الثلاثاء، 21 فبراير 2012

(1): الزعم الباطل:---------- أولا القيمة الإنسانية: ------- الباب الثالث: الإسلام والمرأة

الباب الثالث: الإسلام والمرأة
أولا:القيمة الإنسانية:
(1): الزعم الباطل:
 تعالوا بنا نرى كيف كرم الإسلام إنسانية المرأة، تلك الإنسانية التي لم يكن معترف بها قبل الإسلام، لا في عُرف ولا تقاليد ولا ديانة سواء كانت ديانة وضعية أم سماوية، فلم تعرف آين من العادات والتقاليد قبل الإسلام، ما يُسمى بإنسانية المرأة، وكذلك الأمر يصح هذا الكلام على الديانات التي سبقت ظهور الإسلام، فماذا فعل الإسلام لإنقاذ إنسانية المرأة؟! وللإجابة على هذا التساؤل سنعرض للنقاط التالية:
الزعم الباطل.                             رفع التشاؤم.                       أمانة وذمة.
                           النفقة.                                                            دفع الضرر.
أولا: الزعم الباطل:
لقد جاء التشريع الإسلامي للعالم أجمع بحقوق مشروعة للمرأة، لم يسبقه إليها آين من دستور شريعة، أو دستور دين، كما لم يسبقه إليها آين من عُرف أو تقاليد، وأكرم وأفضل ما جاء به الإسلام للمرأة، أن القرآن الكريم قد رفع عن جنس المرأة عامة المهانة والذلة والامتعاض، الذي علقُ بها، فرفعها إلى مكانة الإنسان المعدود من ذرية آدم وحواء، فبرأ ساحتها من رجس الشيطان، ونزهها عن حطة الحيوان، حيث كانت موصومة بهما في نظر الأمم والأديان السابقة، كما رأينا عند الحديث عن مكانة ومنزلة المرأة قبل الإسلام.
فأعظم من الحقوق الشرعية، التي لم تعرف عنها المرأة شيئاً، وكسبتها على يد دستور الإسلام الخالد القرآن الكريم،أن القرآن الكريم قد رفع عن المرأة لعنة الخطيئة الأبدية، ووصمة الجسد المرذول، تلك  اللعنة وتلك الوصمة، التي ألحقتها بها الأديان والمعتقدات التي سبقت ظهور الإسلام
  فقد جعلوا منها مصدراً للإغواء، وناقضة لنواميس -  الله – على حد قول القديس ترنوليان.
 القديس ترنوليان
فجاء الإسلام فرفع عنها ما وصمت به من عار، وذنب، وقرر القرآن الكريم: أن الشيطان قد وسوس لآدم كما وسوس لحواء، فخلُصت حواء بذلك، وبناتها من بعدها، مما اُتهمت به من أنها السبب في الخطيئة، ومصدر غواية الشيطان، وبعد أن وسوس لهما الشيطان، كان الندم من الاثنين آدم وحواء، ومن ثمة كان العقاب لهما أيضاً، ولذا فقد استحقا الغفران بعد التوبة والندم.
 وإليك النصوص القرآنية التي تؤكد ذلك، قال تعالى:
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَنُ لِيُبْدِىَ لَهُمَا مَا وُۥرِىَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ ٱلْخَلِدِينَ وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّى لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّصِحِينَ فَدَلَّىهُمَا بِغُرُورٍۢ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا ٱلشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَ تُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ ۖ وَنَادَى هُمَا رَبُّهُمَآ أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَآ إِنَّ ٱلشَّيْطَٰنَ لَكُمَا عَدُوٌّۭ مُّبِينٌۭ ))1) سورة الأعراف: 20ـ22
وقال – جل شأنه -
(وَقُلْنَا يََادَمُ ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا ٱهْبِطُوا۟ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّۭ ۖ وَلَكُمْ فِى ٱلْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّۭ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍۢ) (2) سورة البقرة: 35ـ36

وقال – سبحانه وتعالى –
(قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَسِرِينَ) (3) سورة الأعراف: 23
بل أكثر من ذلك فقد أبان القرآن الكريم براءة بنات حواء بعد ذلك، فليس على إحداهن ذنب أو وزر من خطيئة الأم حواء، كما زعمت المعتقدات السابقة لظهور الإسلام، وبذلك يكون القرآن الكريم قد رفع اللعنة التي لحقت بجنس المرأة عامة من جراء خطيئة حواء، كما رفعها عن جنس الرجال من جراء خطيئة آدم – عليه السلام –      قال – تعالى - :
(تِلْكَ أُمَّةٌۭ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْـَٔلُونَ عَمَّا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ)  (4) سورة البقرة: - 141 –
ومن أروع ما كرم به التشريع الإسلامي المرأة، تبرأة ساحتها من أنها جسد بلا روح، ومن أنها قرينة لشهوات الحيوان، وحبائل الشيطان، ينجو من الشيطان من نجا منها، ويتنزه عن الحيوان منْ تنزه عن النظر إليها، فصحح القرآن العظيم وضع المرأة جسدياً، كما صحح وضعها روحياً، ورفع عنها لعنة الجسد، التي لصقت بها 
قال تعالى: (  يَأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَٰحِدَةٍۢ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًۭا كَثِيرًۭا وَنِسَاءًۭ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(5) سورة النساء: - 1-
وقال – جل وعلا – (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًۭا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۭ) (6) سورة الحجرات: -13 –
وقال  - تبارك وتعالى – (مَنْ عَمِلَ صَٰلِحًۭا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌۭ فَلَنُحْيِيَنَّهُۥ حَيَوٰةًۭ طَيِّبَةًۭ ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا۟ يَعْمَلُونَ ) (7) سورة النحل: -  97  -
 هذا ما يخص الزعم الباطل، الذي لحق بالمرأة بل لاحق المرأة من أنها أساس كل خطيئة، ومن أنها جسد بلا روح، ومن أنها قرينة لشهوات الحيوان، وحبائل الشيطان، فبرأ التشريع الإسلامي ساحتها، مما لحق بها، ورد لها إنسانيتها وكرامتها، ورفع عنها اللعنة التي لحقت بها.

الاثنين، 20 فبراير 2012

تمهيد: الفصل الثالث الإسلام والمرأة

الفصل الثالث: الإسلام والمرأة
تمهيد:
لقد نظر التشريع الإسلامي إلى الذكر والأنثى نظرة واحدة، ورأى أن لكل آدمي حقه في الحياة، لا فرق في ذلك بين ذكر وأنثى، وأن لكل منهما مزاياه وفضائله، كما أن له عيوبه ونقائصه، وأن للأنثى وظيفتها في الحياة الخاصة، والحياة العامة، وأنه لا غنى البتة عن وظيفتها، هذه الوظيفة، التي ليست أقل شأنا من وظيفة الرجل، ولذا حارب الإسلام عادة وأد البنات البشعة، وقضى على هذه الرذيلة الممقوتة، وحفظ على الأنثى حياتها، كما حفظ على أخيها الرجل حياته.
وكما استحيا التشريع الإسلامي الأنثى مادياً، فقد استحياها أدبيا واجتماعيا، فقد جاء التشريع الإسلامي، والمرأة ذليلة مهينة مهيضة الجناح، مهضومة الحقوق، فرفع شأنها، وأعز مكانتها، وكفل لها أهلية تامة وكاملة، كأهلية الرجل، بعد أن كانت أشبة شئ بالرقيق، تُورث ولا ترث، وفرض لها من الحقوق ما يتلاءم مع فطرتها ومقدرتها، وحملَّها من التبعات ما هي أهل للقيام به، وقامت أحكامه على أصل ثابت، هو المساواة بين الرجل والمرأة.
وإذا كان هناك شئ من الفوارق اليسيرة، فإنه لم ينشأ عن كونها امرأة، وما نشأ إلا عن اعتبارات حقة، لا علاقة لها بالجنس، فأحكام التشريع الإسلامي، قد خلقت من المرأة خلقا آخر غير الذي كان من قبل، ونفخت فيها روح العزة والإباء، وجعلتها تحس وتشعر بكيانها وشخصيتها، وتعرف أن لها وضعا متساويا مع الرجل في الحقوق والواجبات، وأنها كما تسعى لكسب الحقوق تعمل على تحمل التبعات.
ولقد أحست النساء المسلمات بأن الرجال قد غلبوهن على التعليم والمعرفة ومجالس الموعظة، فلم يُطقن صبراً على تحمل هذا الحرمان، ولم يرضين بهذه الغلبة، فذهبت إحداهن إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقالت له:
يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً، نأتيك فيه، تُكلمنا مما علمك ا لله، فاستجاب – صلى الله عليه وسلم – لذلك وقال لها: ((( اجتمعن في يوم كذا في موضع كذا ))) فكن يجتمعن، ويأتيهن – عليه الصلاة والسلام – فيُعلمهن مما علمه الله.
وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء، واستمرت هذه العادة في صدر الإسلام، ولكن هذا الوضع لم يُرض النساء، وذهبت إحداهن إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – لتُدافع عن حق المرأة، فقد مات أوس بن ثابت عن مال، وله زوجة وثلاث بنات، فاستولى وصياه على كل ماله، جرياً على عادتهم، فذهبت زوجته إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقصت عليه القصة، وقالت: من أين نُطعم؟! وكيف نعيش؟! ولِمَ تُحرم المرأة من مال أبيها وزجها؟! وأنىَّ للبنات أن يتزوجن، ولا مال لهن؟!.
فقال لها – صلى الله عليه وسلم -: ارجعي إلى بيتك، حتى أنظر ما يُحدث الله في أمرك؟! ثم نزلت آية المواريث، التي صانت حقوق النساء، فأرسل – صلى الله عليه وسلم – على الوصيين وقال: لا تقربا من مال أوس شيئاً)
ولما كُتب الجهاد على الرجال، قالت النساء: لقد فاتتنا تبعات الجهاد وأجره، ولو كُتب علينا القتال لقاتلنا، وذهبت وافدة النساء أسماء بنت يزيد تقول للنبي – صلى الله عليه وسلم -: إني رسول النساء إليك، وما منهن امرأة علمت أم لم تعلم، إلا وهي تهوى مخرجي إليك – الله رب – الرجال والنساء، كتب - الله – الجهاد على الرجال، فإن أصابوا أثروا، وإن استشهدوا كانوا أحياء عند ربهم يُرزقون، فما يعدُل ذلك من أعمالهم من الطاعة، فأرشدها – صلى الله عليه وسلم – إلى أن أعمال المرأة كزوجة، وأعمالها كأم تعدُل في الطاعة أعمال الرجال المجاهدين في سبيل - الله -.
هذا قليل من كثير مما فعله الإسلام للمرأة وبالمرأة، وهذا المظهر الذي تًرشد إليه هذه الحوادث وأشباهها، مظهر لا يمكن أن يكون إلا لامرأة تعيش في ظل تشريع قد ملأ نفسها عزة وكرامة، وبنى لها شخصية كاملة، ولكن الله قد ابتلانا قديماً وحديثاً بمنْ لا هم لهم إلا الهمز واللمز، والتكلم في بعض الفوارق بما لا يفهمون.

كما ابتلانا بمنْ يتأولون النصوص؟، ويسيئون استعمال الحقوق، ثم تُحسب أعمالهم على التشريع الإسلامي، لا لشئ إلا لأنهم مسلمون، كما ابتلانا ببعض النسوة اللاتي لا يُردن التزام حدود الله، ولا الوقوف عند أحكامه، وفيها الخير للرجال والنساء على السواء، قال تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ)(1) القصص:- 56-
تلك لمحة سريعة في شئ من الإجمال لما فعله الإسلام للمرأة وبالمرأة، التي كانت ذليلة فأعزها، وميتة فأحياها، وموروثة فأورثها، فهيا بنا نرى في شئ من التفصيل: ماذا فعل الإسلام للمرأة وبالمرأة.؟!

السبت، 18 فبراير 2012

الباب الثالث: الإسلام والمرأة


الباب الثالث
الإسلام والمرأة

·      أولا القيمة الإنسانية:
§      الزعم الباطل.
§      رفع التشاؤم.
§      أمانة وذمة.
§      النفقة.
§      دفع الضرر.

·      ثانيا: احترام الإسلام لفكر وعقل المرأة.


·      ثالثا: المساواة بين الرجل والمرأة.
§      حق الميراث.
§      أخذ البيعة.
§      الأمر والنهي في العبادات والمعاملات.
§      الأهلية التامة.
§      التعليم.
§      العمل.
§      القضاء.
 
·      رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة.
§      الرجال قوامون على النساء.
§      المرأة نصف الرجل في: الميراث، الشهادة، العتق.
§      تعدد زوجات الرسول – صلى الله عليه وسلم –
§      ملك اليمين.
§      الحجاب.
§      بقاء المرأة في المنزل.
§      الضرب والهجر.
 §      الطلاق.
·      خامسا: وصايا الرسول – صلى الله عليه وسلم – للمرأة.

الجمعة، 17 فبراير 2012

(16) وأد البنات ما بين العصر الجاهلي في الماضي والعصر المتقدم في الحاضر: الباب الثاني: مكانة ومنزلة المرأة في العصور التاريخية المختلفة (15) وأد البنات ما بين العصر الجاهلي في الماضي والعصر المتقدم في الحاضر:


(16) وأد البنات ما بين العصر الجاهلي في الماضي  والعصر المتقدم في الحاضر:
 من فوق الثرى يخترق صوتُها أعماق الكون؛ لسان حالها يردّد "بأيِّ ذنبٍ قُتلت".. صرخاتُ زهرةٍ يانعة ذَبُلَتْ قبل أوانها، وأنينُ شمسٍ غَرُبَتْ في مقتبل عمرها.. إنها موءُودة العصر الجاهلي  التي اغتالتها موروثاتٌ بائدة؛ جثمت على الفكر الذكوري عقوداً من الزمن، والتي صنفت "الأنثى" على أنها عارٌ يجب التخلُّص منه حتى يعيش الرجل حياةً طاهرةً نقيّةً بعيداً عن "فضيحة الأنثى"
(أ) وأد البنات في العصر الجاهلي:
 الوأد:هو دفن الإنسان حياً وكانت عادة الوأد من العادات التي يمارسها العرب في فترة ما قبل الإسلام، وبمقارنتها بقوانين حماية الإنسان في هذه الأيام فإنها تعتبر من أقصى أنواع الظلم والطغيان، فلقد خلق الله تعالى - الذكر والأنثى وجعل كلا منهم مكملاً للآخر، فالرجل لطلب الرزق والمرأة للولادة وتربية الأولاد، ولما كان الذكور يمتازون على الإناث بالقوة العضلية، التي تؤهلهم لكسب المال والدفاع عن القبيلة فقد كان الكثير من الناس منذ القديم يقتلون الأطفال الإناث خوفاً من الفقر والعار، أما الذكور فقد كانوا يعاملوا معاملة جيدة فهم يحمون القبيلة ويأتون بالمال وكان العرب في الجاهلية يقتلون البنات وقد أصطلح على ذلك بوأد البنات، قال الله - تعالى -  في حق من يفعل ذلك:(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)(59)[سورة النحل].


بداية و تاريخ الوأد في الجاهلية:

·   يختلف الباحثين حول تاريخ الوأد لكن معظمهم يرجعها لغزوة النعمان بن المنذر ملك الحيرة على قبيلة بني تميم حين أخذ سبايا قبيلة عربية و من بين السبايا كانت ابنة قيس ابن عاصم و حين خير النعمان السبايا بحرية العودة و تحريرهم ففضلت ابنة قيس بن عاصم  البقاء عند منْ سباها، و لم تعد لزوجها، فأقسم بوأد كل بنت تلدها زوجته.

·   و هناك رواية ثانية تقول أن الوأد بدأ عند قبيلة ربيعة حيث روي أن كانت إحدى السبايا ابنة أمير من قبيلة ربعة بعد الصلح فضلت سابيها على أبيها لكن من المتفق عليه أن بني تميم و بني كندة و بني ربيعة كانوا من القبائل التي انتشر فيها وأد البنات حيث الكثير من الباحثين يشككون بان وأد البنات كان عاما و ذلك  لأنه قبل الإسلام كان الرجل يتزوج عشر نساء و ليس فقط أربع و لو كان وأد البنات في كل القبائل لما بقي هناك جنس عربي حسب رأيهم.

 بأي ذنب قُتلت

 كيفية وأد البنات في الجاهلية:

·      يروي لنا ابن عباس – رضي الله عنه – طريقة من طرق وأد البنات

في الجاهلية فيقول: أن الحوامل إذا قاربت ولادتها، حفرت حفرة، فمخضت على رأسها، فإذا كان المولود أنثى، قذفت بها إلى الحفرة، وإذا كان المولود ذكراً استبقته في حنان وعزة.

·   كما كانت هناك طريقة أخرى للوأد وهي: أن الرجل يترك البنت حتى السادسة من عمرها،فإن أراد التخلص منها، قال لأمها: طيبيها وزينيها، حتى أذهب بها إلى أحمائها، ثم يذهب بها إلى بئر حفرها في الصحراء، ويقول لها انظري في هذه البئر، ثم يأتي من خلفها ويدفعها في البئر، ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض، وهكذا كان حال هذه البريئة، تُقتل على هذه الصورة البشعة الخالية من كل خصائص الرحمة؟! فلماذا كانت تُقتل؟!

صراع لا ينتهي لا ذنب لي فيه:يبدد احلامي يجرني الي بئر عميق حالك الظلمة قلبي الصغير يرتجف 

·     روي أن رجلاً من أصحاب النبي (ص) وكان لا يزال مغتماً بين يدي رسول الله (ص) فقال له رسول الله (ص): ما لك تكون محزوناً؟ فقال: يا رسول الله إني أذنبت ذنباً في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله لي وإن أسلمت، فقال له: أخبرني عن ذنبك؟ فقال: يا رسول الله، إني كنت من الذين يقتلون بناتهم، فولدت لي بنت فتشفعت إلي امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت، وصارت من أجمل النساء فخطبوها، فدخلتني الحمية، ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زواج، فقلت للمرأة إني أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي فابعثيها معي ، فسرت بذلك، وزينتها بالثياب والحلي، وأخذت علي المواثيق بألا أخونها، فذهبت إلى رأس بئر فنظرت في البئر، ففطنت الجارية أني أريد أن ألقيها في البئر فالتزمتني وجعلت تبكي وتقول: يا أبت إيش تريد أن تفعل بي؟ فرحمتها، ثم نظرت في البئر فدخلت عليّ الحمية، ثم التزمتني وجعلت تقول: يا أبت لا تضيع أمانة أمي! فجعلت مرة أنظر في البئر ومرة أنظر إليها فأرحمها، حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة، وهي تنادي في البئر: يا أبت قتلتني؟! ومكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت.
فبكى رسول الله (ص) وأصحابه، وقال: لو أُمرت أن أعاقب أحداً بما فعل في الجاهلية لعاقبتك.

 الفقر

أسباب وأد البنات في الجاهلية

يرجع وأد البنات إلى عدة أسباب نجملها فيما يلي:

(1)          العامل الإقتصادي:

قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْـٔ ا كَبِيرًا ) سورة الإسراء: - 31 -  توضح تلك الأية الكريمة أن من بين عادات العرب الجاهلية قتل الأبناء خشية الفقر والفاقة، ذلك أن طبيعة البيئة العربية، وطبيعة حياة العرب القائمة على الرعي، والتنقل خلف العشب والكلأ، علاوة على شظف الحياة، الذي كانت تعاني منه جموعهم، كل هذه الأمور كانت دافعهم إلى التخلص من البنات فور ولادتهن.

فقد ذكر بعض المؤرخين أن سنين شديدة كانت تنزل بالناس تكون قاسية على أكثرهم ولا سيما على الفقراء، فيأكلون (العلهز) وهو الوبر بالدم، وذلك من شدة الجوع، وبهذا الفقر وهذه الفاقة وذلك الاملاق، كل هذا حملهم على وأد البنات حذر الوقوع في الغواية

 

(2)       خشية زواجهن بغير الأكفاء:

يتضح ذلك من قيس بن عاصم حيث قدم إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – واعترف له – صلى الله عليه وسلم – بأنه ما ولدت له بنت إلا ووأدها، فسأله أحد المهاجرين عن سبب ذلك قائلا: فما الذي حملك على ذلك، وأنت أكثر العرب مالا، فكان الجواب الواضح من قيس حيث قال: مخافة أن ينكحن مثلك.

 

  عادات وتقاليد العرب في الزواج والنسب قديما

(3)      هن رجس:

ومن أسباب وأد البنات في الجاهلية: الاعتقاد بأن البنت رجس من عمل الشيطان، أو من خلق إله غير آلهتهم، ولهذا يجب التخلص منها حتى لا تحمل لعنة الآلهة(1) الإسلام والأسرة: د/ محمود بن الشريف ص 17

  السبايا

(4)         الخوف من العار:

فقد كانت حياة العرب قائمة على الحروب، وكان حالهم ما بين نصر وهزيمة، مما يجعل نساءهم عُرضة للسبي، وبالتالي يلحق بهم العار لذلك، حيث أن السبية كانت تُباع في الأسوق، وقد تُكره على البغاء، وفي ذلك ذلة وعار بالنسبة للعربي، ومما يؤيد ذلك ما حدث مع قبيلة تميم، التي كانت خاضعة لسلطان النعمان بن المنذر ملك الحيرة،فمنعوه ضريبة الأتاوة التي كانت  مفروضة عليهم، فجرد عليهم النعمان أخاه الريان مع (دوسرا) إحدى كتائبه وكان أكثر رجالها من بني بكر بن وائل،  فهزمتهم الحملة، وسبت نساءهم، فاستاق النعمان سبي ذراريهم، فوفدت وفود بني تميم على النعمان بن المنذر، وكلموه في الذراري، فحكم النعمان بأن يجعل الخيار في ذلك إلى النساء، فأية امرأة اختارت زوجها ردت إليه، وإذا ما اختارت سابيها بقيت معه،فشكروا له هذا الصنيع.

 

وكانت من بين النساء بنت قيس بن عاصم، فلما خُيرت، فاختارت سابيها عمرو بن المشمرخ على زوجها، فغضب قيس بن عاصم، ونذر أن يدس كل بنت تولد في التراب، وبالفعل وفىِّ نذره، حتى بلغ عدد بناته، اللاتي دسهن في التراب ست بنات، وبه اقتدت بنو تميم، وبهم اقتدى العديد من القبائل العربية.

  عار السبايا والجواري عند العرب في الجاهلية

(5) العيوب الخلقية:

ومن القبائل مَن كانت تئد البنات، لا لغيرة أو خوف من عار، بل إذا كانت مشوهة أو بها عاهة مثلاً: إذا كانت زرقاء ... أو سوداء ... أو برشاء ... أو كسحاء ... ويمسكون من البنات مَن كانت على غير تلك الصفات لكن مع ذل وعلى كره منهم

 

(ب) وأد البنات في العصر الحديث:

وأد البنات في الوقت الحاضر أخذ شكلا آخر وهو إسقاط الحامل لحملها بعد أن تعرف بأنها حامل ببنت عن طريق الكشف بواسطة السونار. و هذه العادة آخذة بالانتشار وخصوصا في الصين

(1) وأد البنات في الصين:

 نشرت مجلة أمريكية معروفة اسمها (The Christian Science) في عددها الجمعة 19/10/2007 مقالة مهمة بعنوان (فائض الذكور في الصين: قنبلة جيوسياسية موقوتة) (China s surplus of sons: A geopolitical time bomb) ولقد جاء فيها (إن سياسة الطفل الواحد التي تفرضها الحكومة الصينية على شعبها بدأت عواقبها الوخيمة تتضح, مشيرة إلى أن نسبة خمسة إلى ستة ذكور مقابل كل أنثى بالصين وهو ما يعني أن كثيرا من الرجال لن يتمكنوا من إنشاء أسر خاصة بهم وإن الصين مدعوة بإلحاح إلى التغلب على أنواع الخلل الاجتماعي والقانوني التي تضافرت لتنتج عنها الوضعية الحالية.


وذكرت أن ثقافة  اختيار الابن الذكر متجذرة ومنتشرة في كثير من الثقافات, إذ يرى كثير من الناس عبر العالم أن الابن الذكر ضروري لضمان المستقبل المالي للعائلة ورفاهيتها الاجتماعية،وأضافت أن حجم ووضع هذه المشكلة في الصين مخيف، لأن سياسة الطفل الواحد تضع ضغطاً هائلا على الوالدين الصينيين كي يحددوا جنس ولدهم وهو في رحم أمه ويجهضون الحمل إن كان بأنثى.
وبحسب مجلة علوم الطب البريطانية (The New England Journal of Medicine  Research ) فإن عدد الإناث التي يتم وأدهم سنوياً على مستوى العالم حوالي 100مليون فتاة حيث يقدر حوالي 15 مليون فتاة يتم وأدها في الصين لوحدها، وتساءلت الصحيفة عن عواقب مثل هذه السياسة في العقود القادمة فقالت إنها ستفاقم مشكلة تهريب النساء, التي ستتضرر منها المجتمعات النامية أكثر من غيرها،كما أشارت إلى أن فائض الذكور قد تنجم عنه قلاقل إقليمية قد تنتشر لتصبح مشكلة أمنية دولية.
 
 ونقلت في هذا الإطار عن الكاتبتين: فاليري هودسون وأندريا دن بور قولهما في كتابهما حول الديمغرافيا والأمن  الغصون المتشعبة  إن فائض الذكور في منطقة ما غالبا ما ينجم عنه تفش للعنف من خلال السطو أو الاحتجاج أو الانضمام للعسكر أو الجماعات المسلحة،وختمت الصحيفة بمطالبة العالم بالضغط على الصين للتخلي عن سياسة  الطفل الواحد  والتعلم من أخطاء الماضي لتفادي كارثة دمغرافية وقلاقل جيوسياسية كبيرة في المستقبل)(3) المراجع والمصادر

(3) المراجع والمصادر:

The Christian Science

مقالة بعنوان

China s surplus of sons: A geopolitical time bomb

http://www.csmonitor.com/2007/1019/p09s02-coop.html

موقع الجزيرة نت

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/5B9625C4-8044-423B-89CE-3348FE9109A3.htm

The New England Journal of Medicine  Research

http://content.nejm.org/

http://en.wikipedia.org/wiki/One-child_policy   

السونار

(2) وأد البنات في الهند:

  وأد البنات في الهند بسبب غلاء المهور

تعتقد الأسر الهندية أن الأولاد استثمار للمساعدة في كسب العيش، ومن ناحية أخرى تسعى للتخلص من البنات خوفا من جمع المهر لزواجهن في المستقبل، وحسب دراسة نشرتها مجلة "لانست" الطبية تمت خلال العشرين عاما الماضية حوالي 20مليون عملية إجهاض في الهند، للتخلص من الإناث، الأمر الذي أدى إلى خلل كبير في نسبة الذكور إلى الإناث في بعض الولايات مع أن الفحص لمعرفة جنس المولود غير قانوني في الهند.

وفي البداية تدفع الحكومة الهندية مبلغ 15.500روبية (حوالي 190جنيه إسترليني) لكل أسرة فقيرة تربي بنت. وعندما تبلغ الفتاة سن 18عاما، تحصل أسرتها على مبلغ 100.000روبية، بشرط حصولها على قدر معين من التعليم والتحصين وألا تكون متزوجة. وسوف يطبق هذا النظام في سبع ولايات لمكافحة التمييز بين الذكور والإناث.

أسرة هندية الإناث فيها أكثرية

وتقول رينوكا تشاودهوري الوزيرة الهندية المسئولة عن تنمية المرأة والطفل "نعتقد أن هذا سيجبر الأسر على النظر الى البنت كرصيد وليس وليست الأسر الفقيرة التي تعيش في الريف هي فقط التي تفضل المواليد الذكور فقد أظهرت دراسة أعدتها جمعية الطب المسيحية صدرت حديثا أن قتل الأجنة منتشر حتى في العاصمة الهندية خاصة في الأسر التي أنجبت إناثا بالفعل. وتوصل الباحثون في الدراسة التي استمرت عشر سنوات للمواليد في مستشفيات نيودلهي وبدأت من عام 1993-1994 إلى أن نسبة الذكور للإناث انحرفت بشكل غير طبيعي في الأسر التي أنجبت بنتا فيما يشير إلى ارتفاع معدل إجهاض الأجنة الإناث.

وأظهرت الدراسة أن عدد المواليد من الإناث بلغ 542 لكل ألف ذكر إذا كان الطفل الأول أنثي. وإذا كان أول طفلين من إناث يبلغ المعدل 219 أنثي لكل ألف ذكر.

  معرفه جنس الجنين بالأشعة التليفزيونية ( السونار ) فى هذه المرحلة

وقال جو فارجيس من الجمعية لرويترز "دراستنا تظهر أن 50 بالمئة من الأجنة الإناث يتم إجهاضها إذا كانت بنتا ثانية وبعد إنجاب بنتين فان نحو ثلاثة أرباع الأجنة الإناث تجهض."
ورغم الحظر تزدهر أنشطة تحديد نوع الجنين فالعديد من العيادات الطبية تعرض خدمة الأشعة بالموجات فوق الصوتية لتحديد نوع الجنين مقابل 500 روبية (11.50 دولار) فقط. وهناك لافتات في بعض أرجاء البلاد كتب عليها "ادفع 500 روبية الآن ووفر 50 ألفا في المستقبل" في إشارة إلى المهور التي يدفعها أهل العروس لتتزوج بناتهن.       
ويستخدم الأطباء الشفرة في إبلاغ الأسرة بنوع الجنين فيقولون مثلا إن المولود القادم سيكون "مقاتلا" إذا كان ذكرا أو يقولون إنها "عروس" إذا كانت بنت.

ويقول فارجيس "مع اختيار الأسر الاكتفاء بطفلين يتزايد الضغط لإنجاب صبي."

وأضاف "أخل ذلك بنسبة الذكور للإناث الأمر الذي ينذر بكارثة على المدى الطويل تهدد التشكيل النوعي للمجتمع."

وتفضل العديد من الأسر الأولاد إذ يعتبرونهم تأمينا لهم في الكبر في دولة تفتقر لنظام معاشات في حين تترك البنت منزل أهلها عندما تتزوج وتأخذ معها مهرا ضخما في صورة أموال أو ممتلكات أو سلع أخرى مثل الثلاجات "البرادات" وغيرها.

وتشن الحكومة بمساعدة منظمات أهلية حملة على العيادات التي تجهض سرا الأجنة الإناث.

وقال سوشما راث المسئول البارز بوزارة الصحة "بدأنا كذلك في إشراك الزعماء الدينيين ونطلب منهم إدراج مثل هذه القضايا في تعاليمهم."
وتدير الحكومة حملة تلقي الضوء على أهمية البنات الصغيرات في مجتمع مازال يشهد التخلص من المولودة بتركها في شبكة الصرف الصحي أو صناديق القمامة أو على أبواب دور الأيتام.

وقالت موظفة حكومية في دلهي أنجبت ابنتها الخامسة في الفترة الأخيرة "كيف يمكننا تحمل تكلفة تربية كل هذا العدد من البنات."
وأضافت أنها كانت ترغب بشدة في الإجهاض عندما علمت أن الجنين أنثى لكنها لم تستطع لأنها كانت تعاني من ضعف شديد. وقالت "مازلت أريد إنجاب صبي لكن لا أعرف إن كنت سأتحمل المخاطرة."

(ج) موقف الإسلام من وأد البنات:


إن وأد البنات موجب لغضب الله تعالى كما أنه يتسبب بأضرار خطيرة للمجتمع فالله - سبحان وتعالى -  خلق عدد المواليد الذكور أقل بقليل من النساء حيث تقدر الإحصائيات العالمية أن النسبة الطبيعية للولادات في العالم حوالي ((104) ذكر مقابل (120)أنثى) وهذه النسبة تقريبا تتيح لكل ذكر أن يتزوج من أنثى، أما الباقي من النساء فيتم سده من خلال نظام تعدد الزوجات الذي شرعه الإسلام بحيث يكون المجتمع كله عبارة عن أسر متماسكة، أما في حالة وأد البنات تزداد نسبة الذكور على النساء، مم يؤدي إلى تناقص الولادات فالمرأة خصها الله - سبحانه -بالولادة والإنجاب، وبنقصان عددها في المجتمع يتناقص هذا المجتمع إلى أن ينقرض، ويتلاشى.

فلقد خلق الله-  تعالى -  الذكر والأنثى وجعل كلا منهم، مكملاً للآخر فالرجل لطلب الرزق، والمرأة للولادة وتربية الأولاد، ولما كان الذكور يمتازون على الإناث بالقوة العضلية، التي تؤهلهم لكسب المال والدفاع عن القبيلة، فقد كان الكثير من الناس منذ القديم يقتلون الأطفال الإناث خوفاً من الفقر والعار، أما الذكور فقد كانوا يعاملوا معاملة جيدة فهم يحمون القبيلة ويأتون بالمال وكان العرب في الجاهلية يقتلون البنات وقد أصطلح على ذلك بوأد البنات، ولما جاء الإسلام حرم هذه العادة القبيحة تحريماً شديداً فقد قال الله تعالى في حق من يفعل ذلك:(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)(59)[سورة النحل].

وقد حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأد البنات فعَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ؟! قَالَ: أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ. قَالَ: ثُمَّ أَيْ؟! قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ .قَال:َ ثُمَّ أَيْ؟! قَال:َ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ}(4)ورد في صحيح البخاري باب صلاة النساء خلف الرجال.

وعن عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إن الله تعالى حرم عليكم : عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات، وكره لكم: قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) (5) الجامع للسيوطي رقم : 1749، تحقيق الألباني (الحديث صحيح).

  وخير ما نختتم به كلامنا عن مكانة المرأة عبر العصور التاريخية المختلفة، وفي ظل الأديان التي سبقت ظهور الإسلام العظيم، ومدى ما وصلت إليه من ذلة ومهانة، فلم يُعرف لها حق، ومدى الامتعاض الذي كانت محاطة به، كلام الأستاذ/ قاسم أمين حيث قال:

  قاســــم أميـــــــن

ترتب على دخول المرأة في العائلة حرمانها من استقلالها، لذلك كان رئيس العائلة عند الرومان واليونان والجرمانيين والهنود والصينيين والعرب، مالكا للمرأة، كان يملكها كما يملك الرقيق بطريق البيع والشراء، بمعنى أن عقد الزواج، كان يحصل على صورة بيع وشراء، وكان الرجل يشتري زوجته من أبيها، فتنتقل إليه جميع حقوق الأب، ويجوز للزوج أن يتصرف فيها بالبيع لشخص آخر(6) مقارنة الأديان: د/ أحمد سلبي ج 3 ص 218.