرأة… لكن يؤمر بتطليق الأولى بشرط أن لا تُؤخذ أُخرى مادامت الأولى في الحياة… ولما كان ممكنًا للأسباب ذاتها أن تُطلق المرأة رجلها يؤمر بالتحفظ ذاته أن لا تأخذ زوجًا آخر” (8)  القدّيس إيروينماوس، مجموعة الآباء اللاّتين مجلد 26 ص140. نقلاً عن انطون صالحاني اليسوعي، الطلاق عند المسيحيين، المطبعة الكاثوليكيّة،بيروت،1907، ص18
.

الاثنين، 25 أبريل 2016

10- الطلاق عند المسيحيين:أولا : الطلاق عبر الأديان و المعتقدات التي سبق ظهور الاسلام:9- الطلاق:رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:الباب الثالث: الإسلام والمرأة

الباب الثالث: الإسلام والمرأة
رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
9- الطلاق :
أولا : الطلاق عبر الأديان و المعتقدات التي سبق ظهور الاسلام :
10- الطلاق عند المسيحيين:
يقول الحق – تبارك وتعالى – في محكم التنزيل: { وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } (1) سورة المائدة (46)
ويقول السيد المسيح – عليه السلام- «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ." (2) (إنجيل متى 5: 17)
من ذلك يتضح لنا أن تشريعات الديانة اليهودية هي ذاتها تشريعات الديانة المسيحية، فما جاء في الإنجيل مكملا لما ورد في التوراة، ولما كان الطلاق حقا للرجل في الديانة اليهودية، يكون كذلك في الديانة المسيحية.
فالسيد المسيح لم ينسخ شريعة الطلاق بل كلام الاله لم يتغير في العهد القديم عن العهد الجديد ولذلك أوضح مكرهة الرب الطلاق والرب يعتبره خيانه وغدر وهي من صفات الشيطان ولهذا لا يستجيب لطلبات الشعب لانه غضب عليهم لهذا السبب كما ورد في الإنجيل:

( قُلْتُمْ: «لِمَاذَا؟ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الشَّاهِدُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَةِ شَبَابِكَ الَّتِي أَنْتَ غَدَرْتَ بِهَا، وَهِيَ قَرِينَتُكَ وَامْرَأَةُ عَهْدِكَ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَقَ، قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ) (3) ملاخي 2-14- 16
البابا پولس الثالث يفتتح مجمع ترنت..
يتضح مما تقدم إباحة التوراة للطلاق ولكنها تكرهه، وبذلك يكون من المحقق أن الطلاق ظل معمولا به كشرع مباح مع كرهه منذ عهد السيد المسيح – عليه السلام – حتى منتصف القرن السادس عشر الميلادي،ولم يُحرمه إلا مجمع القساوسة المعروف – بمجمع ترنت – سنة 1542
المجمع، كما صوره كاتي دا إييزي..
ومن أبرز الأدلة على ذلك أن إنجيل يوحنا قد جاء خاليا من آية إشارة إلى تحريم الطلاق، بل لم يرد فيه ذكر لتلك العبارات، التي وردت في أناجيل – مرقص ومتى ولوقا – والتي يُفهم منها تحريم الطلاق، وأن الزواج من المطلقة زنا.
وقد ورد في إنجيل متى على لسان السيد المسيح حيث قال: «أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الإثنان جسداً واحداً، إذ ليس بعد اثنين بل جسدا واحدا، فالذي جمعه - الله - لا يفرقه إنسان وأقول لكم إن منْ طلق إمرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني،والذي يتزوج بمطلقته يزني» (4) (مت 19:3: 9) 
كما ورد في إنجيل متي الإصحاح الخامس الآية رقم 21 "وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق وأما انا فاقول لكم إن من طلق امرأته إلا لعلّة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى"
فمن تلك النصوص يفُهم أن المسيح – عليه السلام – قد جعل الطلاق مكروها ولكنه لم يُحرمه، ولكنه قصر الطلاق على علة الزنا إلا أن الكنائس قد اختلفت فيما بينها في إباحة أو تحريم الطلاق، فمنهم منْ ساير قول السيد المسيح – عليه السلام – ومنهم منْ خالفه.
فقد فيّد القانون الكنسي حق الطلاق بعدة قيود لكن لم يصل إلى إلغائه، وظهرت أوضاع أخرى من التسهيلات كفسخ الزواج أو الهجر. ولعل إحدى أشهر قضايا الطلاق في التاريخ الغربي قضية طلاق هنري الثامن ملك إنجلترا من كاثرين أراغونعام 1534 ما أدى إلى تأسيس الكنيسة الأنجليكانية وذلك بعدما رفض البابا ترخيص طلاقه(5)  الملك هنري الثامن والكنيسة
هنري الثامن ملك إنجلترا صاحب أشهر قضية طلاق في التاريخ الغربي.
علمًا أن عددًا من الكنائس البروتستانتية تسمح بالطلاق التوافقي بين الشخصين، إذ لا تر به سرًا.
وتتجلى مظاهر المساواة حسب الكنيسة في القوانين الكنيسة وتشريعاتها مع وجود الاختلافات بين الأحوال الشخصية لمختلف الكنائس،إلا أنها تشترك في عدد من التشريعات مثل حالتي الطلاق بما فيه فسخ الزواج أو الهجر، حيث يشترك الأب والأم في النفقات وتقاسم الثروات المدخرة بشكل متساوي إلا في بعض الحالات الخاصة، كما تعطى الحضانة للمرأة، في سنين الطفولة الأولى.(6) قانون الأحوال الشخصية للطوائف المسيحية بين الواقع والمرتجى
والآن تعالين بنا نستعرض موقف الكنائس المختلفة من قضية الطلاق:
-       الكنيسة الكاثوليكية.
-       الكنيسة البروتستانتية.

-       الكنيسة الأرثوذكسية.