الجمعة، 28 سبتمبر 2012

(ج) العتق والدية: (2) المرأة نصف الرجل في: رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:



رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(2) المرأة نصف الرجل في:
(ج) العتق والدية:
تجارة الرقيق قبل الإسلام.
يتخذ بعض الجهلة من جعل عتق الجاريتين يعدُل عتق الرجل، ومن جعل دية المرأة نصف دية الرجل، وسيلة للطعن في الدين الإسلامي، فيجعلون من ذلك إهدارا لقيمة المرأة الإنسانية على يد الإسلام – المفترى عليه قديما وحديثا – وفي الواقع أن هذا الكلام يحتوي علىالكثير من المغالطات، التي لا تُجدي ولا تُفيد، فما يجعلونه نقصا في حق المرأة نراه نحن تكريما لها، ومحافظة عليها، وصون لكرامتها، وحماية لقيمتها الإنسانية، التي كانت هدف التشريع الإسلامي منذ انبعاث نوره ليُضئ الكثير من جوانب الظلام، التي كانت تكتنف وتُحيط بحياة المرأة في العديد من بقاع المعمورة في ظل المعتقدات البالية والديانات السابقة لظهوره.
 الإماء في الإسلام
ولنبدأ بالعتق:
فلقد جعل التشريع الإسلامي عتق الجاريتين يعدُل عتق الرجل في الأجر والثواب، وليس في ذلك انتقاصا، أو امتعاضا للمرأة، بل في ذلك تكريما لها  كيف ؟!
فالمرأة ضعيفة، والسيد يستمتع من جاريته أو أمته بخدمتها و بضعفها، أو بالتصرف فيها كيف يشاء، والتشريع الإسلامي يتشوق إلى فك الرقاب، ويحرص كثيرا على عتق النساء رحمة بهن أولا، ونظرا لمتابعة الأولاد لأمهاتهم في الرق والحرية، وبذلك تخلُص المسكينة من تبعات الرق، ومن تحكم المُلاك فيها وفي مصيرها، لذلك جعل عتق المرأتين بعتق رجل واحد، وذلك في باب التبرعات وابتغاء الثواب من عند – الله تعالى – في أن يفك رقبته من النار، ولا ينال المعتق ذلك إلا بعتق امرأتين وفك رقبتيهما من ذلك العبودية.
ضعف المرأة في الرق
وبذلك يتضح الهدف الذي من أجله جعل التشريع الإسلامي عتق امرأتين يعدُل عتق رجل في الثواب والنجاة من النار، وذلك ليدفع الرجال إلى الإكثار من عتق النساء، إذا رغبوا في النجاة من النار، وليس في ذلك ما يقلل من كرامة وإنسانية المرأة كما ذهب أصحاب الزعم الباطل من الحاقدين على الإسلام.
 تجارة الرقيق في روما قديما
أما الدية:
فدية المرأة إذا ما قُتلت عمدا أو خطئا خمسون من الإبل، وقيمتها مغلظة ومخففة، وليس في ذلك انتقاصا لقدر أو إنسانية المرأة، كما يزعم البعض من جهلة الحاقدين على الإسلام، فإنما جُعلت دية المرأة نصف دية الرجل، لترغيب أهلها في القصاص من القاتل، فلو كانت ديتها مثل دية الرجل، دفع ذلك أهلها إلى قبول المائة ناقة من الإبل كثرتها، وتخلوا عن القصاص من القاتل، وأصدق دليل على ذلك، أنه إذا رفض أهلها الحصول على الخمسون ناقة كدية، وأرادوا القصاص من القاتل، لحصل لهم ما أرادوا، حتى ولو كان القاتل سيدا مطاعا أو جبارا عنيدا، فهنا لو كانت الدية مائة ناقة، أو قيمتها لطمع فيها الوارث الفقير، وتساهل الغني القاتل.
 ولحسم مادة الشر، وصون النفس عن القتل، كان للمرأة نصف دية الرجل أو القصاص من القاتل قال تعالى:  
{وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَٰوةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (1) البقرة: 179
 قال الإمام القرطبي: فيه أربع مسائل:
الأول: قوله تعالى: { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ } هذا من الكلام البليغ الوجيز كما تقدّم. ومعناه: لا يقتل بعضكم بعضاً؛ رواه سفيان عن السُّدّي عن أبي مالك. والمعنى: أن القصاص إذا أقيم وتحقّق الحكم فيه أزدجر من يريد قتل آخر، مخافةَ أن يقتص منه فحييا بذلك معاً. وكانت العرب إذا قتل الرجل الآخر حَمِيَ قبيلاهما وتقاتلوا، وكان ذلك داعياً إلى قتل العدد الكثير؛ فلما شرع الله القصاص قَنِع الكل به وتركوا الاقتتال؛ فلهم في ذلك حياة 
الثانية: اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض؛ وإنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك؛ ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض 
الثالثة: وأجمع العلماء على أن على السلطان أن يقتص من نفسه إن تعدّى على أحدٍ من رعيّته، إذ هو واحد منهم؛ وإنما له مَزِيّة النظر لهم كالوصيّ والوكيل، وذلك لا يمنع القصاص، وليس بينهم وبين العامّة فرق في أحكام الله عز وجل؛ لقوله جل ذكره: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى } ، وثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرجل شكا إليه أن عاملاً قطع يده: لئن كنت صادقاً لأقيدنّك منه.
وروى النّسائي عن أبي سعيد الخُدْرِيّ قال: " بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقسم شيئاً إذ أكبّ عليه رجل، فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعُرجون كان معه، فصاح الرجل؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعال فاستقد». قال: بل عفوت يا رسول الله "
وروى أبو داود الطيالسي عن أبي فراس قال: خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أَلاَ مَن ظلمه أميره فليرفع ذلك إليّ أقيده منه. فقام عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، لئن أدّب رجل منا رجلاً من أهل رعيّته لتقصنّه منه؟ قال: كيف لا أقصّه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه!. ولفظ أبي داود السّجستانيّ عنه قال: خطبنا عمر بن الخطاب فقال: إني لم أبعث عُمّالي ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم؛ فمن فعل ذلك به فليرفعه إليّ أقصّه منه. وذكر الحديث بمعناه 
الرابعة: قوله تعالى: { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } تقدم معناه. والمراد هنا «تتقون» القتل فتسلمون من القصاص، ثم يكون ذلك داعيةً لأنواع التقوى في غير ذلك؛ فإن الله يثيب بالطاعة على الطاعة. وقرأ أبو الجوزاء أوس بن عبد اللَّه الرَّبَعِي «ولكم في القَصَص حياة» قال النحاس: قراءة أبي الجوزاء شاذّة. قال غيره: يحتمل أن يكون مصدراً كالقصاص. وقيل: أراد بالقَصَص القرآن؛ أي لكم في كتاب الله الذي شرع فيه القصص حياة؛ أي نجاة. (2) تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي
 عن أبي شريح الخزاعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أصيب بقتل أو خبل، فإنه يختار إحدى ثلاث: إما أن يقتص، وإما أن يعفو، وإما أن يأخذ الدية، فإن أراد الرابعة( التعدي بعد قبول الدية ) فخذوا على يديه، ومن اعتدى بعد ذلك، فله نار جهنم خالداً فيها " رواه أحمد، وقال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا أعافي رجلاً قتل بعد أخذ الدية " يعني: لا أقبل منه الدية، بل أقتله. (3) تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير


وهناك أمر آخر راعاه التشريع الإسلامي حين جعل دية المرأة نصف دية الرجل، وهو مقدار الضرر الواقع على كل من ورثة الرجل المقتول وورثة المرأة المقتولة فالدية ليست ثمنا لرجل أو المرأة ولكنها تعويض عن الضرر الواقع عن القتل .



و ليس في هذا ظلم للمرأة، والذين يريدوا أن يسووا هم الذي ظلموا الرجل وظلموا المرأة؛ لأنهم ظنوا أن الدية ثمن للإنسان، أبداً الدية ليست ثمناً لا ثمن للرجل ولا ثمن للمرأة إنما هي تعويض لمن تضرر من الأحياء، أما الإنسان سواء رجل أو امرأة فلا يقدر بثمن وليست خمسين من الإبل أو مائة من الإبل هي قيمته، ولذلك الذين يريدون أن يسووا هم جعلوا الدية قيمة، كأن قيمة الرجل مثل قيمة المرأة، في حال القتل لو أن رجلاً قتل امرأة عمداً يقتل بها قصاصاً ساوى الشرع بين الرجل والمرأة؛ لأنها نفس، لكن في حالة التعويض لمن تضرروا بموت الرجل أو بالمرأة قدر حقهم بمقدار ضررهم، فالضرر الذي يتضرره ورثة الرجل لا ريب أنه أشد من الضرر الذي يلحق بورثة الأنثى، فقدر لهؤلاء مائة من الإبل الذين هم ورثة الرجل، وقدر الشرع لورثة الأنثى خمسين من الإبل على النصف بحسب نوع الدية.