الاثنين، 12 مارس 2012

(4) النفقة: ---------------- الثالث: الإسلام والمرأة أولا: القيمة الإنسانية

الثالث: الإسلام والمرأة
أولا: القيمة الإنسانية
(4)       النفقة:
لقد رأينا فيما مضى:
·      أن البنت كانت تتعرض للبيع في سوق النخاسة من قبل أهلها، خوفاً من الإنفاق عليها، فإن لم يجد منْ يشتريها وهبها لأول عابر سبيل، أو تركها في الحقول ليفترسها الصقيع، أو الحيوانات الضالة.
أرملة هندوسية تحرق نفسها مع جثة زوجها
·      كما رأينا منْ يقوم بحرق الزوجة حية بعد موت زوجها لعدم استحقاقها للحياة والنفقة.
·      ورأينا العربي الجاهلي يقتل ابنته خشية الإملاق والفاقة.
·      ورأينا المرأة تُباع في أسواق لندن عام 1790م بشلنين، لأنها ثقُلت بتكاليف نفقاتها على الكنيسة التي كانت تأويها.
·      ورأينا رجلاً يُقايض على زوجته بحمار وعنزاً، وآخر في أكسفورد يُبدلها بسيارة، وثالث في بلجراد يبيعها بالرطل... الخ.
               عار  السبي من أسباب وأد البنات في الجاهلية
رأينا كل هذا بخصوص المرأة ابنة وزوجة، سلعة تُباع وتُشترى خشية الإنفاق عليها، وكان هذا كله قبل الإسلام.

 فلما جاء الإسلام وجدناه يمقت ذلك الوضع المشين بل والمهين للمرأة، ليس هذا فحسب، بل وجدناه يدعو بل ويأمر الأب والأخ والزوج بضرورة العناية المادية، والرعاية الأدبية بالمرأة، سواء كانت ابنة أو أخت أو زوجة أو أم أو عمة أو خالة أو جدة، وبذلك يكوم الإسلام العظيم قد حث كل منْ الأب والأخ والزوج على ضرورة العناية والإنفاق على المرأة بصفة عامة، فالبنت غير مكلفة بشئ من الإنفاق، ولكن الرجل هو الذي يقع عليه ذلك العبء.
فالتشريع الإسلامي قد أوجب وألزم نفقة البنت على ذمة أبيها أو ولي أمرها إلى أن يتم زواجها بمنْ هو كفء لها، حيث ينتقل الإنفاق لها وجوبا إلى ذمة الزوج، فإذا ما عادت البنت إلى بيت أسرتها بسبب طلاقها، فإن نفقتها تعود إلى ذمة أبيها أو ولي أمرها، وذلك بعد انقضاء العدة، التي تجب على المطلق، وكذلك الحال إذا عادت بسبب وفاة زوجها إلى بيت أسرتها.
هذا وليس لولي البنت أن يُلزمها طلب الرزق، لتنفق على نفسها، فذلك محرماً شرعاً، وذلك صيانة لشرفها، وتنزيهاً لها عن كل ما يُعرضها للأذى، إذا ما خرجت من البيت طلباً للسعي والعمل، ولنستمع الآن إلى القرآن الكريم، وسنة أشرف المرسلين – صلى الله عليه وسلم – فيما يخص الإنفاق على المرأة:
(وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آَتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير) (1) سورة البقرة: (233)
وقول الحق – تبارك وتعالى -:
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) (2) سورة الطلاق: - 6 -
وقوله: - جل شأنه -:
(لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7) (3) سورة الطلاق: - 7 -
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
( منْ عال جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين – وضم أصابعه - ) (4) صحيح مسلم.
وقوله – صلى الله عليه وسلم -:
( منْ كانت له ثلاث بنات فصبر عليهن، فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كُنا له حجاباً من النار ) (5) مسند الإمام/ أحمد.
وقوله – صلى الله عليه وسلم -:
( منْ كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، أو بنتان أو أختان، فأحسن صحبتهن، وصبر عليهن، واتقى الله فيهن دخل الجنة) (6) الحميدي.
  وقوله – صلى الله عليه وسلم -:
( فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بكلمة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن ذلك، فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن، وكسوتهن بالمعروف) (7) صحيح مسلم.
وقوله: - صلى الله عليه وسلم -:
( ألا أدلكم على أفضل الصدقة؟! ابنتك مردودة إليك، وليس لها كاسب غيرك) (8) ابن ماجه.
وقوله: - صلى الله عليه وسلم – حين سُئل عن حق الزوجة على زوجها، فقال:
( أن تُطعمها إذا أكلت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تُقبح ولا تهجُر إلا في البيت) (9) الإمام/ أحمد.

صدقت سيدي يا رسول الله – عليك أفضل الصلاة والسلام – أيمكن أن يكون هناك احترام، أو تقدير لإنسانية المرأة أكثر من هذا التقدير والاحترام، اللذين جاء بهما الإسلام؟! بالطبع لا وألف لا.  



السبت، 10 مارس 2012

(3) أمانة وذمة: ــــــــــــــــــــــ الفصل الثالث: الإسلام والمرأة أولا: القيمة الإسنانية



 الفصل الثالث: الإسلام والمرأة
أولا: القيمة الإسنانية
(3)       أمانة وذمة:
من أروع الأمثلة الدالة على عظمة الإسلام الخاتم، الذي ارتضاه لنا الله – سبحانه وتعالى – ديناً، ذلك الشرع الحنيف، الذي جاء ليجُب ما قبله من المعتقدات، التي كانت المرأة فيها مستهجنة مهيضة الجناح، لا تقوى على رفع الضرر عن نفسها، ولا عن غيرها، فجاء الإسلام ليرفع من قدرها، ويُعلي من شأنها، فيجعلها شريكة الرجل في كافة أمور الحياة الإنسانية والاقتصادية، فمن أروع الأمثلة التي تُنبأ عن احترام الإسلام للمرأة، أن احترم الإسلام أمانتها وذمتها، فلها أن تجير من تشاء، وتؤمن منْ تشاء.
هذه هي المرأة التي لم تكن تملك مجرد حق الدفاع عن نفسها، ولم تكن تملك ما تطالب به من حفظ ماء وجهها، هذه المرأة الآن أصبح لها أمان ذمة بل وحق جوار يُصان، فالحال قد تغير، فقبل ذلك لم يكن لها حقوق في ظل المعتقدات والديانات، التي سبقت ظهور الإسلام
أما الآن وهي في ظل الإسلام، وفي كنف القرآن، بعد أن أمنت على حياتها، وبعد أن أصبح لها حقوق مشروعة لا مجال لإنكارها، أصبحت الآن تتمتع بالقدرة ليس على حماية نفسها فحسب؟! بل وحماية غيرها، إذا ما لاذ بجوارها، واحتمى بها، طالباً أمانها وذمتها.
ما أروع ذلك الدين وما أروع الرعاية والعناية التي حظيت بها المرأة في كنف ذلك الدين الموصوم بما ليس فيه من أنه أهدر قيمة المرأة، أفبعد إعطاء المرأة الحق في أن تُجير منْ تشاء، يُجدي مثل ذلك الزعم الباطل؟!!!
حق الجوار الذي كان قبل الإسلام من أخص صفات الرجل، والذي من أجله وقعت الكثير من الحروب مثل: حرب الباسوس، أصبحت المرأة في كنف الإسلام تشارك الرجال في ذلك الحق، وإليكن الدليل على ذلك:
يروي لنا التاريخ: أن أبا العاص بن الربيع خرج في تجارة لقريش قاصداً بلاد الشام، فوقعت القافلة في أيدي المسلمين، ولكن أبا العاص تمكن من الفرار، بينما استولى المسلمون على القافلة، فلما أرخى الليل سدوله، تسلل أبو العاص إلى المدينة، ولجأ إلى زوجته السيدة/ زينب ابنة الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - وكانت السيدة/ زينب – رضي الله عنها – تركت زوجها في مكة، وهاجرت مع أبيها – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة، لبقاء زوجها على الشرك.
لجأ أبو العاص إلى السيدة/ زينب مستجيراً بها، خائفاً من لإيذاء المسلمين له، وبينما المسلمون قد خرجوا لصلاة الفجر، وتقدم النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى المحراب، وكبر للصلاة، فصرخت السيدة/ زينب – رضي الله عنها – قائلة: يا أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع.
هذا القناع أعد لعقاب المرأة الثرثاره في بريطانيا في القرن السادس عشر.
وبعد أن انتهى الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – من صلاته، التفت إلى الناس قائلا: ((( هل سمعتم ما سمعت؟! فو الذي نفسي بيده ما علمت بهذا الأمر، إلا بعد ما سمعت كما سمعتم، إنه يُجير على المسلمين أدناهم )))
ثم انطلق إلى ابنته زينب وقال لها: ( يا بنيتي أكرمي مثواه، ولا يقربنك فإنك لا تحلين له ) فقالت إنما جاء يطلب ماله، فعرض الرسول – صلى الله عليه وسلم – على السرية التي استولت على القافلة، فقرروا رد الأموال إليه، فحمل أبو العاص المال، ورجع إلى مكة، وردَّها إلى أصحابها، ثم نادى فيهم: هل بقى لأحد منكم شئ؟! قالوا: لا جزاك الله خيراً، فقال: و الله لولا تظنوا بي الخيانة، لمكثت بالمدينة، وأسلمت مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم انطلق مسرعاً إلى المدينة، معلنا إسلامه، ناطقاً بالشهادتين، منضما إلى زوجته ) (1) الاستيعاب – 61 – 3 (4/1702) والإصابة – 11217 ( 7/ 665 )
نماذج من أحزمة العفة التي كانت ترتديها المرأة في أوربا في العصور الوسطى
فانظري يا آمة الله: أكان يمكن للمرأة أن تحمي نفسها قبل الإسلام؟! أم كان لها أن تُجير رجلاً على غير ملتها التي بها تدين وتعتقد؟! أكان من الممكن للمرأة أن تكون لها ذمة تُحترم، وجوار يُهاب؟! أعتقد بما لا يدع مجالاً للشك أن تكون كل هذه الأمور كانت تدخل في إطار المستحيل، فولا قدوم الإسلام، الذي اعترف للمرأة فإنسانيتها وكرامتها، وسمح لها بأن تُجير وتحمي منْ يلجأ إليها، وقد يردد بعض المشككين أن هذا الأمر ما كان ليحدث مع غير بنت النبي – صلى الله عليه وسلم - ؟!
وأد البنات في الجاهلية
ونرد على مثل هؤلاء بأن الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – كان ومازال القدوة والأسوة الحسنة، التي بها اقتدى القوم في الماضي، وما زال النشء يقتدي بها في الحاضر، ومن ثمة ما كان له – صلى الله عليه وسلم – ليُجيز ما فعلته ابنته، لو لم يكن ذلك من صلب الشريعة، التي إليها يدعو.
فالرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – أشد غيره على حدود الله من الرعية، أو لم يقل لأسامة بن زيد ( الذي كان صاحب منزلة ومكان سامية في قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ) لما ذهب إليه يشفع عنده في عدم تنفيذ الحد على المخزومية التي سرقت، فكان جوابه: - صلى الله عليه وسلم – ( أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة، والذي نفسي بيده، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها )
فبالله عليكن: هل سمعتن عن حقوق للمرأة، تُقدر وتحترم إنسانية المرأة قبل الإسلام؟! والجواب الذي لا ريب فيه: النفي القاطع، فلم يكن للمرأة كيان إنساني يُحترم قبل الإسلام، ذلك الدين الذي ا تضاه الحق – تبارك وتعالى – ليكون خاتم الأديان، فجعل القرآن الكريم دستور حياة، وصدق أحكم الحاكمين، ولسنا بأهل لتصديقه حين قال: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) (2) سورة المائدة: - 3 –
وقوله – جل شأنه – ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (3) سورة الأنعام: - 38 -


الاثنين، 5 مارس 2012

(2) رفع التشاؤم ــــــــــــــــــ أولا: القيمة الإنسانية ــــــــــ الفصل الثالث: الإسلام والمرأة

الفصل الثالث: الإسلام والمرأة
أولا: القيمة الإنسانية:
(2) رفع التشاؤم:
 جاء الإسلام فوجد المرأة تُعامل على أنها سقط متاع، تُباع وتُشترى، حياتها تُشبه حياة الرقيق، بل تكاد تكون حياة الرقيق أفضل منها، فهم على الأقل لا يُدفنون في التراب أحياء، ولا يُقتلون لعلة التشاؤم، وكل ذلك تتعرض له النساء، فما كان من التشريع الإسلامي العظيم إلا أن حرم قتل الأبناء عامة: ذكور أو إناث قال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) (1) سورة الإسراء – 31 –
وأد البنات في الهند بسبب غلاء المهور.
ثم يعمد القرآن الكريم إلى تحريك القلوب، وزلزلة الضمائر، وتقريع الآباء، الذين هموا بوأد بناتهم، فبعد الحديث عن أهوال يوم القيامة في سورة التكوير، يتوجه الحق – تبارك وتعالى – إلى منْ؟! القاتل ؟! إلى الجاني ؟! إلى الأب الذي قام بعملية الوأد؟! كلا بل يتوجه إلى القتيل؟! إلى المجني عليه؟! إلى البنت التي دُست في التراب؟! يسألها عن ماذا؟! يسألها عن الجرم الذي ارتكبته؟! والذنب الذي نالته؟! والمصيبة التي جاءت بها؟! فيقول - سبحانه وتعالى – (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ((2) سورة التكوير – 8، 9 –
 ماذا فعلت الموؤدة تستحق عليه القتل؟! ماذا ارتكبت لتُدس في التراب حية؟! ماذا جنت يداها؟! كل ذلك لكي يوضح – سبحانه وتعالى – عظيم الجرم الذي ارتكبه الآباء بوأد بناتهم !
ولكن هل يكتفي التشريع الإسلامي بحفظ حق البنت في الحياة فقط؟! وهل يكتفي المشرع بصيانة ذلك الحق فقط ؟! كلا وألف كلا، وهنا تبرز عظمة ذلك التشريع الإسلامي جلية واضحة، لا مجال للطعن فيها إلا من قبل أعمى فقد القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، الخبيث والطيب، بين نافخ الكير وحامل المسك، فالإسلام الحنيف لا يقبل ولا يكتفي بمجرد امتناع الآباء عن قتل و وأد البنات خشية الإملاق والفقر والفاقة، لا يكتفي بذلك، كما لا يكتفي بالامتناع عن قتلها خشية العار لماذا؟!
 قتل البنات خشية عار السبي
لأن تلك النجاة للبنت على يد الآباء، ربما تكون ناجمة عن تجنب الآباء للوحشية وضراوتها، وهذا ما لا يرضاه الإسلام، ولكن الذي إليه قصد التشريع الإسلامي من ذلك التحريم للوأد والقتل، أن يكون ذلك الامتناع من جانب الآباء خاصة، وجنس الرجال عامة نابعا من الإيمان بضرورة حق النساء في الحياة بحيث يكون الرجال أمناء على النساء.
ولذلك وجدنا الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – الذي لا ينطق عن الهوى يوصي أصحابه، وهو في مرض موته قائلا: ( الله الله في النساء وما ملكت أيمانكم )
وقال – صلى الله عليه وسلم – ( استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، و إن أعوج شئ في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تُقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيراً)
وقوله – صلى الله عليه وسلم –
( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) (3) البداية والنهاية: ابن كثير ج 1 ص 75.
 بل أكثر من ذلك نجد القرآن الكريم ذلك الدستور الخالد على مر الأزمان يرفض مجرد التشاؤم أو التبرم من قبل المسلم من ذرية البنات، كما يأبى على المسلم خاصة، والرجال عامة تلقي خبر ولادة البنات بالعبوس والانقباض قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) (4) سورة النحل – 58، 59 –
وقال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17)) (5) سورة الزخرف: - 17 -.ط
كثير من العائلات العربية الشرقية تفضل وترغب بالولد على البنت
 فأي تكريم ذلك الذي أحاط به الإسلام المرأة، فمجرد التشاؤم والتبرم   من ذرية البنات مرفوض، ومجرد الانقباض عند سماع حبر ولادتهن مرفوض – فبالله – عليكن هل وجد قبل الإسلام ديناً شرف إنسانية المرأة، كما شرفها التشريع الإسلامي؟! والإجابة متروكة لكن!!!!!!!!!!!!!